زمن غريب صارت البسة تكشر للذيب
صالح صلاح شبانة
حكاية تعبيرية من التراث الشعبي
اقوم باستعارة هذا العنوان من المثل الشعبي والذي يقول(زمن غريب صارت البسه تكشر للذيب) والبسة هنا هي القطه القوية على الفئران والحشرات ، وضعيفة وجبانة أمام الحيوانات الكاسرة مثل الذئب وغيره .
أما أن تصبح قوية لدرجة أن تكشر بوجه الذئب الكاسر المخيف حتى أن يصبح يرتعد أمامها ، فتلك آفة الأوافي ، وتسبب إختلالا في القواعد العامة .
أنا أولا:
أكره الديموقراطية العرجاء التي تزيد من قوة الأقوياء ،ومن جشع الحيتان ، وأن تصبح الحكومة التي هي ظل الله في الأرض (إذا جاز التعبير مع أن الشيخ شعراوي قاله في سياق مدح أحدهم) ، والتي هي التي تنشر العدالة وتقيم الحدود ، وتردع الظلم وتأخذ بحق الضعيف (من حبابي عنين القوي الظالم) والتي تقطع يد ورجل من يتحدى هيبة الدولة ويتحدى قراراتها ويخرج على حدودها وأمنها .
والأمن ليس هو شنق من يسرق رغيف الخبز ليأكل حتى لا يموت جوعا ، كما أبرز (فيكتور هوجو) في رائعته الأدبية العالمية (البؤساء) ، فأولئك لصوص صغار يكفي أن يُركب على حمار بالمقلوب ويُصفع ويُركل ولا مانع برشه ببصقة مبالغة بالإهانة ، فأولئك مساكين و يرهبون الحكومة رهبة شديدة، وأقل شرطي يسبب له الرعب ويشحطه وراء الشمس .
اللصوص الكبار المتنفذون الذين يسرقون عرق الإنسان ويحتكرون القوت ويستظلون بالقوانين التي تحميهم من بطش الفقراء إن أتت المجاعة ذات يوم ، وهي آتية لا محالة! مع أننا لا نرجو أنت تأتي تلك الساعة أبدا ، حتى لا نفقد الأمن بعد أن فقدنا وسائل الحياة الكريمة .
النفط شكل صعودا هائلا ، والحكومة رفعت (ايديها ورجليها) عن الدعم وألقت العبء على المواطن الذي صار يرقب أسعار النفط العالمية وصار قلبه يدق مع سهم البورصة كلما ارتفعت الأسعار لأن هناك لجنة لتسعير المشتقات النفطية التي ومنذ سقوط نظام الشهيد صدام حسين لم تشهد إلا الصعود ، فأمريكا التي تسرق النفط العربي عامة والعراقي خاصة ، وعلينا كمواطنين أن ندفع ذلك الثمن الغالي ونحن مطأطأي الرؤوس ، والذل يقطع أوصالنا بلا رحمة .
آمنا أن الحكومة (أمنا وأبونا والي رَبّونا ) وعلينا الإمتثال والصبر عسى أن يكون الفرج قريبا وعلى رأي المثل (بين العمود والعمود بفرجها الرب المعبود) .
ولكن ما حدث هو أن النفط توالى مؤخرا نزوله العالمي إلى نحو 20% أو أكثر ، وقامت الحكومة على لسان رئيسها بتخفيض الأسعار 05% ، دون أن تنظر إلى تسعير أي مرفق من مرافق الحياة ، والذي استفاد هم المافيات من أصحاب وسائل النقل وسواها دون أن نستفيد نحن أدنى فائدة ، اللهم بعض الفتافيت تم القاؤها لنا، كما تلقى أي عظمة ممصوة لكلب أو هر.....
إن المواطنين قيمة ومقاما أقل اهتمامافنحن الذين ندفع كل غلاء يحدث لأننا لاشيء وليس لنا قيمة أكثر من البعوض ، اللهم لا اعتراض على حكمك يا رب العالمين !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
ولكن ما حدث هو إضراب أصحاب المحطات عن العمل لأن الحكومة قامت بتخفيض السعر بنسبة 5% ، في حين أن الحكومة سبق لها وأن رفعت الأسعار إرتفاعا فاحشا لعدة مرات متتالية بأضعاف الأضعاف ، وفي سنة مثلا أصبح الكاز والسولار من دينارين إلى خمسة عشر دينارا للصفيحة الواحدة (20 ليترا) ، واستفاد أصحاب المحطات أموالا خيالية ، وقاسى الفقراء من هذه الزيادة الفاحشة الأمرين ، ومع ذلك لم تتخذ الحكومة إجراءات سريعة ولم نسمع أن الحكومة سجنت أو غرّمت أحدهم ، في حين قد تفعل ذلك بي لأنني ضعيف وقد (ينحرق فاطس فاطسي )في السجن ، ويرقص حيتان النفط على جثتي، وإنني أعترف أنهم أقوى مني وبأيديهم
من القوة والبطش ، وأنا خداج ، ولن يحميني السادة النواب لأنهم لا ينتمون إلى طبقتي ، وبالتالي أستحق ما يجري لي !!!!
التحرير والسوق الحر هو رفع الدعم الحكومي الكامل ، وتكون الأسعار حسب السوق العالمي ، والسوق عرض وطلب ، والتجارة ربح وخسارة ، مع أن التجار لا يخسرون لأن القاعدة في بلدنا الغالي أي شيء يصعد لا ينزل أبدا إلى قيام الساعة ، وأن التجار والمستوردين والذين يتحكمون بموارد البلد هم مافيا مجردين من الرحمة وهم فوق القانون ، ولهم الملايين والقصور والسيارات والطائرات الخاصة ، ولنا بطوننا الخاوية وأقدامنا الحافية وحياتنا القاسية !!!!!!
لهم الحكم والرسم والظلم ، وعلينا الطاعة والذل والإحتساب !!!!!
أريد أن أسأل : إذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة في وطنه ، ماذا بقي له من المواطنة ؟؟؟
أرجو من الذئب أن يكشر عن أنيابه ويفترس القط الذي أوصله الغرور أن يكشر بوجه الذئب والعدالة الإلهية هي التي منحت الذئب القوة ومنعتها من القط ، ونحن نرى بأم عيوننا ماذا حدث وأين وصلت الأمور بنا عندما صار الزمن (زمن غريب صارت البسه تكشر للذيب) ، وويييييييييييييييييييييييينك يا ذييييييييييييييييييييييييييب !!!
بقلم :الداعي بالخير صالح صلاح شبانة