بيان صادق
كيف أكون جندياً للمقاومة؟؟!
ودَّع زوجته و أولاده, في نظرةٍ قد تكون الأخيرة أرسل بدمعةٍ من قلبه سلاماً لهم, تعلَّقت فيه طفلته الصغيرة ليبقى ويحميها من أصوات الطائرات, لكنَّها لم تُدرك بأن حمايتها تتطلب أن يكون أباها جُندياً في المـقاومة, قد لا تراه بعد اليوم!
كيف تُصبح جندياً في المقاومة, دون أن تخسر روحك أو أهلك أو بيتك!؟ كيف تُساندهم وأنت تنعم بالأمن والأمان!؟ كيف تأخذ شيئاً من أجرهم دون أن تحمل سلاحك معهم؟ وكيف لك أن تدا
وكيف لك أن تداوي جرحاهم دون أن تكون طبيباً يُسمح له الوصول إليهم!؟
تتَّسعُ الجراحٌ وتضيق الآمال في عين طِفل يعشق الكرة, استيقظ بصاروخٍ أبقى أقدامه في سُبات عميق!
و تُذبح معاني الطفولة في عين صغيرةٍ تتباهى بجمالِ وجهها؛ لتصحو على تشوِّهٍ وحروق خلطت تعابير الوجه البريء, وأنهت لحظة الجمال.
ما أصغر الدنيا في عينِ أمٍ رُزقت مولوداً بعد عشرِ سنوات من الحِرمان, وعندما اشتدَّ القصف وعلت أصوات المدافع و زمجرة الطائرات المُرعبة؛ خرجت من غرفتها مسرعة وهي تحمل كرسيَّ الطفل؛ غافلة من شدَّة الصدمة عن أنها قبل دقائقٍ قليلة كانت قد نقلت الطفل من الكرسيٍّ الصغير إلى المهد؛ فيدفن هناك دون أن يُتعبَ أحداً في إهالةِ التُرابِ على وجهه الغض الطرِّي!
أين نحن عن ذاك العجوز الذي مضى به قطار العمرِ بعيداً, وأوقفه في محطةٍ لا تُمكِّنه من العودة إلى الماضي إلا في مخيلته الهزيلة. ما الذي سيفعله هذا العجوز عندما يرى أنَّ ابنه الكبير وسنده الذي وضع حمل كهولته عليه- بعد الله- أنَّه وأبناءه وزوجته, قد ذهبوا إلى غير رجعة! كيف سيعيش من ضاقت به الدنيا وأهله معه, كيف سيعيش إن رحلوا إلى تحت ركام منزلٍ بناه بعرقه وكدِّه!؟
طفلٌ صغير, لن تستطيع تحمَّل الشظايا التي مزَّقت جسده, ربما أفقدته القدرة على الأحلام في المُستقبل, وربما لن يتوقف أثرها عند هذا الحد! إنه لا يفهمها ولا يعرف ما هذا اللون الأحمر الذي أوجعه!؟ يراه مؤذياً قد وسَّخ نظافة يده, نسي أن يبتسم لك في الصورة؛ اعذره فالوجع أفقده الشعور!
غارة جوية إرهابية أفقدته أطراف صديقه, وإن كان وجهه يبدو مُتفحماً إلا أنَّ لديه أملا بأن يظلَّ رفيق دربه حياً.
انظر في زوايا المكان, ستجده إصبعاً مرفوعاً يشهدُ بأنَّ الله أكبر!
بدأت الحرب على غزَّة لتختم عام 2008 بالدماء الطاهرة الغزِّية, ولتُسطِّر تلك الدماء رِسالةً لن يعود العام ليمحوها: " إننا ظُلمنا وكان العربُ على ظُلمنا من الشاهدين". وسُنسأل جميعاً ماذا قدَّمنا لهؤلاء؟
كيف يمكنني المساعدة وأنا طالبٌ جامعي.. وأنا امرأة مربيَّة لا أعمل.. وأنا رجل أعمال و وقتي لا يسعفني.. وأنا فتاة في مُقتبل العُمر لا دخلَ لي بالسياسة... وأنا مهندسٌ وأنا عاملٌ وأنا طبيب, وأنا كهل عجوز قد بلغتُ من الكِبر عِتياً!؟
للمساعدةِ أبوابٌ عدَّة لن يعجز أحدنا عن اختيار أحدها ليزداد قرباً من الله وبعداً عن النار بإنقاذ أهله في قطاع غزَّة المنكوب الصامد:
- تعرية جرائم الاحتلال الصهيوني والمشاركة - في هذه الحملة أو في غيرها- لتوعية الناس الذين لم يصلهم خبر شلال الدماء النازفة والهدَّارة.( من خلال الندوات, اللقاءات, عروض بسيطة تستخدم بعض صورِ المعاناة, مواضيع تُكتب وبيانات ومناشير تُوزَّع؛ تضامناً مع قضية غزَّة العادلة).
- متابعة أخبار الحرب الصهيونية الطاحنة عبر القنوات التي تنقل صوت الشعب الجريح, والبعد عن وسائل الإعلام التي تحاول النيل من الشعب و من مقاومته بشتى الوسائل والطرق.
- المشاركة في المُظاهرات والمسيرات والفعاليات التي تُقام؛ لأنها تُبقي القضية حيَّة, و رغم فائدتها البسيطة لأهل غزَّة إلا أنَّها تشحن نفوسنا وتزيد من غليانها, وتُربِّي الجيل القادم على التمرد على الظالمين, وتزرع في نفوس الصغار الحاضرين معاني خالدة من قبيل" الله غايتنا..الرسول قدوتنا.. والقرآن دستورنا.. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا". وتُبقي سيرة الغزاوي الذي سقى دين الله من دمه؛ حيَّة تطرب الآذان على الهتاف بها و ترديدها.
- الدعاء خيرُ سلاح يستطيعه الجميع؛ وقد كفل الله استجابته " ادعوني استجب لكم".
فلنُعاهد أنفسنا على صلاة حاجة يومية, ندعو فيها لأهلنا في غزَّة, حتى يجعل الله عليهم القصف برداً وسلاماً, وليشفي جراحهم بدوائه بعد ان عزَّ الدواء!
- الصيام يومياً حتى تنتهي الأزمة, فإن شاركتهم وحرمت نفسك من الطعام بضع ساعات من اليوم؛ فإنهم قد حُرموا الطعام في اليوم كُلِّه, ولم يُحرموا من القصف والدماء والصراخ والعويل, ودموع فقدانِ الأحبة!
- التبرُّع بالأموال عبر الجهات المختصة والموجودة في كل بلد, التبرُّع بمواد عينية من أهمها ( الأدوية والأدوات الطبِّية).
- مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية, فإن كنا عاجزين عن دعم أهل غزة بالدواء والخبز, علينا أن نتوقف عن دعم الكيان الصهيوني بالسلاح!!
- لو هُدم بيتك وقُتل أباك وأمُك, وجُرحت أختك مما تسبب ببتر ساقيها؛ هل ستطرب على الأغاني, وتستمتع بأخبار العُشَّاق والفنانين؟
" من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" صدق رسول الله.