افعل هذا وستجد ترحيباً في كل مكان
إعداد: ريان بابي
لم تقرأ هذا المقال لتعرف كيف تكسب الأصدقاء؟ لماذا لا تدرس الوسائل التي يستخدمها أفضل من عرفه العالم في كسب الأصدقاء؟ من هو؟ ربما ستقابله غداً يمشي في الشارع، وعندما تكون على مقربة عشرة أقدام منه سيبدأ بهَزِّ ذيله.
فإذا توقفت وربّت على جسمه سيبدو تقريباً وكأنّه سيخرج من جلده لعبّر لك عن مدى حبه لك، وأنت تعرف أنه لا يوجد خلف هذا الحب الذي أظهره من جانبه دوافع خفية، فهو لا يريد أن يبيعك أي عقار ولا يريد أن يتزوجك.
هل جلست من قبل لتفكر في أن الكلب هو الحيوان الوحيد الذي ليس عليه أن يعمل لكسب عيشه؟ فالدجاجة مثلاً عليها أن تبيض، والبقرة عليها أن تدر حليباً، والكناريا عليه أن يغني، أما الكلب فيحصل على عيشه دون مقابل سوى ما يقدمه من حب ووفاء.
وفـــــاء
عندما كنت طفلة في الخامسة من عمري، اشترى أبي كلباً صغيراً ذا شعرٍ أصفرَ، وكان هذا الكلب هو الذي يوفّر لي جواً من المتعة والسعادة خلال طفولتي، فكلَّ ظهيرة، وعندما تعلن الساعة الرابعة والنصف تقريباً، كان يجلس أمام الحظيرة وهو يحدّق بعينيه الجميلتين نحو الطريق دون أن يحول عينيه، وبمجرّد أن يسمع صوتي أو يراني, وقد جئت بدلو العشاء وأنا أهزّه يميناً ويساراً كان ينطلق نحوي كالريح وهو يسابق نفسه صاعداً التلّ لاهثاً، ثم يعبّر لي عن تحيته من خلال قفزاته الممزوجة بالمرح، و نباحه المفعم بالنشوة والسعادة.
و كان "تيبي" رفيقي الدائم خلال خمسة أعوام، وبعدها، وفي ليلة مأساوية لن أنساها أبداً، قتل "تيبي" على مسافة عشرة أقدام من رأسي، قتله البرق، وكانت وفاة "تيبي" هي مأساة صباي.
فها أنت يا "تيبي" لم تقرأ كتباً في علم النفس، ولم تكن بحاجة إلى ذلك، وكنت تعرف بالفطرة الإلهية أن بإمكانك أن تكسب أصدقاء جدداً خلال شهرين, من خلال الاهتمام الصادق بالناس أكثر مما تستطيع كسبه من أصدقاء خلال عامين, من خلال محاولة جعل الناس يهتمون بك، دعني أعد بذلك، بإمكانك أن تكسب أصدقاء جدداً خلال شهرين بالاهتمام الصادق بالناس، أكثر مما تستطيع كسبه من أصدقاء خلال عامين من خلال محاولة جعل الناس يهتمون بك.
و مع هذا، فأنا وأنت نعرف ناساً يتخبطون في الحياة, وهم يحاولون أن يجعلوا الناس يهتمون بهم.
ولا شك أن هذا الأمر عديم الجدوى، فالناس لا يهتمون بك، و لا يهتمون بي، بل يهتمون بأنفسهم، صباحَ مساء.
انظر حولك
وقد أجرت إحدى شركات الاتصالات دراسة تفصيلية للمحادثات الهاتفية، لمعرفة أكثر المكالمات استخداماً، وأعتقد أنك تحاول معرفة الكلمة، إنها ضمير المتكلم "أنا"، "أنا"، حيث استخدمت 3900 مرة في 500 محادثة هاتفية.
وعندما ترى صورة جماعية أنت فيها، فعن أي شخص ستبحث أولاً؟
إذا انصبّ جهدنا على محاولة جعل الناس يعجبون بنا ويهتمون ، فلن يكون لدى أيٍّ منّا صديق مخلص أمينٌ، فالصديق الحقيقي لا يأتي بهذه الطريقة.
وقد جرب نابليون هذا، و في لقائه الأخير مع جوزفين قال: "لقد كنت محظوظاً أكثر من أي شخصٍ على وجه الأرض، ومع هذا ففي هذه الساعة أجد أنك الشخص الوحيد الذي يمكنني الاعتماد عليه في هذا العالم "بل إن المؤرخين يشكون في أنها كانت جديرة بأن يعتمد عليها.
و قد كتب عالم النفس النمساوي الشهير ألفريد أدلر كتاباً بعنوان "ما هو المعنى الحقيقي للحياة" ؟ وفي هذا الكتاب يقول "إن الشخص الذي لا يهتم بأخيه هو الشخص الذي يواجه أعتى المصاعب في الحياة، ويؤذي الآخرين إيذاء كبيراً، ومن بين هؤلاء الأشخاص وأمثالهم تأتي حالات الفشل البشرية كلها ".
ولقد حضرت ذات مرة دورة في كتابة القصة القصيرة، وخلال الدورة تحدث إلينا محرر إحدى المجلات الكبرى، وقال لنا إن بمقدوره أن يأخذ أي قصة من القصص المبعثرة على مكتبه كل يوم، وبعد أن يقرأ عدّة فقرات يستطيع أن يستشعر ما إذا كان المؤلف يحب الناس أم لا، ويقول: "إذا لم يحب المؤلف الناس، فلن يحب الناس قصصه".
و أثناء حديثه عن الكتابة القصصية توقف هذا المحرر العنيد عن الكلام مرتين، واعتذر عن أسلوبه الوعظي، وقال: "سأخبركم بالأشياء التي سيخبركم بها الواعظ، ولكن لتتذكروا أن عليكم أن تهتموا بالناس إذا أردتم أن تكونوا كتاب قصص ناجحين".
فإذا صدق هذا على كتابة القصة، فبإمكانك أن تكون واثقاً من أنه يصدق أيضاً على التعامل مع الناس وجهاً لوجه.
كما كان هذا أيضاً هو أحد أسرار الشهرة الواسعة لتيودور روزفلت، فقد كان الجميع يحبونه حتى خدمه، وقد كتب خادمه الخاص جيمز.ي. آموس كتاباً عنه سماه "تيودور روزفلت، بطل لخادمه الخاص"، وفي هذا الكتاب يقص آموس هذه الحادثة التي توضح الكثير: "سألتْ زوجتي الرئيس ذات مرة عن طائر السمان الأمريكي ولم تكن قد رأته من قبل، فما كان منه إلا أن وصفه لها بالكامل، وبعد ذلك بمدة من الزمن رنّ الهاتف في كوخنا – كان آموس وزوجته يعيشان في كوخ بضيعة روزفلت– فردت زوجتي على الهاتف، لتجد المتحدث هو السيد روزفلت بنفسه، وقال لها إنه اتصل بها ليخبرها أن هناك طائر سمان خارج نافذتها، وإنها لو نظرت إلى الخارج لرأته. وقد كانت له بعض الأعمال الصغيرة مثل هذه مميزة جداً، وعندما كان يذهب بالقرب من كوخنا، وبالرغم من أننا كنا بعيدين عن مرمى البصر، فإننا كنا نسمعه يصيح قائلاً: "ووو..آني" أو"ووو.. جيمز"، وقد كانت هذه مجرد تحية لطيفة منه، وهو يمر بجوارنا.
حبُّ الناس
كيف يمكن لموظف أن يمنع نفسه من حب رجل مثل هذا؟ كيف يمكن لأي شخص أن يتوقف عن حبه؟
وكل منّا، سواء كنا عمالاً في مصنع، أو موظفين في مكتب، أو حتى ملوكاً على عروشنا، كلّنا يحب الناس الذين يحبوننا، وخذ مثالاً على هذا القيصر الألماني، فمع نهاية الحرب العالمية الأولى ربما كان هذا الرجل أكثر الرجال على وجه الأرض تعرضاً للازدراء بشكل قاسٍ وفي جميع أنحاء العالم، بل إن أمّته ثارت ضده عندما سافر إلى هولندا للنجاة بنفسه، وكانت الكراهية ضده شديدة للغاية حتى إنّ هناك الملايين كانوا يودون لو قطعوه إرباً أو وضعوه على الخازوق، ووسط هذه النيران المتأججة من الغضب كتب طفل صغير رسالة إلى القيصر، وكانت رسالة بسيطة وصادقة تتقد حباً وشفقة، وقال الطفل: بغض النظر عن وجهة نظر الآخرين، فسأظل أحبه كإمبراطور، وتأثّر القيصر بهذا الخطاب كثيراً، ودعا الطفل ليأتيه حتى يراه، وجاء الطفل ومعه أمه، التي تزوجها القيصر، ولم يكن الطفل بحاجة إلى قراءة كتاب عن كيفية كسب الأصدقاء والتأثير في الناس، فقد كان يعرف هذا النوع من الأساليب بشكل فطري.
فإذا كنّا نريد أن نكسب أصدقاء، فلنحيِّيْ الناس بحرارة وحماسة، وعندما يحادثك شخص على الهاتف استغل هذه الحقيقة النفسية، وقل "مرحبا" بنغمة توضح سعادتك الكبيرة باتصاله، وإن كثيراً من الشركات تقوم بتدريب عمال الهاتف على تحية جميع المتصلين بطبقة صوت تعكس الاهتمام والحماس، وبذلك يشعر المتصل باهتمام الشركة به، ولتتذكر هذا عندما ترد على الهاتف في المرة القادمة، أظهر اهتماماً صادقاً بالآخرين، فالاهتمام لا يكسبك الأصدقاء فقط، بل يولد في العميل ولاء لشركتك.