حلمك بيدك
إعداد: غنى الحلبي
كثيراً ما نتألم لعدم تحقيق أحلامنا، تلك الأحلام البسيطة التي تراودنا يومياً، وتمر الأيام لنجدد أحلامنا بأحلام أخرى، وحينما نتذكر ماحلمنا به في السنوات القليلة الماضية فإننا لا نجد لها تلك الأهمية الكبيرة التي كنا نجدها حين يحلم أحدنا بهدفه. فحلمنا اليوم هو الأهم، وكذلك حلم الغد هو أكثر أهمية.
وكيفما كان الحلم لابد من أن تكون ثمة عقبات تعيق تحقيقه، وفي الواقع هي لاتعيق تحقيقه بل تؤخره بعض الشيء فبقوة الإصرار والعزيمة والرغبة في تحمل مختلف العقبات التي تواجهك ستجعل من حلمك حقيقة ملموسة.
انتظرنا وقتاً طويلاً لحدث ما، وفي اللحظات الأخيرة من الانتظار تأتي عقبة تفسد كل شيء! وهنا يبدأ اليأس والحزن والكآبة وغيرها من السلبيات التي لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيداً.
وهنا فكّر.. أيهما الأقوى والأهم بالنسبة إليك، حلمك الذي انتظرته طويلاً، أم حزنك المفاجئ؟ وتذكر أنك تريد أن يبقى حلمك خالداً، فحلمك ذو ثمن غال ولن تناله بسهولة وراحة.
فلا تسمح للتشاؤم الذي ينتظر ضعفك بزيارتك، فالتشاؤم يجعلنا نفقد حبنا للحياة، ومن ثم سيجعلنا نفقد أحلامنا وأهدافنا التي يجب أن نعيش لها، فالتشاؤم يقضي على الحياة!
وفي الوقت ذاته نرى ونقرأ ونسمع أن هناك أحلاماً تحققت، لنتذكر بعدها كثيراً من المواقف والأقوال والحكم التي لم يقلها أصحابها من فراغ لتقوينا على تخطي الصعوبات. فلست الوحيد الذي ينتظر تحقيق حلمه، وهناك كثير ممن يحارب العقبات ويتخطاها.
يقول بنجامين ديزرائيلي: ( ليس هناك ما يقاوم إرادة الإنسان التي تخاطر بوجودها من أجل هدف محدد).
فقرارنا هو ما يحدد مصيرنا وليست ظروف حياتنا، فقوة إرادتنا والالتزام أمر أساسي لتحقيق الرغبات، ويختلف الالتزام بالشيء عن الاهتمام به، فالالتزام هو أن نقرر وننتج مانريد تحقيقه.
وفي أحيان كثيرة تحاول متابعة كل ما يقال ويكتب حول قوة الإرادة وكيفية تحقيق الأهداف فكأنك تبحث عمَّن يشجعك ويساعدك ليؤكد لك أنك ستنجح كما نجح غيرك. لأنك في الوقت نفسه ستواجه من يحاول إعادتك إلى الخلف ويجعلك تشعر بالفشل، فكل ما عليك فعله هو أن تتجنبهم وتحاول إيجاد أشخاص يهتمون لنجاحك ولتحقيق ماحلمت به، ليقدموا لك المساعدة والتشجيع لترى حلمك حقيقة وتثابرعلى بذل قصارى جهدك لتنعم بتحقيق أحلامك.
وقد يختلق الناس الأعذار لعدم تحقيقهم أهدافهم فيرمون اللوم على والديهم، أو سوء التعليم، أو قلة الفرص..،إلا أن قوة قرارك والالتزام به يغيّرحياتك.
كما يقول بنجامين: ( ليس الإنسان هو مخلوق الظروف، بل الظروف هي من صنع بني البشر). فلا ترمِ اللوم على الظروف التي تستطيع مواجهتها والقفز فوقها أو المرور من تحتها.
ولقد حرر (غاندي) الهند من الحكم البريطاني، تلك هي أهدافه التي غيرت موازين القوة في العالم. فالإصرار والالتزام بتحقيق الهدف يصنع المستحيل.
ويقوى الصراع بينك وبين العقبات التي ستزداد كلما زاد يقينك بحلمك، تلك العقبات التي تعد الأساس في بنية تحقيق الحلم، وإن أي بناء بلا أساس لن يكتمل وسيسقط عند أول تحدٍّ يواجهه، فحلمك ستراه حقيقة بالإصرار عليه مهما كانت الصعوبات، ليبقى ذلك الكنز الذي حلمت به أمام عينيك طويلاً. تذكر أن هناك أحلاماً لم تتعب لتحقيقها وتحققت، فهي أحلام بسيطة تحققت وانتهت، ولكن الحلم الحقيقي هو حلم الماضي والحاضر والمستقبل، وبعد تحققه ستحافظ عليه كجرَّة الكنز.
فحلمك اليوم سيوضح لك كيفية العيش في السنوات القادمة من حياتك، فتحمُّل العقبات ومواجهتها تنتج راحتك النفسية في المستقبل، وستكون أكثر هدوءاً واستقراراً وستكون راضياً عن نفسك.
فلا بد من العقبات لنصل إلى ما نريد بقوة، وكل من ينجح بحياته يعلم أن العقبات ما هي إلا وسيلة للحصول على الأهداف، فالعقبات تقويك في مواجهة المستقبل، وبعد كل عقبه تأتي فرصة بنفس قدرها أو أكبر. فلا بد من التركيز على تحقيق ماتريد وسوف تجد كثيراً من السبل التي تعينك على ذلك.
فكل المثبطات والتجارب الفاشلة ما هي إلا الأسس التي ستوصلك إلى ما تريد في حياتك. يقول توماس أديسون: ( لست أشعر ببرود الهمة، لأنني أتخلى عن كل محاولة خطأ، وكل ما أتخلى عنه من الخطأ هو خطوة أخرى تقودني إلى الأمام).
إن الحياة كالبحر، ونحن فيها كالأسماك، فلا بد من أن تصدمنا بعض الصخور، وذلك ليس بالأمر السلبي، بل هي من منكِّهات الحياة. لأن الحياة إن خلت من تلك الأمور التي نراها مشاكل سلبية فلن تبقى حياة دنيوية! فالحياة لعبة يجب أن نتعلم كيف نربحها. وإن وجدنا أمنياتنا سهلة المنال أمامنا فلن نجد في الحياة لذة أو متعة، فما نحصل عليه دون تعب لن نحافظ عليه كالطموح الذي وصلنا إليه بجهدنا وصبرنا. فكل إخفاق نتعرض له في سبيل تحقيق الهدف ماهو إلا درجة نصعدها للوصول إلى ما نريد، ومن ثم تبقى تلك الصعوبات تجارب مرجعية في حياتنا المستقبلية.
يقول هانيبال: ( إما أن نجد لنا سبيلاً، أو أن نصنع لأنفسنا سبيلاً ) فطريقنا نمشيه باختيارنا وإرادتنا، فالطريق من صنعنا، وهدفُنا أمامنا، فحلُمنا بأيدينا.
يذكر أن هوندا مؤسس شركة السيارات المعروف باسمه كان في عام 1938 لا يزال طالباً في المدرسة حين استثمر كل ما يملك في ورشة صغيرة، طور فيها مفهوم (حلقة الصمام) التي تستخدم للسيارات، وكان يريد أن يبيع ما ينتجه لشركة تويوتا. وبدأ يجاهد ليلاً ونهاراً في عمله وهو مؤمن بقدرته على التوصل إلى نتيجة. وقد رهن مجوهرات زوجته لمتابعة عمله، وبعد أن وصل إلى تطوير حلقات الصمام النهائي، التي كان يصنعها قدمها لشركة تويوتا فقيل له إنها لا تتوافق مع مقاييس تويوتا! وبعد تحمّله سخرية مدرسيه وزملائه، قرر أن يتابع التركيز على هدفه بدلاً من التركيز على الألم الناجم عن تجربته الفاشلة وسخرية الآخرين منه، وبعد عامين وقَّعت معه شركة تويوتا العقد الذي طالما حلم به. هوندا كان يعرف ما يصنع والتزم بذلك إلى أن وصل إلى النتيجة التي حلم بها.
فكيف يمكن أن نحوّل الأحلام إلى حقائق؟
يقول انتوني روبنز في كتابه (قدرات غير محدودة) ليس من المهم أن تعرف كيف تتوصل إلى نتيجة، بل أن تصرَّ على التوصل إلى هدفك مهما كانت التحديات.
أولاً- قرر ماذا تريد، ثم أقدم على العمل، ثم راقب النواحي التي تنجح والتي تفشل، وأخيراً غيّر اتجاهك إلى أن تتوصل لتحقيق ماتريد.
ويؤكد(انتوني) أن (اللحظات التي تتخذ فيها قراراتك هي التي تقرر مصيرك).
فلا تبخل على نفسك بتحقيق حلم تمنَّيته طويلاً وبيدك تحقيقه، قرر والتزم فقط، لأنك تستطيع أن تقف في وجه كل ما يعيق تقدمك إلى حلمك الذي هو حياتك كلها.