الــيـــابــان هــي بـلا شــك أرض الــعـيـون الـساخـنـة
يعشق اليابانيون العيون الساخنة ولسبب غامض فإنها تزيل عنهم التوتر بمجرد رؤية البخار المتصاعد منها، وهناك ما يزيد على 3000 منتجع للعيون الساخنة في كافة أنحاء اليابان وهو رقم لا زال يتزايد عاماً بعد عام.
ويتعلق اليابانيون بدفء العيون الساخنة بشغف حتى إنهم مستعدون للذهاب إلى أي مكان لمجرد الغطس في حوض ماء ساخن
.اليابان هي بلا شك أرض العيون الساخنة، فهناك ما يزيد عن 26000 عين ساخنة تنتشر في أنحائها، وطبقاً لأقوال علماء الجيولوجيا فإن التقنيات الحديثة للتنقيب والحفر العميق جعلت المياه المعدنية تنطلق فاترة في كل مكان تقريباً من الأرخبيل الياباني.
والواقع أن العيون الساخنة هي جزء من حياة الكثير من اليابانيين وقد استمتع اليابانيون كثيراً بالاستحمام في العيون الساخنة منذ القدم وقد ابتكروا وسائل عديدة للتمتع بقضاء وقت طيب بالقرب من تلك المياه الطبيعية وبخارها الكثيف.
يقع منتج كوساتسو في المركز تقريباً من جزيرة هونشو وبالتحديد في شمال غرب محافظة جونما، وهو واحد من أشهر المنتجعات الساخنة، والبعض يقول أن البطل الأسطوري الأمير ياماتو تاكيرو هو الذي اكتشفه منذ عهد قديم، بينما يقول البعض الآخر أنه من اكتشاف الراهب البوذي جيوكو (668-749).ولأسباب غير كاملة الوضوح نجد الرهبان وغيرهم من رجال الدين البوذيين يظهرون كثيراً من التقديس في التاريخ القديم للمنتجعات الساخنة اليابانية.
حيث كان العلاج الطبي في تلك الأيام لا زال بدائياً ولعله أمر طبيعي أن يؤمن الناس بأن المياه المعدنية لها قوة سحرية على شفاء الأمراض وإلتئام الجروح، ولعل هذا ما يفسر الربط بين مشاهير الرهبان والعيون الساخنة في الأساطير اليابانية القديمة.
وأول ما يلفت الأنظار مكان واسع يمتلي بالمياه المعدنية الساخنة ويطلق عليها اسم يوباتكي أو (حقل المياه المتبخرة) وتأتي كلمة حقل من الصفوف المنتظمة من الأحواض الخشبية المحتوية على مياه العين المعدنية وقد تصاعد منها بخار كثيف.
ما يجب وما لا يجب ..
1- اخلع ملابسك كاملة في حجرة خلع الملابس.إذا كان شعر الرأس طويلاً يلزم رفعه وربطه بقطعة مطاطية حتى لا يلمس الماء في أحواض الغطس.
2- استحم في منطقة الاغتسال. لا تستخدم الصابون بأي حال في أحواض الغطس.
3- عند حوض الغطس وبجانب حافته اسكب ماءً ساخناً من الحوض على جسمك عدة مرات باستخدام الوعاء الصغيرة. هذا يمنع حدوث صعود مفاجئ لضغط الدم نتيجة الغطس المفاجئ في الحوض.
4- ادخل في الحوض تدريجياً كي يتأقلم جسمك ببطء على حرارة المياه. احرص على مغادرة المياه قبل أن تصاب بدوار.
5- لا تدع منشفتك تسقط في الحوض.
6- لكي تحتفظ بمعادن العيون فوق جسمك لا تشطف جسمك بعد مغادرة الحوض.
7- في منطقة الاغتسال جفف جسمك (حتى أصابع القدمين) حتى لا تبلل أرضية ومقاعد حجرة خلع الملابس.
8-جفف شعرك جيداً وانعش نفسك بنسمة خفيفة من نافذة مفتوحة احترس حتى لا تصاب ببرد.
9- انتظر لعدة ساعات قبل الغطس في الحمام مرة أخرى. لا تدخل حوض الغطس أكثر من 3 مرات تقريباً في اليوم الواحد
.بعد ذلك يسارع السياح خارجين من فنادقهم عند الفجر وهم يلتفون في أردية قطنية تشبه تلك التي يرتديها الرهبان البوذيون وتعرف باسم يوكاتا، ويضع السياح في أقدامهم خف الاستحمام وتتدلى من أياديهم سلال صغيرة توجد فيها احتياجاتهم الضرورية.
ولكل فندق أسلوبه الخاص في أردية اليوكاتا فبعضها يحمل نماذج جريئة وأخرى ذات ألوان هادئة، ويبدو الأشخاص الذين يرتدونها مثل أعضاء فرق رياضية متنافسة غير أنه يجمعهم كلهم مقصد واحد وهو دوجو أونسن أي أقدم ينبوع للمياه الحارة في اليابان ويقع في مدينة ماتسيواما بجزيرة شيكوكو.
وتأخذ حمامات أونسن عدة أشكال فيمكن أن تكون صغيرة وضيقة أو واسعة المساحة كما يمكن أن تكون متواضعة أو أنيقة أو أن تحيط بها المناظر الطبيعية الساحرة أو أن تكون متواجدة خلف جدران مغلقة، وفي معظم هذه الحمامات تخصص أماكن منفصلة لكل من النساء والرجال.
وتبلغ درجة الحرارة في الحمام 40 درجة مئوية على الأقل، ويتعين الاغتسال بشكل كامل قبل دخول حوض الاستحمام، وتحيط بالحوض من أجل هذا الغرض وحدات للاغتسال مزودة بمرايا حيث يمكنك أن تجلس على مقعد يبدو أنه صنع خصيصا للأطفال ثم تسترق النظر لما يفعله اليابانيون.
ويقوم اليابانيون بتدليك أنفسهم من أعلى الرأس حتى أخمص القدم كما لو كانوا يحاولون إزالة آخر لون في بشرتهم، ويغسلون وجوههم ورؤوسهم بل كل جزء من أجسامهم بشكل دقيق مهما كان هذا الجزء صغيرا وكما لو كان لديهم فسحة من الوقت تكفي العالم كله، وفي النهاية وبعد وقت طويل يصعدون إلى مكان الماء ثم يجلسون وغالبا ما يكون ذلك في مجموعات، وهذا يعد النسخة اليابانية لحفلات الشاي.
وفي المساء يمتلأ دوجو أونسن بجموع من البشر بمختلف الفئات اعتبارا من الأطفال الصغار إلى المسنين، ويضج المكان بالأصوات العالية لدرجة يتعذر معها الاسترخاء بينما يسود الهدوء حمامات أخرى، وثمة حمامات خاصة رائعة ملحق بها مساحات خلوية بما يسمح للضيوف بأن يشاهدوا أشجار البامبو وهي تتأرجح بفعل حركة الرياح أثناء قيامهم بالاستحمام ثم تبريد أجسامهم بعد ذلك في الهواء الطلق.
وبعد الاستحمام يعود كل شخص إلى ارتداء اليوكاتا، وفي كثير من الحمامات يقدم للضيوف الشاي الأخضر وأنواع من الحلوى، وتعمل حمامات أونسن على تقوية الصحة الروحية والعاطفية لدى المرء، وهناك ينابيع خاصة لمختلف العلل ويتوجه الناس إليها مثلما يفعل الحجيج.