بسم الله الرحمن الرحيم
هل يعوق الصخر الأقحوان من النماء؟؟؟؟؟
عرفتها منذ زمنٍ طويل... ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لا زالت كما عهدتها مثالاً يُحتذى به في البذل والعطاء والقدرة العالية على تخطي الصعاب... مرت عليها فتراتٌ صعبةٌ جداً, بل وحالكة ولكنها أبداً لم تستسلم.. بل قاومت وسارت إلى الأمام ولم يوقفها شيءٌ أو يخفف من عزيمتها...
تلك هي معلمتي... عملت في محافظة أخرى غير تلك التي تسكنها, مما تطلب منها السفر لمسافات طويلة لتصل إلى عملها, وكانت أصعب تلك الأوقات هي في الأعوام الثلاثة الأولى لانتفاضة الأقصى المباركة... ولا أذكر يوماً أنها تقاعست عن الذهاب لعملها حتى في أسوء الاغلاقات ومنع التجول مما عرضها كثيراً لإطلاق النار من قبل جنود الاحتلال ولكن الله حفظها من الأذى في كل المرات. وفي أحيان كثيرة كانت تدفع الكثير لتستطيع الوصول ولم يكن يهمها أن ما يعادل ثلث أو نصف الراتب تدفعه شهرياً للمواصلات... ولم يثنها كل ذلك عن المحاولة الجديدة مع بزوغ فجر كل يوم للوصول لمدرستها وأداء رسالتها بصدقٍ وصبرٍ وإخلاص...
وكانت تتفاخر ذات مرة أن طالباتها لم يفتهن شيء من المنهاج الذي تدرسه حتى في أحلك ظروف الانتفاضة, وقالت: كنت أعطي الدروس لطالباتي في المركز الصحي أحياناً أو في قاعة الاجتماعات للمجلس البلدي ... لم يكن يهم المكان, المهم أن أستمر في إبلاغ رسالتي وأن يكون لي الشرف في المساهمة في بناء جيل المستقبل...
وقد استغربت كلامها خاصة وأنها تتعرض للخطر بشكل يومي وأن الراتب لا يكاد يفي باحتياجاتها من دون أن تدفع تلك المبالغ اليومية للمواصلات على الطرق الالتفافية التي لا تكاد تصل منفذ حتى تجد أنه تم إغلاقه وأن عليها أن تجد منفذاً آخر للوصول, فما كان مني إلا أن سألتها: هل هذا كان ممكناً ومجدياً في تلك الأوقات خاصة وأن المحتل وضع جميع العقبات والعراقيل أمام التعليم بشكل خاص؟؟؟؟ فنظرت بشرودٍ إلى الأفق البعيد حيث غروب الشمس وحيث يجثو أمامنا سور العزل العنصري ليذكرنا أن فلسطين لا زالت مغتصبة وأجابتني بعبارة لا زالت تتردد في خاطري حتى اليوم: و هل يعوق الصخر الأقحوان من النماء؟؟؟؟؟ وأردفت قائلة: ها نحن نرى الأقاحي تنبت في أكثر المناطق وعورة, فمن ذا الذي سيعيقني عن إبلاغ رسالتي؟!؟!
فإليها والى جميع معلمي ومعلمات فلسطين هؤلاء الجنود المجهولون الذين حملوا عبء رسالة تعليم الأجيال الناشئة ويبذلون أقصى ما بوسعهم... إليهم جميعاً أجمل وأطيب الأماني والتقدير واطلب من ربي جزيل الأجر لرموز البذل والعطاء الذين اعتبروا أنفسهم حملة رسالة, فان لم يكونوا هم فمن سيكون من سيبلغ تلك الرسالة...
بقلم: أ. زهرة خدرج