السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً أود الاعتذار مسبقاً إذا وصلتكم رسالتي متأخرة، فأنتم خير من يعلم طبيعة الظروف التي نعيشها والتي أتوقع أن تسهم في تأخير أشياء كثيرة ليس فقط رسالة بسيطة من طفل لم يذكره أحد ونُسي مكانه على خريطة العالم
قبل أيام وعلى صوت دوي الانفجارات سمعت على الرايو أن ذلك اليوم هو يوم الطفل العالمي... فأحببت أن أكتب لكم... عساكم تذكروني...
أود أن أعرفكم على نفسي فأنا محمد من مخيم النصيرات في قطاع غزة، قبل أربعة أعوام وكنت في الرابعة من العمر قتلت أمي وقتل أبي ولحق بهما أختاي وأخي في حرب الفرقان على غزة...كنت أنام وادعاً في فراشي عندما ضربت طائرات الصهاينة المحتلين صاروخ على بيتنا... قتل الجميع وشاءت إرادة الله أن أبقى وحدي في هذه الدنيا... وبقيت أكابد الصعوبات بساق مبتورة وعينٌ قد فقدت البصر بعد إصابة ألزمتني الفراش أشهر معدودة...
أنا لست كأي طفل في العالم، فعندما أذهب الى المدرسة لا أجد أمي لتقبلني عند الباب، وعندما أعود الى بيت جدتي الكبيرة في السن والمريضة، لا أجد أمي تنتظرني لتحضنني وتألني عن مدرستي، ولا أجدها قد حضرت لي ما أحب من الطعام... لا أب لي ليحضر لي في العيد ملابس جديدة أو يحضر لي الحلوى التي أحبها... أنا لا اخوة لي لألعب معهم أمام البيت
جدتي لا تعرف القراءة والكتابة لتساعدني في دروسي
ولكن لا أستطيع أن أخفي عنكم أنني أحب غزة وأنني أبذل كل ما في وسعي لأتفوق في دروسي وأن أعتمد على نفسي ولا أطلب مساعدة من أحد.. ما مررت فيه من الظروف التي لا زالت مستمرة حتى اليوم أورثتني عزيمة صلبة
فأنا لا وقت لدي للبكاء على ما مضى
أترون الأيام الماضية ااتي اشتعلت فيها الحرب مرة أخرى ولم تتوقف أصوات القصف والانفجارات... لم أضيع الوقت، أخذت أدرس دروسي وأثابر على تعلم أشياء جديدة ستفيدني لاحقاً على الرغم من أنه لا يوجد كهرباء والمدارس مغلقة بسبب الحرب
نسيت أن أقول لكم أنه يوجد في غزة أطفال كثيرون حالهم كحالي
ولا تجد لديهم الا العزيمة والاصرار على الحياه والتقدم الى الأمام
أكتب لكم رسالتي هذه وأحب أن أرى منكم رداً على رسالتي
أطلب منكم فقط الدعاء بالتوفيق والنصر
محمد من غزة العزة