(لا يُمكنني أن أنام جيداً.. أشعر أنني في حالة من التوتر الدائم.. لا أستطيع السيطرة على أعصابي..).. قد بات كثير من هذه الحالات يمر بنا وبشكل بدت فيه هذه الحالات وكأنها جزء طبيعي من حياتنا، وروتين نعيشه بشكل يومي.
وعلى الرغم من التسهيلات الكثيرة التي نتمتع بها والتي أصبحت تميز عصرنا الحالي ومن أهمها ثورة التطور التكنولوجي التي قدمت عديداً من التسهيلات لحياتنا اليومية, إلا أننا بتنا نعاني التوترَ والتعب أكثر من الأجيال السابقة التي لم تكن تتمتع بمثل هذا التطور.
قد أثبتت دراسات عديدة أنَّ الأجيال التي اعتادت التطور التكنولوجي كالهواتف المحمولة والكمبيوتر والبريد الإلكتروني وباقي الأدوات الكهربائية في المنزل, كالتلفزيون الذي يعرض أكثر من مئة محطة فضائية على سبيل المثال, تعاني التوتر والقلق بنسب بالغة وكبيرة قياساً بتلك الأجيال التي كانت هذه التطورات التكنولوجية محدودة نوعاً ما بالنسبة إليها.
ولا يعدّ التطور التكنولوجي الذي نعيشه العاملَ الوحيد الذي يسبب التوتر في عصرنا الحالي أو ما يسمى "عصر السرعة"..
وقد يزيد من حالات التوتر التي نعيشها فقدان القدرة على إدارة حياتنا بالشكل المناسب, فلا نستطيع أن نكون قادرين على التوازن بين حياتنا الشخصية وحياتنا المهنية.
وفي حال أصبح التوتر والإجهاد النفسي سمة حياتنا اليومية, فإن ذلك يعني أننا يجب أن نقوم بفعل شيء ما حالاً.
يقول الخبراء يجب أن نعرف تماماً كيف نكون قادرين على السيطرة على حياتنا وكيف نتعامل مع التطور التكنولوجي وألا نكون عبيداً لهذه الأمور التي وجدت في الأساس لتسهل حياتنا.
أعطِ حياتَك معنى
يكون أكثرنا متأهباً لأي حالة قد تطرأ علينا خلال اليوم, من اللحظة التي نفتح فيها أعيننا في الصباح الباكر وحتى اللحظة التي نذهب فيها إلى الفراش عند المساء.
وفي أكثر الأحيان نكون متوتري الأعصاب ولا نستطيع أن نهدأ أبداً؛ سواء أكنا نتعامل مع الموظفين زملائنا في العمل، أو نتعامل مع الجيران أو الأصدقاء, أو كنا نتعامل مع الأطفال في المنزل.. لكن من الخطأ تماماً أن نكون دائماً في حال من التوتر منذ الصباح الباكر حتى المساء, فلو تمكّنا من النوم أثناء الليل مدة طبيعية, أي حوالي ست ساعات, فلن نكون قد حققنا ساعات نوم عميق.
وقالت الخبيرة ألين ميشود إنَّ عقلنا الباطن في هذه الحالة لا يكون مستريحاً تماماً ويبقى في حالة من التوتر والتفكير في الأمور التي سينجزها غداً، وسيبقى يفكر في الأمور التي تزعجه وسيبقى ضمن سلسلة التفكير في "ماذا سيحصل إذاً.. ولماذا قمت بذلك؟".
وأوضحت الخبيرة ميشود أنَّ هذا النوع من التفكير والتأمل الباطني قادر على أن يرفع من مستوى هرمون الإجهاد النفسي الذي يبقينا في حالة من اليقظة والتوتر.
وبذلك فلو تمكنا من النوم بسرعة إلا أننا نميل إلى الاستيقاظ في وقت متأخر أو في وقت مبكر, ولن نكون قادرين على أن ننام بشكل عميق يحتاج الجسم إليه.
وقالت الدكتورة سيسيل أندروز إنه يجب على المرء أن يحاول أن يبسط حياته, وذلك من خلال تحديد الأمور المهمة في حياته, ومن ثم يحدد ما سيقوم به خلال اليوم, وقياس الأمور التي سينجزها بالأمور التي حدد أنها مهمة بالنسبة إليه.. وهذه الطريقة تساعده على معرفة ما إذا كان يقوم بالأمور المهمة بالنسبة إليه.
ويعدّ تحديد الأمور المهمة في الحياة من أهم الخطوات التي تساعد على اتخاذ القرارات, بالإضافة إلى أنَّ الأمور المهمة في حياتك قادرة على أن تعطيك الشعور بأهمية وجودك في الحياة وقدرتك على التأثير في الحياة من حولك.
وإن من الضروري ألا تفرق أبداً بين قيمك الإنسانية والأمور المادية وأهدافك في الحياة, وعلى الرغم من صعوبة هذه النصيحة إلا أنها ضرورية وقابلة للتطبيق في حال أراد المرء ذلك.
لا تدع الإلكترونيات تديرك
يمكن للقليل منا أن يمتنعوا عن استخدام الإلكترونيات في حياتهم, ولو مدة نصف ساعة, ولقد تمكنت هذه الابتكارات التكنولوجية -التي يفترض بها أن تزيد من ساعات الراحة في حياتنا- من زيادة توترنا.
قال الدكتور بروس ماكيوين إننا بشكل تلقائي نتوتر في حال رنّ هاتف محمول وفي حال كان جهازك يرن بشكل متكرر فإنك في هذه الحالة تكون متوتراً بشكل منتظم.. وهذا الأمر يزيد من صعوبة قدرتك على النوم, أمَّا الأمر الذي يجب القيام به فهو ألا ندع هذه التكنولوجيا تسيطر علينا, إذ يكون من الأفضل أن نجيب على البريد الإلكتروني مرتين في اليوم الواحد؛ بالإضافة إلى أنه يفضل أن تغلق هاتفك المحمول بعد الساعة الثامنة مساءً.
أما فيما يتعلق بالتلفزيون فإنه يكون من الأفضل أن تمتنع عن مشاهدة التلفزيون قبل النوم على الأقل بساعة واحدة.
سيطر على عملك
من الأمور المهمة جداً هي أن تعرف تماماً أن لا تكون عبداً لعملك وألا يسيطر عليك.. فقد أصبح العمل في الآونة الأخيرة لا يعرف حدوداً ؛ أي أن تتابع عملك حتى في وقت متأخر من المساء.
وبيَّنت الدراسات أن 60 في المئة من الأشخاص قد أصبحوا يتابعون أعمالهم في منازلهم، سواء في الرد على الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالعمل أو استلام الاتصالات الهاتفية على الهاتف المحمول, أو حتى إنجاز بعض الأعمال المتعلقة بالعمل.. ولذلك لا تعدّ أبداً مسألة التوتر والإجهاد النفسي مسألة غريبة على عصرنا الحالي.
وتكمن المشكلة في أن هذه الحالات تتطفل على الحياة الأسرية وتمنع ممارسة النشاطات المختلفة مع أفراد العائلة أو حتى الجلوس إليهم ومحاورتهم.
وإن تجاوز العمل الساعات المخصصة له تمنع الشخص من الاستمتاع بحياته, سواء ممارسة التمارين الرياضية أو حتى الاستمتاع وتقوية علاقاته الاجتماعية.
وقالت الدكتورة مارغريت مولين في حال كنت مضطراً إلى أن تأخذ عملك إلى المنزل حاول أن تحدد له مدة معينة لا تتجاوزها أبداً, ومن خلال تخصيص مدة معينة للعمل يمكنك أن تلتفت إلى أمور حياتية أخرى.
ويجب أن تمتنع منعاً باتاً عن العمل ساعات المساء المتأخرة وقبل أن تذهب إلى النوم؛ وذلك لأنها من الأمور التي تزيد التوتر والإجهاد النفسي..