إعداد: بشار حالول
الذكاء لا ينتج من الفراغ اللحظي أو الآني، بل يجب أن يسوده مخزون معرفي، والعقل هو الذي يكون قادراً على أن يصنع من الجحيم نعيماً وأن يصنع من النعيم جحيماً..
فالإنسان قادرٌ على أن يختار ما يريد، سواء أكان هذا الاختيار شعورياً أو غير شعوري، فإن اخترنا طريق النجاح وصلنا إليه، وإن اخترنا طريق الكسل والتقوقع كانت نهاية طريقنا الفشل لا محالة، إذاً نحن الذين نختار..
والإنسان الذي يمتلك عقلاً ذكياً وعقلاً ناجحاً في التفكير وفي اتخاذ القرارات، هو الإنسان الذي يعرف نتائج القرارات التي يتخذها، فأن نقوم بعمل ما وأن نعرف النتائج التي نحصل عليها من هذا العمل، وأن تكون لدينا القدرة على المرونة وقابلية للتغير من أجل أن نصل إلى النجاح الذي أردناه، فهنا يمكن أن نقول عن أنفسنا إننا قد اخترنا طريق النجاح.
يرغب الإنسان بطبيعته في أن يكون ناجحاً ومتفوقاً في العديد من الأمور التي يقوم بها في حياته، ولكي يكون ناجحاً متفوقاً وصاحب عقل يتمتع بأكبر قدرٍ من الذكاء فلا بد من أن يكون له في حياته حقائق قادرة على أن توصله إلى هذا النجاح.
وهذه الحقائق هي نتيجة تجارب يمر بها الإنسان في حياته، فهي ليست مجرد أوهام أو كلام، بل هي أشياء موجودة في الواقع.
الحقيقة الأولى
التي هي البداية.. فكل شيء يحدث في حياتنا له علة وغرض، وهذا الشيء مفيد لنا، فيجب أن نستفيد مما يحدث لنا بأي طريقة ممكنة، وإذا وجدنا أن أغلب الناجحين لديهم القدرة الخارقة والعجيبة على التركيز على ما هو ممكن في أحد المواقف، والتركيز على النتائج الإيجابية التي يمكن أن يسفر عنها هذا الموقف، فهؤلاء الناجحون يفكرون بالنظر إلى الإمكانيات دون النظر إلى مقدار ما ترسب في نفوسهم من سلبيات بيئتهم، وهم يظنون أن كل شيء يحدث لعلة، وهذا الشيء مفيد لهم، ويعتقدون أيضاً أن كل محنة تحمل في طياتها بذرة منفعة تضاهي هذه المحنة أو تفوقها.
لذلك.. إذا كنت تعتقد بأنك تمتلك الذكاء والعقل فعليك أن تعرف أن الأشياء التي تحدث مهما كانت نتائجها هي مفيدة لك.
مثال: شركة أخفقت في الحصول على عقد مع أحد المصانع، وكان هذا العقد بالغ الأهمية لتلك الشركة، فهل من الأجدر أن يجلس مدير الشركة ويلوم معاونيه وموظفيه، وأن يغضب وينتابه اليأس؟ أم أن يفتش عن الأسباب ويدرسها جيداً لكي يستطيع أن يتجنبها في المستقبل ويستفيد من تلك الأسباب؟
الحقيقة الثانية
هي الفشل وهو إحساس يمكن أن يصيب أغلب الناس، لا يوجد شيء اسمه الفشل، هنا يوجد نتائج فقط، أنت قمت بعمل يمكن أن يكون ناجحاً ويمكن ألا يكون كذلك، إذاً كل شيء ممكن، من منا لا يخاف الفشل؟..
إننا نذكر أننا كنا نطلب شيئاً في بعض الأوقات فنحصل على شيء آخر، جميعنا قد مررنا بحصيلة أو نتائج لأشياء قد قمنا بها، فمن الأفضل أن نقول نتائج بدلاً من الفشل، فأنا مثلاً أتقدم إلى الامتحان ويمكن أن أنجح ويمكن ألا أنجح، فهذه حصيلة أو نتيجة عمل قمت به.
ويمكن أن أكون صاحب عمل قمت بوضع خطة للعاملين لتحسين الأداء الوظيفي ولم تنجح هذه الخطة، فأنا لم أفشل في عملي، لأن هذه النتيجة ستساعدني في المستقبل على وضع خطة أفضل منها، وكثيراً ما ينجح الناس في تحقيق بعض النتائج، وأعظم الأشخاص نجاحاً حسب مفهومنا ليسوا أشخاصاً لم يصبهم الفشل، بل هم أشخاص يعرفون أنهم إذا جربوا شيئاً ولم يحقق النتائج المرجوة فإنهم بذلك يكونون قد مروا بتجربة يتعلمون منها، فالعقل المتميز لا يبحث عن الأخطاء أو يفتش عنها، بل يجد العلاج بدلاً.
مارك توين قال: "ليس ثمة مشهد أكثر حزناً من شاب متشائم"، وإذا فكرنا قليلاً بذلك وجدناه محقاً، فالأشخاص الذين يؤمنون بالفشل يحكمون على أنفسهم بحياة دون المستوى الذي يليق بعقل يتعامل مع الحقائق والنتائج، عقل يتمتع بقدر لا بأس به من الذكاء، فالفشل لا يعرفه العظماء ولا أصحاب العقول المفكرة، فمن منا لم يسمع بقصة توماس أديسون والمحاولات الفاشلة التي قام بها في سبيل اختراع المصباح الكهربائي؟
الحقيقة الثالثة
هي المسؤولية.. فيجب أن نتحمل مسؤولية كل الظروف لكي نستطيع أن نبلغ ما نريد، فيجب أن تمتلك مسؤولية كاملة للمواضيع والأعمال التي تتبناها، من خلال تحمل المسؤولية، فنحن نحتفظ بالقوة التي تمكننا من تغيير النتيجة التي تحققت معنا.
الحقيقة الرابعة
إذا كنت ترغب في أن تحصل على نتيجة جيدة فيجب أن تكون مركزاً على شيء واحد، وأن تفهم شيئاً واحداً، وأن يكون تركيزك فقط على الموضوع الذي أنت تفكر فيه، وتريد أن تحصل على نتائج جيدة من خلاله.
الحقيقة الخامسة
العمل بروح الفريق الواحد.. والهدف المشترك.. ويجب أن ندرك أن الطريق إلى نجاحنا هو من خلال تشكيل فريق ناجح يتعاون بعضه مع بعض.
الحقيقة السادسة
العمل هواية ولعبة، فالإنسان الناجح لم يحقق نجاحه إلا من خلال القيام بعمل شيء يحبه، فلن نرى شخصاً ناجحاً بشكل جيد إذا كان يقوم بعمل يكرهه، فمفاتيح النجاح تكمن في حب ما تعمل.
الحقيقة السابعة
هي أيضاً من القواعد بالغة الأهمية في النجاح؛ إنها الالتزام، فلا يوجد نجاح دائم دون الالتزام، فالأفراد الذين يحققون نجاحاً هم ذوو إيمان كبير بقوة الالتزام.
وإذا كان ثمة حقيقة واحدة ملازمة للنجاح.. فهي الالتزام؛ إذ لا يوجد نجاح كبير وعظيم مالم يكن هناك التزام شديد.
وإذا نظرنا إلى العظماء والمخترعين في المجالات كلها، سنجد أنهم ليسوا الأفضل أو الأكثر ذكاء أو أسرعه.. ولكن سنجد أنهم أكثر التزاماً.
ولهذا، إذا كان العقل البشري مدركاً هذه الحقائق إدراكاً واعياً فإننا نستطيع أن نقول: إنه عقل يتميز بقدر لا بأس به من الذكاء، لأنه من خلال هذه الحقائق يستطيع أن يكون ذا مقدرة على التفكير والمضي في التخطيط الصحيح الذي يؤدي إلى النجاح -بإذن الله- في النهاية.