بسم الله الرحمن الرحيم
هنا غزة .. كل الملامح قد غــابت ..
هنا غزة .. كل المعالم قد تشابهت ..
هنا غزة .. كل الحروف قد تاهت ..
هنا غزة .. كل الدموع قد ذابت ..
هنا غزة .. كل الدماء بالأشلاء بالمسك امتزجت .. تمزقــت .. تنــاثــرت ..
هنا غزة .. فلا صرخات تعلــو فوق صيحة الله أكبر ..
هنا غزة .. فيا لله ما أجملها .. ابتسامة الشهيد ..
بعيداً عن كل ضجيج العالم .. كان أهل غزة يرسمون لوحات العز بأشلائهم وعلي انقاض بيوتهم
بعبق الشهادة ومسك الدماء .. وكان الله سبحانه يؤيدهم بجنود لم يروها .. ويربط علي قلوبهم فتتجلي أسمي معاني الصبر والصمود ..
تعالوا لتعيشوا مع أبطال النصر وأسود العزة .. مع مجاهدينا ..
في ذلك المبني جلس أحد المجاهدين وحده وأمامه بضعة تمرات وقليل من الماء .. وبعد قليل لم يعد يملك شيئاً
الدبابات لا تبعد سوي أمتار قليلة عن المبني .. والقوات الخاصة الصهيونية تختبئ وتحاصر المنطقة ..
كان المبني يتكون من عدة طوابق .. ومجاهدنا في الطابق الأعلي يرصد ويمد اخوانه بالمعلومات ..
مكث المجاهد ثلاثة أيام .. بدون طعام .. بدون ماء .. لا يؤنس وحدته سوي مصحفه وسلاحه ..
وفجأة رأي أحد جنود القوات الخاصة ترجل فدخل المبني وحيداً .. في الطابق الأسفل ..
قام المجاهد بقنصه فقتله .. وهبط من الطابق الأعلي فأخذ ما بجعبته من سلاح وطعام .. وصعد مكانه بصمت
بعد فترة .. نفس المشهد تكرر .. أحد الجنود يترجل ويدخل المبني بحثاً عن رفيقه .. قنصه وقتله غير أنه لم يهبط خوفاً
من وجود مزيد من الجنود يبحثون عن الجندي الأول ..
لم تأت مجموعة جنود كما توقع .. فهم أجبن خلق الله .. وجدهم أرسلوا للمبني كلبأ مزود بكاميرا تصوير .. فقام بقنصه أيضاً
حينما قنصه .. علم جنود الاحتلال بوجود أحد المجاهدين .. وظنوا المبني مليئاً بالمجاهدين .. فما هي إلا لحظات .. حتي أمطروا
المبني بالصواريخ والقذائف حتي أحالوه ركاماً ..
ماذا حلّ بالمجاهد البطل .. لقد سقط عليه جزء من الحائط كان درعاً واقياً له .. فلم يصب بأذي سوي كسر بسيط بيده ..
فلم يكن الجهاد يوماً يقصر عمرأ .. لقد كانت ملائكة الرحمن تحف المجاهدين وتحميهم ..
ورب العزة كانت ملائكة الرحمن معهم .. انظروا لتلك المجموعة من المجاهدين .. في منطقة متقدمة ومكشوفة ..
وكانت قوات الصهاينة الخاصة قريبة جداًُ منهم .. ولجبنهم يرسلون كلابأ مزودة بكاميرا تصوير لترصد المجاهدين
وتكشف أماكنهم .. حينما اقترب أحد الكلاب من تلك المجموعة كاد يكشف موقعهم لأعداء الله إن نبح أو تقدم أكثر
قام أحد المجاهدين يهتف بالكلب ..
والله إنك مخلوق من مخلوقات الله وإننا جند الله .. فعد من حيث أتيت .. توقف الكلب .. مد يديه للأمام ..
ثم تراجع وعاد من حيث أتي
..........
يقسم المجاهدون كانوا يسمعون صوت التسبيح من الأشجار .. يظنون جماعة من اخوانهم خلفهم .. يبحثون فلا يجدون أحداً
التسبيح يخرج من الأشجار ..
بل اسمعوا لذلك المجاهد الذي يقول كنت أضرب بقاذف الآر بي جي .. مهمتي قذف الدبابات بها .. توقفت قليللاً للراحة ..
وما تبقي معي تسع قذائف فقط ..
وفجأة إذ بالقاذف يطلق ثلاث قذائف متتالية .. جميعها أصابت الهدف ..
أصبت بالدهشة ثم قلت ربما أعطيت الآلة أمراً سابقاً .. التفت لأنظر للقذائف وإذ بهم تسع قذائف لم ينقصوا
فسبحان الله العظيم ..
وابتسامة الشهيد أجمل آية .....
كان رفاقه يسمونه حيدرة .. كان بطلا مجاهداً صنديداً .. كان عقلاً مدبراً نيراً ..
صدق الله .. فصدقه الله .. يحيي ذلك العريس الذي لم يتم العام من زواجه .. كان ينتظر أن يري نور عينيه ابنته الحبيبة نور
التي ستخرج للعالم بعد أيام .. فزوجته حامل في شهرها الأخير ..
لكنه مع ذلك كان يوصيها دوماً .. قد نذرنا أنفسنا لله سبحانه فاصبري واحتسبي ..
في ذلك المبني علي شاطئ بحر غزة في الطابق الأول كان حيدرة مع رفاقه يقارعون عدو الله .. كان رفاقه يحبونه جداً
وفي الطابق الأعلي كان مسئول المجموعة يرصد ويراقب أعداء .. احتاج المجاهد للنزول بعض الوقت فاتصل باخوانه المجاهدين
قائلاً لهم .. أرسلوا لي حيدرة مكاني بعض الوقت وصعد حيدرة لينال ما كتب له ..
فما هي إلا لحظات وإذ بالصواريخ تتساقط عليه
والمبني يدك بطائرات العدو .. مسئول المجموعة يصرخ أخوكم حيدرة أنقذوه .. نقله الرفاق لأسفل المبني واجتمعوا حوله
يحاولون اسعافه .. بعضهم يتصل بالاسعاف غير أنه لم يستطع الوصول لتلك المنطقة المتقدمة ..
قال لهم .. لا تتعبوا أنفسكم .. سأستشهد .. فقط ضعوني علي جنبي الأيمن .. وأخذ البطل حيدرة يتشاهد ..و يقول
لرفاقه سامحوني
وادعوا لي .. ساعة وهو ينزف .. حتي لقي ربه شهيداً .. مبتسماً ..
وهناك في منزل الشهيد .. وعند صلاة الفجر كانت الأم تصلي سنة الفجر .. دخل عليها ولدها الأكبر قائلاً :
أمي وأنت في صلاتك ادعي كثيراً فعندنا اليوم شهيـد ..
سجدت الأم وهي تدعو وتدعو .. وحينما انتهت التفتت لابنها قائلة : من ؟
قال لها قومي يا أمي فأكملي صلاتك وادعي كثيراً .. سأخبرك بعد صلاتك ..
قامت الأم فصلت الفجر .. وهي تقول
.. يا الله قد سامحتهم جميعاً .. يا الله نذرتهم الخمسة لك فاقبلهم وتقبلهم وصبرني
وحينما أخبرها ولدها أن الشهيد هو أخوه يحيي .. قامت فصلت ركعتين ..
فسبحان الله العظيم الذي ربط علي قلب الأم ..
وبعد أيام .. ولدت نور .. ابنة الشهيد البطل يحيي ..
تجلس أم نور وفي حضنها ابنتها الوحيدة .. تبتسم ..
تدمع عيونها
و تتنظر لها بحب وبصمت ..
أم نور ستسير علي درب زوجها ..
رغم مصابها قررت تقديم الإمتحانات النهائية فهي تدرس بالسنة الأولي من الجامعة
ستربي نور ملاكها الصغير .. لتكبر .. ولتنتقم لوالدها الذي لم تره
ستربيها حتي تلقاه هناك هناك ..
في جنات ونهر .. في مقعد صدق عند مليك مقتدر
.. أختكم في الله
سامية سمور