حكايـة الأسيرة نورا الجعبري وزوجها الأسير أبو ورده

حكايـة الأسيرة نورا الجعبري وزوجها الأسير أبو ورده

بقلم الكاتب: فؤاد الخفش - فلسطين

مناصرة الاسير اسرار سمرين
====================

سنحاول باذن الله في كل مرة سرد حكاية اسير باب الاعتراف بفضل هؤلاء الأسرى وتضحياتهم الجسيمة من اجل الكل الفلسطيني ونأمل من الاعضاء الاعزاء تزويدنا ببعض هذه القصص حتى تكون منارة للأجيال القادمة ،التي يجب إن تسير على هدى هؤلاء الأبطال حتى تستطيع أن ترسم معالم النصر والتمكين والتحرير إن شاء الله تعالى .

الحلقة الرابعة عشر ....

الأسيرة نورا الجعبري وزوجها الأسير أبو ورده
========================

قصص البطولة وحكايات الأسر وفنون المحتل في تحطيم النفسيات صور حصرية تنقل من بلاد العجائب فلسطين التي تعرف وتمتاز بالصورة الحصرية والسبق بالأخبار ويا لها من بلاد…

نورا الجعبري الفلسطينية التي درست الصيدلة في جامعة النجاح واختارت لها شريكاً اختار النضال والجهاد طريقاً للمعالي وهو محمد أبو وردة الفلسطيني الثائر والمحكوم بالمؤبد 48 مرة متتالية والذي رفض الاحتلال الإفراج عنه في صفقة الوفاء للأحرار تختطف من بيتها وتوضع في الجيب العسكري وهي ترتدي جلبابها وحجابها .

نورا الجعبري والتي اختطفت وهي تحتضن طفلها الصغير حمزة ابن التسعة أعوام والذي حرمه الاحتلال من حضن أبيه وأصدر القرار أن يعيش هذا الطفل اليتم مرتين ، وما السجن إلا موتاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى وبالذات إذا طال الأمّ مصدر الحب والحنان ..

نورا الجعبري التي حفظت غيبة زوجها وصبرت على بعده وكانت تلك الأم والمناضلة والناشطة في جميع المجالات أراد الاحتلال باعتقالها أن يفتت النسيج الاجتماعي للأسرة الفلسطينية التي تمتاز بحب العائلة واللمة وحب التجمع والاحتفال في كل مناسبة رغم ما تفرضها الأيام عليها من أحداث .

الزوج الصابر والمعتقل منذ عقد والذي يربض كالأسد في السجون صاحب الاسم الألمع تلقى الخبر بحزن شديد رغم محاولاته المتكررة لإبداء رباطة الجأش لكنها روح الروح وحبيبة القلب الصابرة المصابرة معتقلة في ظروف يعرف ويعلم أنها غاية في الصعوبة لم يجد ما يلجأ إليه إلا الله فقال يا الله .

أيام وإذا بأبي حمزة يسحب من سجنه إلى مركز التحقيق الذي تقبع فيه زوجته وما أطول الطريق وما أقساها كان يعلم إلى أين سيذهب وكان يدرك أنها وسيلة للضغط عليه وعلى زوجته ومحاولة لانتزاع معلومة كان يتخيل المنظر والمشهد ..

لم يكن يتمنى هذا اللقاء في هذا المكان ، ولك أن تتخيل رجلاً أمضى خمس سنوات كاملة يحلم بأن يخرج في صفقة التبادل ويتخيل ساعة اللقاء بزوجه وطفله وعائلته تتبدل الصورة لديه ليلتقيها أسيرة … آه ما أصعبها من لحظات ولولا الإيمان لجُنّ الإنسان وما استطاع تحمل كل هذا الابتلاء .

وصل المركز والتقطت له تلك الصورة المعروفة وساقوه إلى زنزانة انفرادية جلس بها وبدأ يشمشم جدرانها لعله يجد ريحها الطيبة بالمكان وصرخ بأعلى صوته نوراااا … تردد صدى صوته بالمكان وعاد له الصوت بصوت (صبر جميل والله المستعان ) لا تخاف يا أبا حمزة أنا بخير كيف حالك ..

لم يستطع الرجل الصابر المجاهد الرد ولو بكلمة سالت الدموع على وجنتيه وما أصعبها من لحظة حين يبكي القوي وهو مقيد حبس أنفاسه حاول أن لا يصرخ شعر أنه سيختنق صرخ بأعلى صوته مرة أخرى يا نورااااا .

أنا بخير لا تبكي يا سيد الرجال والله إني بخير وشدة وتزول لا تقلق ربنا معنا (إن بعد العسر يسراً ) حمزة بخير .. وكل عام وأنت بخير بعون الله العيد القادم ستكون معنا …

خلف تلك الجدران كان هناك من يسترق السمع ويتلذذ على بكاء سيد الرجال أبو وردة وعلى صوت نورا المخنوق والتي تحاول بث الروح في قلب الأسد .

كان يدرك أبو وردة أن هناك من يسترق السمع وكان لا يريد أن يرى عدوه منه ضعفاً لكنه الإنسان مشاعر وأحاسيس كتلة حب ووفاء وما أصعب بكاء الأقوياء .

لم يكن ما كتبت وقائع قصة مكتوبة من أجل فيلم أريد من خلاله خلق حالة من (الحبكة) لأشدّ القارئ فلست أنا من يستخدم مشاعر ودموع الناس لشده لمقالة ولن أكون بعون الله متاجراً في دموع هؤلاء ولكنه الواقع والصورة كما نقلت عبر المحامين وكما تكررت مع مئات المعتقلين في سجون الاحتلال وكما حدث مع عبادة بلال وزوجته المحررة نيللي الصفدي في مركز التحقيق .

دموع أبي وردة ودموع نورا عندي توازي دماء الشهداء التي نزفت لترسم حرية هذا الوطن وقد تكون أغلى عند الله من دماء الشهداء ولا أبالغ فما أصعب الدمع الممزوج بقهر وعجز للقوي العزيز .

ما زالت نورا في مركز التحقيق وما زال أبو وردة في ذات المكان تفصلهم جدران سميكة ومكان موحش وأصوات مفاتيح وأبواب تغلق وتفتح في كل حين وأشخاص يتلذذون على هذه الحالة ليسوا من البشر في شيء ..

ولا أجد ما يسعفني من الكلمات أوجهها لهذين الصابرين سوى أني أكاد أجزم أن أجركم لن يكون أقل من أجر الصحابة وخيرة الشهداء وأسال الله أن يربط على قلبيكما وأن ينعم عليكما بضم حمزة إلى صدريكما وتعيشا الأمن والأمان والاستقرار .. اللهم آمين

» حكايـة الأسير المجاهد جبر أبو عليا حكاية عاشق للبندقية
» رسالة من الأسير البطل سامر العيساوي
» الأسيرة كفاح قطش.. نموذج لمعاناة القيد والمرض
» حياة الأسيرة احلام التميمي في الأسر تكشفها المحررة زامل
» قصة يوم الأسير الفلسطيني