أوقف صالح سيارته في ذلك الزقاق الضيق في أحد أحياء مدينة القدس الحبيبة
والتفت الي زوجته وابنه الصغير أحمد قائلاً : ها قد وصلنا ..
نزل صالح يتلفت حوله وعلامات الدهشة علي وجهه ..
" أين أمي .؟ أين أصدقائي ؟؟ ظننت أنهم سيكونون في استقبالي بعد سنوات غيابي ودراستي في امريكا "
تجاهل صالح تلك المستوطنات التي تلتف حول حيهم الصغير ..ونظر الي البيت القديم الذي عاش فيه طفولته ..لا زال كما هو
قالت له زوجته : هل سنبقي واقفين هنا ؟.
ابتسم قائلا : لا قد وصلنا هذا هو المنزل تفضلي ..
.. كان متلهفا لحضن أمه وحنانها .. دخل المنزل وهو ينادي : أمي لقد عدت ,,
وجد امه علي كرسي متحرك ورحبت بهم ،، لكنه لم يشعر بفرحتها الشديدة كما كان يتوقع ..!!
وكانت تركز نظرها علي الطفل الصغير الواقف بالباب ..
نادته قائلة : حفيدي أحمد ..تعال لجدتك يا صغيري
تردد الطفل في الباب ..فأخرجت الجدة الحلوي وهي تقول .. هذه حلوي فلسطين يا صغيري حلوي فلسطين هي لك تعال
تقدم الطفل بفرح وأخذ الحلوي ..
ضمته الجدة في حنان وهي تبكي ..
...
بعد عدة أيام ,, تعلـق أحمد الصغير بجدته الحنون . بحكاياتها والحلوي من يدها
وكان صالح سعيد جدا بهذا .. وقد وجد عملاً في احدي الشركات الاسرائيلة ..
لشهادته العليا التي حصل عليها من أمريــكا ..
..
كبر أحمد وصار علي صالح أن يدخله في مدرسة .. وكان ينوي أن يدخله في احدي المدراس الخاصة الداخلية
غير أن جدة أحمد أبت ورفضت بقوة ..
أحمد يجب أن يدرس في مدرسة الحي ..
في البداية لم يستطع أحمد أن يتكيف مع مدرسته وهو الذي ولد في أمريكا ..
لكنه ما لبث أن أحبها .. وأحب القصص التي يرويها له أصدقاءه ومدرسيه
عن فلسطين وبطولات اهلها ..
...
كان أحمد كلما ذهب للمدرسة يشعر بالحزن .. صديقه محمد ترك المدرسة ولن يعود
فقد استشهد والده وهو من يعيل أسرته ..وصديقه أمجد ذهب ولن يعود .. لقد استشهد
أما صابر فقد أصيب اصابة خطيرة وهو بالعناية المركزة
وأسامة هدم منزله وهو دائما حزين ..
لقد اخبرته جدته أن جده استشهد أيضا علي يد هؤلاد الأوغاد
..
ذات يوم ، عاد صالح إلي البيت فوجد أحمد يجلس شارداً يفكر ..
لم يستقبله كعادته بابتسامته الجميلة ، اقترب صالح منه وهو يقول :
( ما بك يا أحمد ؟؟!! )
التفت أحمد قائلا : أبي ما معني كلمة عمــيل ؟؟!!
قال الأب : من علمك هذه الكلمة ولم تسأل؟
قال أحمد : أصدقائي في المدرسة يقولون لي إن والد عمــيل ,,
غضب صالح وصرخ : هؤلاء الأوغاد .. سوف أنقلك من هذه المدرسة
صاح أحمد : لا يا أبي هؤلاء ليسوا بأوغاد .. الأوغاد هم من سلبوا أرضنا يا أبي
هم من قتلوا أصدقائي يا أبي
لم يستطع صالح الرد وخرج غاضبا ً ..
..........
في اليوم التالي .. عاد صالح من عمله مرهقا بشدة من كثرة الحواجز التي مر بها
وما إن جلس ليرتاح وإذ بصوت ارتطام وتحطم لزجاج النافذة
خرج صالح مسرعا ليجد أمامه مجموعة من الاطفال يحملون الحجارة
صرخ بهم بغضب : أيها الأوغاد اذهبوا من هنا ..
هرب الأطفال مسرعين .. إلا طفل واحد .. وقف مكانه
وما لبث ان جري مسرعا نحو صالح وهو يصرخ
أبي أبي ..هؤلاء ليسوا أوغاد ألئك هم الأوغــاد .. اليهــود هم الاوغاد
التفت صالح خلفه الي حيث أشار أحمد وإذ به يري مجموعة من اليهود كان الأطفال يقذفونهم بالحجارة
ورأي أحدهم يصوب بندقيته نحو ابنه الوحيد .. نحو أحمد
..........
صرخ صالح .. لاااااااا إنه ولدي ..إنه أحمد وجري نحو أحمد لينقذه
غير أن الرصاصة كانت أسرع .. واخترقت صدر أحمد
نقل أحمد إلي العناية المركزة بحالة ميؤوس منها
وانهار صالح وجثا عند سرير احمد وهو يبكي ويقبله ويقول
الأوغاد هم اليهود .. الأوغاد هم اليهود يا أحمد
ثم نهض صالح وكتب رسالة وذهب بها إلي الشركة التي يعمل بها
وعلي الباب .. أوقفه الامن وسلموه خطابا مكتوب فيه
أنت مرفوض لان إبنك من الارهابيين
مزق صالح الخطابين .. وعاد أدراجه نحو أحمد ..
لكن أحمد ارتقي نحو العلا شهيداً ..
.....
بعد شهرين .. كان صالح مستيقظاً في منتصف الليل ينظر لوجه زوجته التي فارقته البسمة منذ ان فقد أحمد
وتذكر كيف بكته امه .. وهي التي ملأها الأسي
نظر إلي ساعته التي قاربت الواحدة وابتسم
منذ أن استشهد احمد المرة الاولي التي يبتسم فيها صالح
طوي الورقة التي بيده ووضعها برفق مكانه ..وارتدي ملابسه وخرج
...
عند الفجر استيقظت أم أحمد .. ولم تجد صالح ..
نادته فلم يجب
...
رأت الورقة التي علي الوسادة .. وفتحتها
ووجدت هذه الكلمات :
" يا أم أحمد .. لقد اشتقت إلي أحمد .. وسأذهب لأراه "
خرجت أم أحمد تصرخ .. صالح ..صالح
لكن صالح كان قد رحل
لقد انضم إلي كتائب القسام منذ شهور
وقام بعملية بطولية .. ليثبت للعالم أنه ليس بعمــيل
إنه أبو أحمد الفلسطيني
..
البطل
اختكم بالله سامية سمور