عادت الفتاة الصغيرة من المدرسة ، وبعد وصولها إلى البيت لاحظت الأم أن ابنتها قد انتابها الحزن، فاستوضحت من الفتاة عن سبب ذلك الحزن .
قالت الفتاة : أماه إن مدرّستي هددتني بالطرد من المدرسة بسبب هذه الملابس الطويلة التي ألبسها .
الأم : ولكنها الملابس التي يريدها الله يا ابنتي.
الفتاة : نعم يا أماه .. ولكن المدرّسة لا تريد .
الأم : حسناً يا ابنتي ، المدرسةلا تريد ، والله يريد فمن تطيعين ؟
أتطعين الله الذي أوجدك وصورك، وأنعم عليك ؟
أم تطيعين مخلوقة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً .
فقالت الفتاة : بل أطيع الله .
فقالت الأم : أحسنت يا ابنتي و أصبت .
وفي اليوم التالي .. ذهبت تلك الفتاة بالثيابالطويلة .. وعند ما رأتها معلمتها أخذت تؤنبها بقسوة ..فلم تستطيع تلك الصغيرة أن تتحمل ذلك التأنيب مصحوباً بنظرات صديقاتها إليها فما كان منها إلا أن انفجرت بالبكاء ..ثم هتفت تلك الصغيرة بكلمات كبيرة في معناها .. قليلة في عددها : والله لاأدري من أطيع ؟ أنت أم هو !.
فتساءلت المدرسة : ومن هو ؟ .
فقالت الفتاة : الله ،أطيعك أنت فألبس ما تريدين وأعصيه هو .
أم أطيعه وأعصيك ، سأطيعه سبحانه وليكن مايكون .
يا لها من كلمات خرجت من ذلك الفم الصغير .
كلمات أظهرت الولاء المطلق لله تعالى .
أكدت تلك الصغيرة الالتزام والطاعة لأوامر الله الواحد القهار .
هل سكتت عنها المعلمة ؟ .
لقد طلبت المعلمة استدعاء أمِ تلك الطفلة ..فماذا تريد منها ؟
وجاءت الأم .
فقالت المعلمة للأم : لقد وعظتني ابنتك أعظم موعظة سمعتها في حياتي .
نعم لقد اتعظت المعلمة من تلميذتها الصغيرة .
المعلمة التي درست التربية وأخذتقسطاً من العلم .
المعلمة التي لم يمنعها علمها أن تأخذ " الموعظة " من صغيرة قدتكون في سن إحدى بناتها .
فتحية لتلك المعلمة .
وتحية لتلك الفتاة الصغيرة التي تلقتالتربية الإسلامية وتمسكت بها .
وتحية للأم التي زرعت في ابنتها حب الله ورسوله . الأم التي علمت ابنتها حب الله ورسوله .
فيا أيتها الأمهات المسلمات : بين أيديكن أطفالكن وهم كالعجين تستطعن تشكيلهم كيفما شئتن فأسرعن بتشكيلهم التشكيل الذي يرضى الله ورسوله .
علمنهم الصلاة .
علمنهم طاعة الله تعالى .
علمنهم الثبات على الحق.
علمنهم كل ذلك قبل وصولهم سن المراهقة .
فإن فاتتهم التربية و هم في مرحلة الصغرفإنكن ستندمن أشد الندم على ضياع الأبناء عند الكبر .
وهذه الفتاة لم تكن في عصرالصحابة .. ولا التابعين .
إنما في العصر الحديث .
وهذا مما يدل على أنناباستطاعتنا أن نوجد أمثال تلك الفتاة .
الفتاة التقية الجريئة على إظهار الحق والتيلا تخشى في الله لومة لائم .
فيا أختي المؤمنة …. ها هي ابنتك بين يديك .
فاسقيها بماء التقوى والصلاح .
وأصلحي لها بيئتها طاردة عنها الطفيليات والحشرات الضارة .
وها هي الأيام أمامك .
فانظري ماذا تفعلين بالأمانة التي أودعها لديك رب السموات والأرض !! .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ، ومن أسخط الناس برضا ا لله كفاه الله مؤنة الناس )) .