التوجيه المدرسي نشأته ومفهومه ، وظائفه وأساليبه.
يعتبر التوجيه المدرسي حاليا ضرورة ملحة نتيجة التقدم التكنولوجي الذي شهده العالم, و ما خلفه ذلك من تعقيدات للحياة الاجتماعية و كثرة التخصصات التي يقف الطالب أمامها لاختيار نوع المهنة أو الدراسة التي يريد ممارستها مستقبلا, و ذلك مع ما شهدته المدارس الحالية من تزايد كبير في عدد الطلاب، والعجز عن استيعاب الكم الهائل من هؤلاء الطلاب, كما أن تطور الفكر التربوي الحديث الذي جعل من التلميذ محور العملية التربوية, وما لزم ذلك من إجراءات سيكوبيداغوجية لنمو شخصية المتعلم, وما يترتب عن ذلك من مشكلات تتعلق بالنظام و المنهج الدراسي و صعوبات التكيف مع زملائه والمدرسين كل ذلك جعل من التوجيهالمدرسي حاجة لا غنى عنها ضمن النظام التربوي ويزداد الاهتمام حاليا بالتوجيهالمدرسي نلمس ذلك من خلال عدد المتخصصين فيه وعدد الدراسات والبحوث المنشورة وعدد الكتب التي نشرت في هذا المجال.
1- مفهوم التوجيه المدرسي
يعرف زهران التوجيه المدرسي والمهني بأنه عملية مساعدة الفرد على اختيار مهنته ، بما يتلاءم مع استعداداته , وقدراته , وميوله ، ومطامحه ، وظروفه الاجتماعية ، وجنسه ، والإعداد و التأهيل لها والدخول في العمل ، والتقدم والترقي فيه ، وتحقيق أفضل مستوى ممكن من التوافق النفسي - المهني .
أما الجمعية القومية للتوجيه المهني في أمريكا فقد أقرت تعريفا للتوجيه المهني ينص على أنه " عملية مساعدة الفرد على أن يختار مهنة له و يعد نفسه لها و يلتحق بها و يتقدم فيها وهو يهتم أولاً بمساعدة الأفراد على إختيار و تقرير مستقبلهم ومهنهم بما يكفل لهم تكيفا مهنيا مرضيا " .
أما " سوبر( super) " فقد ذهب في كتابه سيكولوجية المهن إلى أن التوجيه المدرسيوالمهني عملية مساعدة الفرد على إنماء و تقبل صورة لذاته متكاملة و ملائمة لدوره في عالم العمل , و كذلك مساعدته على أن يختبر هذه الصورة في العالم الواقعي وأن يحولها إلى حقيقة واقعة بحيث تكفل له السعادة وللمجتمع المنفعة.
والتوجيه المدرسي مصطلح بين عدة مصطلحات تستخدم كمترادفات منها مثلاً (الارشاد في المدرسة والارشاد النفسي المدرسي و الارشاد التربوي و التوجيهالمدرسي …و غيرها ) و كل من هذه المصطلحات تلح في معناها على عملية مساعدة الطلاب على حل مشكلاتهم المدرسية بما يحقق لهم التوافق و الصحةالنفسية .
ويعرف " هيلر " التوجيه المدرسي بأنه المساعدة المقدمة الطلاب للتوجه المناسب واتخاذ القرار بشأن تحقيق الأهداف المدرسية التي يطمحون إليها . إن تعريف هيلر يتصف بالإختصار و التحديد إلا أنه يبدو مناسباً لأنه يتضمن العناصر الأساسية للتوجيهالمدرسي و هي المساعدة على اتخاذ القرار بشأن تحقيق الأهداف وفقاً للامكانات .
و يعرف " مرسي " التوجيه المدرسي بأنه مساعدة الطلاب على اختيار نوع الدراسة الملائمة لهم والإلتحاق بها و التوافق و التغلب على الصعوبات التي تعترضهم في أثناء دراستهم و في الحياة المدرسية بوجه عام .
يتضح من هذا التعريف بأن التوجيه المدرسي يهتم فقط بالمساعدة لإختيار نوع الدراسة و إنما أيضاً بالتكيف مع الدراسة و التغلب على صعوباتها و صعوبات الحياة المدرسية العامة .
من خلال هذه التعريفات للتوجيه المدرسييمكننا أن نعرفه إجرائيا على أنه مساعدة الطلاب على اكتشاف قدراتهم وإمكاناتهم للتمكن من استخدامها بشكل مناسب في اختيار الدراسة المناسبة لهم والالتحاق بها والنجاح فيها والتغلب على الصعوبات الدراسية التي تعترضهم لتحقيق التوافق مع الذات ومع المدرسة ومع المجتمع .
* التوجيه والتربية والتعليم
يهتم التوجيه المدرسي بمساعدة التلاميذ على اختيار نوع الدراسة الملائمة لهم, والالتحاق بها, والتوافق معها, والتغلب على الصعوبات التي تعترضهم في تعلمهم وفي الحياة المدرسية بوجه عام,و من هذا المنطلق يتحدد مجال التوجيه المدرسي في عرض فروع أو مقررات دراسية على التلميذ ليختار بينها.
ويختلف التوجيه المدرسي عن التربية في أنه يساعد الفرد على انتقاء أنسب المجالات التربوية أو المهنية له في حين أن التربية ترمي إلى إفادة الفرد في مجال تربوي معين بأقصى فائدة ممكنة, ويرى بعض المربين أن التربيةتوجيه والتوجيه تربية على أساس أن كلا من التربية والتوجيه يستهدف نمو الفرد إلى أقصى ما تسمح به إمكانياته,و أن كلا منهما يستخدم أساليب متشابهة و لكن الواقع أنهما يختلفان من حيث أن التربية أشمل من التوجيه,
وظائف التوجيه المدرسي :
ويمكن حصرها في ثلاث وظائف رئيسة هي :
1- مساعدة الطلاب في اختيار نوع الدراسة و ما يتصل بذلك من تقديم البيانات و المعلومات اللازمة, وعوامل النجاح فيها سواء كانت هذه العوامل عقلية أو انفعالية أو اجتماعية, وما قد يكون بينها من تعارض… مثل التعارض بين الاستعدادات والميول أو بين القدرات ومحتوى الدراسة.
2- مساعدة الطلاب على الاستمرار في الدراسة أو التحول إلى العمل عن طريق التعليم المهني
3- مساعدة الطلاب على النجاح في الدراسة وتجاوز الصعوبات والنقائص، سواء كانت في الاستعدادات أو في المهارات.
و قوام هذه الوظائف ما يأتي :
أ. تقييم استعدادات التلميذ، وميوله المهنية والدراسية، وميزاته الشخصية المتعلقة بالدراسة, بتطبيق الاختبارات النفسية.
ب. تحديد مستواه المعرفي من الاختبارات التحصيلية.
ج. اختيار المدارس أو الكليات أو المعاهد التي تلاؤم مجاله الدراسي .
د. تشخيص النقائص الشخصية المانعة من نجاحه في دراسته والعمل على علاجها وإصلاحها .
هـ. التوافق الأسري الاجتماعي والمدرسيحتى يستطيع أن يركز جهوده في الدراسة.
خدمات التوجيه المدرسي :
والخدمات التي يقدمها التوجيه المدرسيمتنوعة من أهمها ما يلي :
1 - مجال التأخر الدراسي : يتضمن التأخر الدراسي انخفاض نسبة التحصيل عن المستوى العادي ، وقد يكون التأخر الدراسي عاما (في كل المواد) أو خاصا (في مواد معينة) ولا يوصف التلميذ المتأخر دراسيا بالغباء أو التخلف العقلي لأنه قد يكون من المتفوقين عقليا، لكن مشكلات شخصية أو اجتماعية أثرت عليه وأخرته عن زملائه كما توجد حالات للتأخر الدراسي ترتبط بنقص الذكاء وينجم عنها ضعف القدرة على التركيز و التذكر وللاختبارات إسهامها في التشخيص والعلاج.
2 - مجال التفوق الدراسي : هناك فئة من التلاميذ يتميزون بمواهب خاصة وذكاء متميز وكذا ارتفاع في مستوى التحصيل الدراسي ، وهؤلاء بحاجة إلى رعاية خاصة لأنهم ذخيرة الأمة وعدة مستقبلها ، وإهمالهم يؤدي إلى خنق مواهبهم و يفضي إلى مشكلات نفسية واجتماعية كالعزلة والقلق والجنوح وحالات الصراع مع المجتمع ، لذا وجب الاعتناء بهؤلاء المتفوقين ليس فقط في اتجاه النمو العقلي نحو العبقرية فحسب بل في جوانب الشخصية ككل.
3 - مجال الصعوبات في اختيار نوع الدراسة والتخصص : يمتلك كل فرد استعدادات وقدرات خاصة تختلف في قليل أو كثير عما هي عند الآخرين,و يوجد في المدارس عدد كبير من التلاميذ لا يعرفون لماذا يدرسون و كيف يدرسون كما أنهم لا يحيطون إلا بالقليل من أنواع الدراسات التي يمكن الالتحاق بها, كما أنهم لا يدركون أن بعض التخصصات تحتاج إلى قدرات و استعدادات خاصة فكثيرا منهم يدخلون إلى أقسام و تخصصات ولا دراية لهم بذلك بل هي الضغوط التي تفرضها الاستجابة لرغبات الأهل أو تحت ظروف اقتصادية و اجتماعية معينة, لذلك لزم على الموجهين ( مستشاري التوجيه المدرسي ) تكثيف جهودهم لتوجيهو إرشاد الطلبة إلى أنواع الدراسات المختلفة والقدرات والاستعدادات اللازمة لذلك والصعوبات التي تكتنف كل تخصص وأفاق العمل أو المهن التي يحصل عليها المتخصص بعد تخرجه وغير ذلك من الإرشادات التي تجنبه الوقوع في مشكلات كان بالإمكان تفاديها وتوفير الجهد والمال على هؤلاء وبذلك نكون قد أسهمنا بشكل غير مباشر في تغذية المجتمع بمواهب وكفاءات متخصصة من أبنائه, لديها من الرغبة والسعادة في العمل ما يجعلهم ينتجون الإنتاج الأمثل .
* التوجيه المدرسي والمهني والإختبارات النفسية :
تستخدم الاختبارات في التوجيه لغرضين أحدهما هو توفير المعلومات وعادة ما يخدم هذا الغرض التلميذ في أحد الاتجاهات الآلية:
1 أن يكون التلميذ مهتما باختيار نوع أو أكثر من أنواع النشاط يوجه إليه جهده ويكون سؤاله عادة إذا توفرت في عدة فرص للدراسة فأيها أتخذ ؟ أو ما هي الفرص التي يجب أن أوجه جهدي إليها ؟ وهنا يحاول التلميذ أن يبلور أو يختصر الإمكانيات المتاحة له في عدد من الأنشطة التي يمكنه أن يزاولها، مثل الاختيار بين الشعب العلمية أو الأدبية في التعليم الثانوي.
2 الاتجاه الثاني هو تقييم الفرص المتاحة بحيث يستقر على واحدة أو اثنتين من بين الاختيارات المتاحة .
3 والاتجاه الثالث أضيق من السابقين وفيه يحمل التلميذ إلى المرشد أو الموجه فكرة أو خطة أو مشروعا ويطلب منه المساعدة على اتخاذ قرار بشأن واقعية المشروع ، أي أنه يطلب العون في معرفة صحة قراره من خطئه .
4 أما الاتجاه الأخير فهو مساعدة التلميذ على رؤية نفسه وإمكانياته بشكل أوضح وتساعد الاختبارات على كشف إمكانيات لم تكن معروفة من قبل.
* أساليب التوجيه المدرسي :
أولا : الأسلوب المباشر :
أطلق "وليامسون" على هذا الأسلوب في التوجيه الأسلوب الإكلينيكي ويعتمد هذا الأسلوب أساسا على الاختبارات الموضوعية والبيانات ويتبع خطوات محددة في الوصول إلى تحقيق أهدافه . ويقسم وليامسون خطوات التوجيه المباشر إلى ست خطوات أساسية هي :
1– التحليل : ويقصد به جع البيانات والمعلومات اللازمة لفهم التلميذ فهما يسمح بتقديم المساعدة له .
2- التركيب: ويقصد به تلخيص البيانات والمعلومات وتنظيمها بحيث تكشف عن نواحي التفوق والنقص في التلميذ وجوانب تكيفه أو سوء تكيفه.
3– التشخيص : ويقصد به صياغة المشكلة التي يعرضها التلميذ وأسبابها
4– التنبؤ : ويقصد به التكهن بالتطور المحتمل للمشكلة
5– الاستشارة : ويقصد بها ما يقوم به الموجه و التلميذ معا للوصول إلى حل المشكلة.
6- التتبع : ويقصد به مساعدة التلميذ للتغلب علة المشكلات الجديدة أو على المشكلة الأصلية إذا ظهرت ثانية وتحديد مدى النجاح في عملية التوجيه .
وفي هذا الأسلوب من التوجيه يقوم الموجه أولا بجمع البيانات والمعلومات والحقائق الخاصة بالتلميذ ثم يطبق الاختبارات اللازمة . وبعد هذا يقوم بإجراء المقابلة وفيها يحاول أن ينمي مع التلميذ علاقة تتميز بالود والموضوعية وفي أثناء المقابلة يحاول الموجه أن ينمي مع التلميذ القدرة على فهم نفسه وذلك من خلال عرض الحقائق المختلفة أمامه بصورة مبسطة مفهومة دون أن يستخدم مصطلحات فنية لا يفهما التلميذ أو أن يغرق التلميذ في التفاصيل أو أن يسير في عرضه هذا بسرعة تفوق قدرة التلميذ وبعد هذا يقوم الموجه بنصح التلميذ وتوجيهه إلى الحل الأكثر ملائمة لمشكلته بعد أن يوضح له الحلول المختلفة ويقومها ويشرح له السبب في ملائمة الحل الذي توصل إليه ويسمح الموجه للتلميذ في هذه الحالة بمناقشة الحل المقترح والتفكير معه في الإجراءات التي ينبغي عليه أن يقوم بها لتحقيق هذا الحل .
وينبغي ألا يعرض الموجه الحل الذي يراه يثير الشك في التلميذ وتجعله يتردد في الأخذ به ولا ينبغي أن يتخذ الموجه موقفا ملتزما من استجابات التلميذ وأرائه بل عليه أن يناقشها معه ويحاول أن يشرح له كيف أن الحل الذي اقترحه هو أكثر الحلول إشباعا لحاجاته وإرضاء له ويعتبر " وليامسون " هذا الأسلوب مباشرا أو مقنعا أو موضحا بمعنى أن الموجه إما أن يعبر فيه عن وجهة نظره في حل المشكلة أو أنه يحاول أن يؤثر على التلميذ حتى يتقبلها أو يوضح الأسباب التي أدت به إلى اتخاذ هذه الوجهة في حل المشكلة .
ويلاحظ في هذا الأسلوب أن اهتمام الموجه والتلميذ يتركز عل المشكلة و الحلول الممكنة لها ، وعلى الموجه أن يقوم خلال المقابلة بدور أكثر إيجابية من التلميذ ، كما أنه يحاول أن يوجه تفكير التلميذ عن طريق النصح والإقناع والتفسير ، ولهذا يطلق على هذا الأسلوب بالتوجيه المتمركز حول الموجه. وإذا شعر الموجه بتغلب النواحي الانفعالية على المشكلة فإن عليه أن يغير من هذا الأسلوب إلى آخر يكون أكثر نجاحا مع الحالة المعروضة عليه . ويلاحظ في هذا الأسلوب أن الاختبارات تستخدم باستمرار ، وتفسر نتائجها للتلميذ حسب إمكانيته ، وتقدم له بدائل الحلول في ضوء نتائج الاختبارات ، كما يقارن مفهوم التلميذ لقدراته وإمكانيته وقيمه واتجاهاته بنتائج الاختبارات ويواجه بها التلميذ ، ثم يوجهه في إطار النتائج .
ثانيا : الأسلوب غير المباشر:
يرجع الفضل الأكبر في صياغة هذا الأسلوب في صورة دقيقة وإقامته على أسس نظرية قوية إلى "روجرز" الذي طبقه في ميدان التوجيه والإرشاد النفسي . ويقوم هذا الأسلوب على أساس سلوكي يتلخص في أن للسلوك أسبابا ، وأن هذه الأسباب إنما تتحدد بالطريقة التي يدرك بها الفرد نفسه والعالم المحيط به ، كما أن الفرد وحده هو الذي يستطيع أن يدرك العوامل الديناميكية التي تؤثر في طريقة إدراكه لنفسه وللعالم المحيط يه، كما أن سلوك الفرد لا يتغير ما لم يغير الفرد من نظرته لنفسه ولغيره، ويكون هذا التغيير انفعالا عقليا في وقت واحد ، هذا بالإضافة إلى أن للفرد إمكانياته التي تسمح له بأن يغير من مدركاته ، وأن يعيد تنظيم ذاته ، وأن يغير بالتالي من أساليب سلوكه ، دون انتظار لأن يحدث هذا التغيير من مصدر خارجي .
ويرى" روجرز" أن التوجيه والعلاج عبارة عن خبرة الإنسان بعدم ملاءمة مدركاته الماضية ، وملاءمة مدركاته الجديدة ، وبالعلاقات الهامة بين المدركات المختلفة . وبهذا يصبح العلاج تشخيصا، وهذا التشخيص عملية تتعلق بخبرة العميل وليس بتفكير المعالج أو المرشدالنفسي.
من الضروري أن يبحث الموجه عن السبب الذي جاء بالفرد إليه . . هل هو بحاجة فعلا إلى معلومات تربوية وتعليمية ؟ أم هل هو عاجز عن أن يتخذ قرارا بنفسه في موضوع معين ؟ أم أنه لا يستطيع أن يتوافق مع زملائه أو رؤسائه دون أن يعرف سببا لذلك ؟ وعلى الموجه أن يكون حساسا للرموز أو العلامات التي توضح له الأسباب الحقيقية التي أدت بالفرد إلى طلب مساعدته .
ويلخص روجرز الخطوات التي يمر بها العميل في أنه يعبر أولا عن مشاعره واتجاهاته وخبراته نتيجة لتقبل الموجه له و لاستجابته للنواحي الانفعالية في تعبيراته، ويعقب ذلك شعور الفرد وإدراكه للعوامل المختلفة التي أدت إلى تكوين اتجاهاته، ثم يأخذ بعد ذلك في تنفيذ ما يراه من إجراءات ويلاحظ في هذا الأسلوب أنه يهتم بالفرد الذي يقوم بدور أكثر إيجابية من الدور الذي يقوم به الموجه ولذلك أطلق عليه التوجيه المتمركز حول الفرد,كما أن الهدف من هذا التوجيه نمو الفرد واستقلاله وتكامله بأكثر منه اهتماما بحل مشكلة الفرد. وبهذا تصبح وظيفة الموجه الأساسية هي تهيئة الجو الذي يتيح للفرد أن يدرك اتجاهه وأن يتخذ قراراته، ويؤدي هذا كله بالفرد إلى أن يختار الحل الذي يراه ملائما له والمصير الذي يقرره لنفسه.
الأسس النفسية والتربوية للتوجيهالمدرسي:
يقوم التوجيه بتحديد معالم التكوين النفسي للفرد من ناحية قدراته واستعداداته ومن ناحية ميوله واهتماماته المهنية وقيمه الاجتماعية لمساعدة الفرد على بناء شخصيته كما يتصورها في نسق شامل ذلك أن الفرد ينمو تربويا ومهنيا كما ينمو انفعاليا واجتماعيا لذا لا يمكن أن يقوم التوجيه إلا على أساس النظرة المتكاملة لتلك النواحي أي القدرات والاستعدادات والميول والاهتمامات .
أولا: القدرات والاستعدادات
تعد القدرات والاستعدادات من أهم جوانب الشخصية التي يقوم عليها التوجيهالمدرسي و المهني، حيث أن النجاح في الدراسة والعمل إنما يقوم على أساس من قدرات الفرد واستعادته لمتابعة دراسة ما أو للقيام بعمل من الأعمال. و الواقع أن التوجيهاهتم بالقدرات العقلية والسمات الشخصية أكثر من اهتمامه بدوافع السلوك وطرق اكتساب المهارات وأساليب التكيف و موضعها الإرشادالنفسي ونظرياته.
ومن خلال هذا العرض, يمكن القول بأن أداء الإنسان سواء كان عقليا أو حركيا, إذا نظرنا إليه كما هو الآن يعد قدرة ، أما إذا نظرنا إليه على أنه إمكانية الوصول إلى درجة معينة من المقدرة بأكبر قدر ممكن من التدريب فهو استعداد, وإذا وصل مع التدريب إلى مستوى عال ورفيع فهو موهبة .
* علاقة القدرات والاستعدادات بمجالات الدراسة والعمل :
ترتبط الاستعدادات والقدرات العقلية بالدراسات والمهن المختلفة ارتباطا قد يكون قويا أو ضعيفا، سواء كان ذلك خاصا بنوع الدراسة أو المهنة أو بمستواها، وبمعنى أخر فإن التوجيهالقائم على القدرات والاستعدادات يحدد للفرد الدراسة أو المهنة الملائمة له، كما يحدد له العمل، وهذا ما يسميه الأخصائيون بالملمح و.يقصد بالملمح الدراسي أو المهني، نوع الدراسة أو العمل الذي يمكن للفرد أن ينجح فيه و ينافس غيره ، بحيث لا ينتهي به الأمر إلى الفشل . أما المستوى الدراسي أو المهني فيقصد به الدرجة التي تتطلبها الدراسة أو المهنة من حيث القدرة العقلية التي تمكن الفرد من مواجهة المواقف التي تتضمنها الدراسة والمهنة.
وفي التوجيه المدرسي والمهني، ينبغي أن يتوافر عند الموجه (مستشار التوجيه المدرسي) نوع من التصنيف للقدرات والاستعدادات ليستعين به في عمله.وذلك نظرا لعدد القدرات والاستعدادات، كما أنه ينبغي أن تتميز كل دراسة ومهنة عن غيرها بالاستعدادات والقدرات التي تتطلبها. ولما كان من المستحيل أن نجعل الفرد خاضعا لاختبارات من شأنها أن تقيس مختلف الاستعدادات والقدرات، بالإضافة إلى العوامل الأخرى، وكان من المتعذر أيضا أن يلم الموجه بالدراسات والمهن المختلفة وبما تتطلبه من استعدادات وقدرات…
فإن الموجهين لجئوا إلى الاهتمام بالاستعدادات والقدرات التي ترتبط ارتباطا قويا بالدراسة أو العمل, كما عملوا على تصنيف المهن المتشابهة في مجموعات أو عائلات مهنية يشترك أفرادها في النواحي العقلية التي تتطلبها .وقد أمكن نتيجة للبحث والتحليل تصنيف المجموعات المهنية من حيث القدرات والاستعدادات والمهارات التي تتطلبها .
* مهام مستشار التوجيه المدرسي:
1- الإعلام: إعلام التلاميذ خاصة أقسام التاسعة أساسي أو الرابعة متوسط بهيكلة التعليم الثانوي ومحتويات الشعب و طرائق التوجيهإليها, و ذلك قصد تحضيرهم لاختيار شعبة من شعب التعليم الثانوي
2 - التوجيه: من بين الوسائل التي يستعين بها مستشار التوجيه في مجالس القبول و التوجيه لإعداد اقتراح لتوجيه التلميذ إلى جذع مشترك أو شعبة ما, فضلا عن استبيان الميول و الاهتمامات و بطاقة الرغبات, مجموعات التوجيه التي تسمح بحساب معدل الطور الثالث للتلميذ في عدد من المواد التي يفترض أنها تتضمن المبادئ الأساسية للتمدرس الجيد في الجذع المشترك.