سافرت ذات يوم إلى إحدى المدن المصرية، وعند عودتي وبعد قضاء حاجتي بها ذهبت إلى محطة القطار وقمت بحجز تذكرة عودة إلى مدينتي، ثم قصدت الرصيف المحدد لوصول القطار وجلست منتظرا موعد قدومه، وإذا بصديق لي من مدينتي يجلس بجانبي منتظرا نفس القطار، وصديقي هذا يدرس بإحدى الكليات التي توجد في هذه المدينة، تبادلت الحديث معه حيث لم أره منذ شهور، وأثناء ذلك وصل إلى المحطة قطار آخر كان مقرر وصوله قبل قطارنا، وإذا برجل أعمى يمسك بيده أحد الرجال ويساعده في النزول من القطار،كانت عينا الرجل تبحثان عن أحد ليسلمه هذا الشخص الضرير حتى يساعده على الخروج من المحطة بسلام ليعود إلى القطار مرة أخرى باتجاه مدينته، ولاحظ صديقي ذلك فأعطاني أغراضه الخاصة بسرعة شديدة وأخذ بيد الرجل الأعمى وساعده في الخروج إلى خارج المحطة وأيضا في ركوب تاكسي أجرة ليوصله إلى منزله.
عاد صديقي ووجهه مبتسم نتيجة لما فعل، لحظات ثم وصل قطارنا وتحدثنا طوال الطريق عما أنعم الله علينا به من فضل وكرم، وعن حال أمثال الرجل الأعمى الذي أخذ الله منه بصره وكيف أن الله لطيف بعباده فيسخر له من البشر لخدمته ومساعدته، وعندما كان القطار على وشك الوصول إلى مدينتنا أخبرني صديقي أنه ذهب ظهرا لأداء امتحان مادة ما في الجامعة لكنه فوجئ بتغيير ميعاد أداء الامتحان دون أن
تُخطره الجامعة، حيث قام جميع الطلبة بتقديم الامتحان بعد ان عرفوا بان موعده قد تقدم ، فتعجبت كثيرا منه وسألت نفسي كيف
تصرف معي منذ أن رأيته ومع هذا الرجل الأعمى رغم مصيبته هذه خاصة أنه يدرس في السنة النهائية وستؤثر هذه المادة على شهادته، فلو كان أحدا غيره لكان يبكي ويتحسر على ما حدث له، ولكنه تقبل قدرالله ورضي به، بل وقدم خيره لغيره.
منا من فقد أحد أبنائه، ومنا من لم يوفق في دراسته، ومنا من خسر ماله أو تجارته أو وظيفته، ومنا من فقد أحد أبويه، ومنا من ابتلاه الله بمرض أو فقدان أحد أعضاء جسده، ومنا من كثرت عليه الديون، ومنا من دخل السجن ظلما،..... تتعدد أشكال المصائب والكوارث التي تحل بنا، ولكن الشعور والإحساس بالذي يصيبنا واحد فهو شعور باليأس والإحباط والندم والضيق، والقليل منا من يشكر ويصبر ويرضى بقضاء وقدر الله فلا يفكر أنه طالما أخذ بالأسباب فهذه إرادة الله النافذة لخير وحكمه لا يعلمها إلا هو، وأن علينا أن نكمل الحياة وكلنا يقين وأمل وتفاؤل بأن الله سيعوضنا خيرا، وإن حدث ذلك نتيجة لأفعالنا فعلينا أن نحاسب ونراجع أنفسنا ولا نحزن لأن حزننا لن يعيد الزمن إلى الوراء ولن يغير من شيء.
إشراقة ملهمة:
المبادرون يحددون خياراتهم بناء على القيم والمبادئ. إنهم يفكرون قبل أن يتصرفوا، ويدركون أنهم لا يمكنهم السيطرة على كل شيء يحدث لهم، ولكنهم يمكنهم السيطرة على تصرفاتهم حيال هذا الذي يحدث. وعلى عكس المستجيبين الممتلئين بالغازات الكربونية الفوَّارة، فإن المبادرون يشبهون الماء. هزّهم كما يحلو لك وانزع غطاء الإناء، لا شيء يحدث. لا فوران، ولا فقاعات، ولا ضغط إنهم هادئون، رابطو الجأش، مسيطرون على أنفسهم وعلى انفعالاتهم. شين كوفي.