الخلوة مع الله جل جلاله
لحظات سماوية خالصة
هل جربت متعة الخلوة مع الله جل جلاله
في الليل والناس نيام ..!؟
يعطيك نسائم من هذه المتعة الروحية ، أولئك الذين عاشوا التجربة ،
وذاقوا ما فيها من لذة عجيبة تعجز عن وصفها الكلمات ..
هي لحظات من عمرك ..!
ولكن من قال أن لحظة واحدة خالصة صافية مع الله ولله
أنها من ساعات الدنيا ..؟!
كلا .. كلا .. كلا والله
بل هي لحظة أُخروية خالصة ، تساوي الدنيا كلها بمن فيها وما فيها ..!
ليس هذا كلاماً إنشائياً والله ..
إنها ساعة تغتسل فيها الروح ، ويصقل فيها القلب ،
وتتزكى فيها النفس ، وتشف فيها المشاعر ، وترف الأحاسيس ..
ويمتلئ القلب بنور السماء حتى تفيض منك عيناك
رغماً عنك وأنت تناجي مولاك ...
في صلاة الليل زاد ، وري
وفي صلاة الليل طاقة ، ووقود
ركعات في جوف ليل لا يعلم بها إلا الله
تسافر خلالها الروح سفرا عجيبا ، تستجلب لك
البركات والرحمات والخيرات والأنوار
تهب على قلبك خلالها _ إذا أحنت توجيه قلبك إلى السماء _
نفحات ربانية خاصة ، ليغترف من فيض النور نورا
ومن هنا كان الصالحون في كل زمان ومكان يأنسون بالليل
لأنهم يختلون فيه مع ربهم جل جلاله
ساعة من زمانهم ، يجدون فيها أنفسهم على باب الآخرة !
وينفضون خلالها كدر قلوبهم
ويتزودون منها لنهارهم وهم يواجهون الحياة والأحياء
عد إلى سيرة الصالحين واقرأ وتدبر وتابع وتأمل
تجد أن قاسما مشتركا بينهم
هو وجدان لذتهم في قيام الليل
قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين أبهى الناس وجوها .
قال : هؤلاء قوم خلوا بالرحمن ، فأفاض عليهم نور نوره ..
أرجو أن تصغوا إلى الكلمات الآتية ،
التي ( تحاول ) أن تصوّر لك هذه المعاني كلها
بإيجاز شديد وبلغة شاعرة تحرك المشاعر .. :
ركعتـــانْ ..
في سكــونِ الليـلِ عني تجلــوانْ
ظلمــةَ اليــأسِ ، وأكــــدارَ الزمــانْ
وتُشيعـــانِ الرضى في أُفــقِ نفــسي..
فإذا النجــوى تعالــتْ كالشــذا تمــلأ حـسـي
وأصــاخَ الليــلُ في محــرابِ أشـواقي وأُنـسـي
وتهـــاوتْ دمعـتــــــانْ ..
خشَــعَ القـلـبُ وألقــى العــبءَ في ظــلِ الأمــانْ
وبـدتْ للـروحِ آفـــاقُ ابتهــالاتٍ .. وتسـبيحٍ .. وقـدســي
فتـعــرّى كـلّ شـيءٍ دون تمـويـهٍ ولبـــسِ
فــإذا الدنــيا متــاعٌ زائـــل يُلــهي ويُنــســي
وإذا أسـمــى المعــاني في مســراتٍ وأنــسـي
جمعتهــا في سكــونِ الليــلِ ،،
في ظــلِ الأمــــان ..
ركعـتـــــانْ ..!!
ومع أنه لا يصح أن نقول لك :
جرّب هذه الوصفة العجيبة ، ولن تخسر ..
ذلك لأن المعاملة مع الله لا تحتاج إلى تجريب ،
فهي مضمونة الربح ، رائعة النتائج..
ومع هذا أقول لك من باب المجاراة :
لا بأس جرّب ولن تخسر شيئاً ..
ولكن بشرط :
لا تستعجل ، بل عليك أن تصبر وتصابر وترابط
وتديم قرع الباب حتى يفتح لك ،
وتستمر حتى يتفجر لك الينبوع العذب بسخاء ،
ويومها فقط ستدرك أنك ولدت من جديد ..
وصلي اللهم وسلم على حبيب الخلق والمرسلين محمد الأمين وعلى آله وصحبه الميامين .
وفقني الله وإياكم لكل خير