| العلوم عند العرب والمسلمين | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: الأحياء السبت يوليو 03, 2010 7:10 am | |
| الأحياءعني العلماء المسلمون بكل جوانب المعرفة. لذا نجد أن سيرهم تبرز لنا شخصيات جامعة لم يقتلها التخصص الدقيق، بل أحياها الشمول الموسوعي في المعرفة، فقلّ منهم من لم يكن خصب الإنتاج في ضروب المعرفة السائدة آنذاك. بل إننا كثيرًا ما نجد أن من غلبت شهرته في الطب قد كتب في الكيمياء والفلك والطبيعة والرياضيات والنبات والحيوان. فابن سينا على الرغم من شهرته في الطب والفلسفة، كتب مقالات أصيلة في كتابه القانون خصصها للصيدلة وما يتصل بها من وصف للنباتات والعقاقير. كذلك خصص من كتاب الشفاء فصولاً نباتية وحيوانية بحتة وصف فيها أنواعًا مختلفة من النبات والحيوان والطير.النبات.كان اعتناء العلماء المسلمين بعلم النبات كبيرًا، وكان أنصاره أكثر من أنصار علم الحيوان. ولعل ذلك يعود في المقام الأول للعلاقة الوثيقة بين النبات والطب حيث كان ما لا يقل عن تسعة أعشار العقاقير المتداولة في العلاج من النباتات أو من خلاصات نباتية؛ حتى كان يطلق على الصيادلة في وقت من الأوقات اسم العشابين.
أخذ العرب معلوماتهم الأولى عن النبات من مصادر مختلفة، هندية ويونانية وفارسية ونبطية؛ فقد ترجموا كتب ديسقوريدس وجالينوس في علم النبات. ولم يكن عملهم في هذه الكتب الترجمة وحسب، بل كانوا يضيفون إلى ذلك الشروح والتعليقات. واقتبسوا منها ومن غيرها ما رأوه مفيدًا لتطوير زراعة أراضيهم داخل الجزيرة وأراضي البلدان التي فتحوها. وبذا نوعوا ثمراتها بإدخال أصناف جديدة، وزادوا في غلاتها، واستغلوا معرفتهم الجديدة بإدخال عقاقير ذات أصل نباتي لم تكن معروفة عند من نقلوا منهم من اليونانيين مثل: التمر الهندي والكافور والزعفران، والراوند والسّنامكة والإهليلج وخيار الشنبر. ونقلوا ثمار بعض النباتات الطبية من الهند كالأترج المدور الذي زرعوه في عمان، وجاءوا بالبرتقال من أوروبا من بلاد البرتغال.
لاشك أن العرب، قد تأثروا بالبلاد التي فتحوها كمصر والشام والعراق وفارس وشمال إفريقيا والأندلس. وفي الوقت نفسه نجد أن تلاقيًا وتبادلاً قد حدثا بين ثقافات هذه الشعوب، وصار الاتصال بينها ميسورًا بعد أن أصبحت تحت لواء أمة واحدة يجمعها دين الإسلام. لذا فما كان موجودًا في مصر من هذه الأمصار نقل إلى غيره ليسد الحاجة الاقتصادية هناك. ولما فتح المسلمون هذه البلدان عمدوا إلى إصلاح وسائل الري وتنظيمها ببناء السدود وحفر القنوات وإقامة الجسور والقناطر. واستغلوا الأراضي الزراعية باستنبات النبات المناسب في التربة الصالحة له، بعد أن وقفوا على خصائص أنواع التربة. كما اعتنوا بتسميد التربة، وجلبوا إلى جزيرة العرب وإلى البلدان التي صارت تحت أيديهم أنواعًا كثيرة من الأشجار والنبات والغلال كالأرز وقصب السكر والزيتون والمشمش التي أدخلوها إلى أوروبا،كما نقلوا إلى أوروبا نباتات وأعشاباً طبية وعطرية كثيرة. وكان من دأب المسلمين إذا فتحوا أي بلد بدأوا بشيئين لا يحيدون عنهما: بناء المسجد وإقامة المشاريع الزراعية؛ لذا فقد كان همّ الولاة الأول ـ بعد العبادة ـ الاستقرار الاقتصادي القائم على الزراعة. ومن ثَمَّ سرعان ما قامت الحدائق والجنان التي تبدو فيها مظاهر الترف بعد وقت قصير من الاستقرار. حدث ذلك في المشرق والمغرب على حد سواء، فانتشرت الحدائق التي أخذت بالألباب في كل من بغداد ودمشق ومكة والمدينة المنورة والقاهرة وقرطبة وصقلية وأشبيليا. وفي أسبانيا اليوم بقايا من هذه الحدائق مثل: حديقة المركيز دوفيانا، وحديقة القصر الملكي في أشبيليا، وجنة العريف في غرناطة، وبستان مسكن الملك الغربي في رندة. وقد أقاموا بعضًا من هذه الحدائق لتكون بمثابة حقول للتجارب الزراعية كما حدث في بغداد والقاهرة وقرطبة وغيرها، وتوصلوا من خلال هذه التجارب إلى إدراك الاختلاف التكاثري بين بعض النباتات. وتفنن العرب في هذه التجارب إلى أن استولدوا وردًا أسود، وأكسبوا بعض النباتات صفات بعض العقاقير في مفعولها الدوائي. وغرس العرب أشجارًا ثنائية المسكن فقد كانت لديهم أفكار واضحة حول إكثار النسل، وعنوا بالتسلسل النباتي. ومن العرب عرف الغرب الأفاوية كجوز الطيب، والقرنفل.
النبات وعلم اللغة. بدأ اهتمام العرب والمسلمين في علم النبات مرتبطًا بعلم اللغة العربية. فقد كانت النباتات بأسمائها ومسمياتها تشغل حيزًا كبيرًا من معجم مفردات العربية المنطوقة، وقد بدأ جمع مسمّيات هذه النباتات جنبًا إلى جنب مع جمع شتات اللغة وتدوين ألفاظها وذلك منذ صدر الإسلام. دونوا في البدء أسماء النباتات وأقسامها وكذلك الحيوانات على أنها أبواب من اللغة لا على أنها علم قائم بنفسه. فقد اعتبروا أن الزروع والثمار والأشجار والكروم والنخيل ينبغي أن تدخل معجم مفردات اللغة مرتبة وفق ترتيبها المعجمي. لذا دونوها مع اللغة وحفظت في دواوينهم على أنها جزء لا يتجزأ من اللغة وليست علمًا مستقلاً.
بدأ تدوين ألفاظ اللغة العربية نحو عام 155هـ، 772م. وقيل إن أول المصنفين كان عبدالملك بن جريج البصري. وتذخر المعاجم العربية مثل كتاب العين للخليل ابن أحمد ولسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروز أبادي وتاج العروس للزبيديّ بحصيلة وافرة من أسماء النباتات والأشجار والزروع. ثم بدأت الكتابات عن النبات تأخذ صفة التخصص وتفرد لها فصول في كتب متعددة. فنجد أن النّضر بن شميل (ت 204هـ،820م) يفرد الجزء الخامس من كتابه كتاب الصفات في اللغة للزروع والكروم والأعناب وأسماء البقول والأشجار. ثم ارتقى التصنيف خطوة أكثر تخصصًا بالتأليف الكامل عن الزراعة، وكان ذلك على يد أبي عبيدة البصري (ت 208هـ، 823م) في مؤلفه كتاب الزرع، ثم تلاه الأصمعي (ت 214هـ، 829م) وأبو زيد الأنصاري (ت 215هـ،830م) في كتاب النبات والشجر لكل منهما.
قد يتبادر إلى الذهن أن تدوين أسماء النبات في المعاجم كان عملاً نظرياً في مجمله، لكن هناك من العلماء من كان يدون ذلك ميدانياً. ففي لسان العرب يقول ابن منظور في مادة عفار: ¸قال أبو حنيفة أخبرني بعض أعراب السراة أن العفار شبيه بشجرة الغبيراء الصغيرة، إذا رأيتها من بعيد لم تشك أنها شجرة غبيراء ونورها أيضًا كنورها...·، ويذكر أن النّضر بن شميل قضى 40 سنة في البادية ليجمع أشتات النبات ويشاهد النبات في بيئته ويضبط مصطلحه. وكانت مصادر كل هؤلاء اللغويين حتى تلك الحقبة، مصادر عربية بحتة لم تتطرق إليها مفردات دخيلة إلا في وقت لاحق على يد العشابين اللاحقين كابن البيطار والزهراوي وغيرهما ممن اعتمد إلى جانب المصادر العربية أخرى فارسية ولاتينية ورومانية.
ومن اللغويين الذين تناولوا النبات في أعمالهم الخليل ابن أحمد (ت 180هـ، 796م) في كتاب العين وهشام ابن إبراهيم الكرماني (ت نحو 216هـ، 831م) في كتابه كتاب النبات، وأبو عبيد القاسم بن سلام (ت 223هـ، 837م) في الغريب المصنف. أما أبو حنيفة الدينوري (ت 282هـ، 895م) فيعدّ أول من ألّف في الفلورا (الحياة النباتية) العربية ويتضح ذلك في مصنفه كتاب النبات والشجر الذي جمع فيه ما يزيد على 1120 اسمًا من أسماء النباتات الموجودة في الجزيرة العربية. ومن اللغويين الذين أولوا النبات عنايتهم ابن السكيت (ت 243هـ، 857م)، والجوهري صاحب الصحاح (ت 393هـ، 1002م)، وابن سيده (ت 458هـ، 1066م)، صاحب المخصص، وابن منظور (ت 711هـ، 1311م) صاحب لسان العرب.
تصنيف النباتات. صنّف العرب نباتات بيئتهم تصنيفات شتى. منها ما يقوم على أساس لغوي كما ظهر لدى الخليل والأصمعي وخلافهما، ومنها ما كان تقسيمًا تفصيلياً عامًا مثل تصنيف ابن سينا، ومنها ما يعتمد على النوع كتصنيف إخوان الصفا وخلان الوفا. كما عرفوا التصنيف وفقًا لعوامل التربة أو ما يعرف حديثًا بالمجتمعات التُّربِيَّة؛ أي تلك التي يتأثر تكوينها الخضري بعوامل التربة، ومن هذه التصنيفات ما يكاد يقرب من تقسيم النباتات إلى نظام الفصائل المتبع حالياً.
تناول ابن سينا النبات فتكلم عنه كلامًا عامًا. وتوصل إلى أن "من النبات ما هو مطلق (قائم على ساقه)، ومنه ماهو حشيش مطلق (منبسط على الأرض)، ومنه ما هو بقل مطلق (لا ساق له) مثل الخس. ومن النبات ماهو شجر حشيش؛ وهو الذي ليس له ساق منتصبة وساق منبسطة مستندة إلى الأرض، أو الذي يتكون ويتفرع من أسفل مع انتصاب كالقصب، وأما الحشائش العظيمة وبعض الحشائش العشبية فمنها الذي له توريق من أسفله وله مع ذلك ساق كالملوكية (الملوخية). أما النبات البقلي فكثير منه ما لا ساق له تنتصب، وليس مستندًا بما هو ورق كالخس والحماض والسلق. وذلك بحسب أغراض الطبيعة؛ فإن من النبات ما الغرض الطبيعي في عوده وساقه، ومنه ما هو في أصله، ومنه ما هو في غصنه، ومنه ما هو في قشره، ومنه ما هو في ثمره وورقه".
أما النباتات المتسلقة، فإن ما يحفزها على هذا التسلق تعجيل نضجها. وفي هذا الصدد عقد ابن سينا مقارنة بين العنب والبطيخ. وتحدث عن توالد النبات من الثمرة والبذرة والشوك والصموغ وأشباهها. فقال: "إن من ثمر الشجر ما هو مكشوف مثل العنب والتين وغيرهما، ومنه ما هو في غلاف قشري كالباقلا، ومنه ما هو في غلاف غشائي كالحنطة، ومنه ما هو في قشر صلب كالبلوط، ومنه ما هو ذو عدة قشور كالجوز واللوز، ومنه ما هو سريع النضج جدًا، وما هو بطيء، ومنه ما يثمر في السنة مرارًا، ومنه ما لنضجه وقت معلوم، ومنه ما ليس لنضجه وقت".
وتناول أعضاء النبات المتشابهة كاللحاء والخشب واللباب، والأعضاء المركبة مثل الساق والغُصن والأصل (الجذر). وقال: ¸وللنبات أشياء شبيهة بالأعضاء الأصلية وليست بها كالورد والزهر وكالثمرة؛ فإنها ليست أعضاء أصلية ولكنها كمالية كالشعر للإنسان... والثمرة لا يحتاج إليها في جميع أجزائها لتكون للنبات أعضاء أصلية أو يكون لها توليد، وأما البذر فإنه يحتاج إليه في جميع أجزائه·.
يصنف إخوان الصفا، في رسالتهم الثانية، النباتات إلى ثلاث مجموعات: أشجار، وزروع وأجزاء (كلأ، وعشب، وحشائش). ولإخوان الصفا آراء جديرة بالاهتمام في أنواع النبات تكاد في مجملها تقرب من الآراء الحديثة، ملخصها أن النباتات هي كل جسم يخرج من الأرض، ويتغذى وينمو. "ومنها ما هي أشجار تغرس قضبانها أو عروقها، ومنها ما هي زروع تبذر حبوبها أو بذورها أو قضبانها، ومنها ماهي أجزاء تتكون إذا اختلطت وامتزجت كالكلأ والحشائش. فالشجر نبت يقوم على ساقه منتصبًا في الهواء، ويحول عليه الحول فلا يجف، بخلاف النجم وهو كل نبت لا يقوم أصله على ساقه مرتفعًا في الهواء، بل يمتد على وجه الأرض، أو يتعلق بالشجر ويرتقي معه في الهواء كالكرم والقرع والقثاء والبطيخ وما شاكلها. ومن الشجر ما هو تام كامل، ومنها ما هو ناقص، ومن التام ما هو أتم وأكمل من بعض، ومن النبات والأشجار ما ورقه وثمره متناسب في الكبر واللون والشكل واللمس كالأترج والليمون والنارنج والكمثرى والتفاح، ومنها ما هو غير متناسب كالرمان والتين والعنب والجوز. وعلى هذا حكم حبوب النباتات وبذورها.
ومن النبات ما ينبت في البراري والقفار، ومنه ما ينبت على رؤوس الجبال، وشطوط الأنهار، وسواحل البحار، والآجام والفيافي، ومنه ما يزرعه الناس ويغرسونه. وأكثر النبات ينبت على وجه الأرض إلا القليل منه فإنه ينبت تحت الماء كقصب السكر والأرز، ومنه ما ينبت على وجه الماء كالطحلب، أو ما ينسج على الشجر كاللبلاب، أو ينبت على وجه الصخور كخضراء الدمن.
ومن النباتات ما لا ينبت إلا في البلدان الدفيئة، ومنه ما لا ينبت إلا في البلدان الباردة. وبعضها لا ينبت إلا في الأرض الطيبة ومنه ما لا ينبت إلا بين الحصى والحجارة والأرض اليابسة والصخور، ومنها ما لا ينبت إلا في الأراضي السبخة.
وينبت أكثر العشب والكلأ والحشائش في الربيع، أما الذي ينبت منها في الفصول الثلاثة الأخرى فقليل. ومن أوراق الشجر والنبات ما هو مستطيل الشكل، ومنها ما هو مخروط الرأس مدور الأسفل، ومنه مستدير الشكل أو زيتوني الشكل، ومنه طيب الرائحة ونتن الرائحة، ومر الطعم وحلو الطعم. وأكثر ألوان ورق النبات أخضر، لكن منها ما هو مشبع اللون ومنها ما هو أغبر، ومنها الصافي اللون، ومنها أنواع ألوان ظاهرها خلاف باطنها، وهكذا ثمارها وحبوبها وبذورها وأزهارها.
من الثمار ما له قشرة رقيقة، أو غليظة ليفيّة، أو غضروفية صلبة، أو خزفية يابسة، ومنها ما في جوف قشرته شحمة ثخينة، أو جامدة رطبة سيالة عذبة، أو حلوة، أو مّرة أو مالحة، أو حامضة، أو دهنية دسمة، ومنها ما في جوف شحمه نواة مستديرة الشكل مستطيلة، أو مخروطة أو مصمتة أو مجوفة، ومنها ما في جوفه حب صغار، أو كبار صلب أو رخو عليها رطوبة لزجة، أو مجوفة داخلها لب، أو تكون فارغة. ومن الثمار ما لا ينضج كالبلوط والعفص وثمر السرو والإهليلج".
وجعلوا للنباتات رُتبًا؛ فمنها ما هو في أدنى الرتبة مما يلي رتبة المعادن، وهي خضراء الدِّمن، ومنها ماهو في أشرف الرتبة مما يلي رتبة الحيوان وهي شجرة النخيل. وعللوا ذلك بأن أول المرتبة النباتية وأقلها شأنًا مما يلي التراب، خضراء الدمن، فهي ليست سوى غبار يتجمع ويتلبد على الأرض والصخور والأحجار، ثم تصيبه الأمطار وأنداء الليل فيصبح كأنه نبت زرع وحشائش. فإذا لفحته حرارة شمس منتصف النهار جف، ثم يصبح من الغد مثل ذلك من أول الليل. ولا تنبت الكمأة ولا خضراء الدمن إلا في الربيع في الأماكن المتجاورة لتقارب ما بينهما، لأن هذا معدن نباتي وذلك نبات معدني.
أما النخل فهو آخر المرتبة النباتية مما يلي المرتبة الحيوانية. وسموه نباتًا حيوانيًا لأن بعض أحواله مباين لأحوال النبات وإن كان جسمه نباتًا، غير أنه حيواني بالنفس إذ إن أفعاله أفعال النفس الحيوانية وشكل جسمه شكل النبات. وفي النبات نوع آخر فعله أيضًا فعل النفس الحيوانية، لكن جسمه جسم النبات هو الكثوث. وذلك أن هذا النوع من النبات ليس له أصل في الأرض كسائر النباتات، وليس له أوراق مثلها، بل إنه يلتف على الأشجار والزروع والشوك فيمتص من رطوبتها ويتغذى بها؛ كما يتغذى الدود بورق الأشجار وقضبان النبات وإن كان جسمه يشبه النبات فإن فعل نفسه فعل الحيوان.
عرف العرب أيضًا تصنيفًا بيئيًا للنباتات نجده عند الأصمعي فمنها: 1ـ النباتات الحجازية؛ كالغرقد والسدر والعوسج. 2ـ النباتات النجدية؛ كالثغام، والحماض، والقتاد والبطم (الحبة الخضراء). 3- النباتات الرملية؛ كالغضى والأرطى والأمطى والعلقى والمصاص. 4ـ النباتات السبخية؛ كالقرمل، والعكرش والقلام والخريزي. 5ـ نباتات جبال السراة؛ كالشث، والعرعر، والطباق، والياسمين البري.
ميّز العرب أيضًا النباتات التي تنمو في الكثبان الرملية وغيرها، أو ما نطلق عليه اليوم المجتمع أو العشيرة النباتية. فالشَّعَر هي مجتمع الكثبان المرتفعة المستطيلة، والضفار هي التي تنبت الثَّمام والثُّداء، ومجتمع الدَّوِّ ليس به أشجار، وهو أرض مستوية ليس فيها رمال أو جبال، ولا ينبت الدَّو سوى النصي والصّخبر وأشباههما. وكما يقول الأصفهاني في بلادالعرب ¸لا ترى به شجرة مرتفعة رأسًا ولا عرفجة ولا غيرها، إنما تراه مبيضاً كله·. والذروة النباتية للدَّوِّ هي النجيليات المعمرة. ويطلق على هذا المجتمع اليوم مجتمع الصّخبر والصليان. وللتربة الملحية وضعوا مصطلح العِرْ. أما مجتمع السدر والأراك وما بينهما من العشب فقد أطلقوا عليه الخبر، وسموا المكان الذي يتجمع فيه الثمام والضعة العقِدَة، وأطلقوا مصطلح السِّلَيِّل على الأودية التي ينبت فيها السلم والسحبل والجلواخ.
كما تحدث العرب في تصنيفهم للنبات عن التكوينات الطبيعية في البيئة كالدهناء والنفود والبادية والحماد وقسموها إلى مجتمعات. ثم قسموا هذه المجتمعات إلى تقسيمات أصغر زيادة في التخصيص لتعبر عن مزايا التضاريس أو التربة وربط هذه المزايا بالنباتات السائدة، ومن أمثلة ذلك الجدول المبين في الصفحة التالية.
ومن تصنيفات العرب لأنواع النبات تصنيف يقارب تقسيم الفصائل المعروف اليوم. فالفصيلة المركبة أطلقوا عليها مجموعة المرار، والفصيلة الرمرامية مجموعة الحموض، وفصيلة الحمحميات مجموعة الكحليات، والفصيلة الصليبية مجموعة الحرف، وفصيلة الغرنوقيات هي مجموعة الدهامين.
تضم مجموعة المرار أنواعًا صحراوية وجفافية مهمة تنتمي للفصيلة المركبة، وهي ذات مذاق مر يظهر في لبن الحيوانات التي تتغذى بها. من هذه المجموعة: الشيح، والقويصيمة، والمرار، واليمرور، والجثجاث، والقيصوم.وتضم مجموعة النباتات الحمضية أنواعًا شتى من الفصيلة الرمرامية التي تنمو في المناطق الجافة والصحراوية، وطعمها حمضي أو مالح. منها: الإخريط والأشنان (الحرض)، والتليث والحاذ والخذراف والخريزي (خريص)، والدعاع والرغل والرمث والرويثة والروثا والشعران والضمران والطحماء والعثنان والعجرم والعنظوان والغضى والعجواء والغذام والفولان (الفليفلة)، والنيتون.
تضم مجموعة الكحليات أنواعًا تنتمي للفصيلة الحمحمية، وأطلقوا عليها كحليات لاحتواء جذورها على مواد صبغية حمراء قانية تشبه مرود المكحلة، ومن نباتاتها: الكحل، والزريقاء، والكحالة، والكحلاء، والكحيلاء، والغبشاء.
وتضم مجموعة الحرف النباتات التي يطلق عليها الفصيلة الصليبية، وطعمها حرف(لاذع) كالفجل، ومنها: الشقاري، والصفاري والغريراء، والنجمة، والحسار، واليهق، والحريشة والأسليح الذي يسبب الإسهال للإبل والأغنام، والخفجيات.
وتضم مجموعة الدهامين النباتات المنتمية إلى الفصيلة الغرنوقية. وسميت دهامين لأن أوراقها داكنة دهماء اللون، ومنها: الدهماء، والقرنوة، والدمغة.
كما صنف العرب نباتاتهم في ضوء ماءاتها (أماكن المياه) التي تسود حولها، ويعكس هذا التصنيف صفات التربة وطبيعة المياه المتوافرة بالقرب منها. من أمثلة ذلك: الغرقدة؛ وهي الماءة التي ينبت حولها شجر الغرقد، والطريفة؛ التي تنمو حولها شجيرات الطرفاء، والثيلة؛ وهي الماءة التي تنبت الثيل، والصنجرة؛ التي ينمو فيها الصنجر، والخذيقة؛ وهي الماءة الملحة التي تنبت حولها أنواع الحموض، والخريزة؛ وهي ملحة أيضًا وينمو فيها الخريزي، والحضافة؛ وهي الماءة التي ينجح فيها النخل.
كما توصل العرب أيضًا إلى نظام للتسمية يشبه ما يعرف الآن بالتسمية الثنائية التي بدأها العالم السويدي كارولوس لينيوس عام 1167هـ، 1753م؛ فقد أطلقوا على كل نبات كلمتين إحداهما تشير إلى صفة من صفات النبات مثل حمض الروثا، والمرار القيصوم، وحمض الخذراف وهكذا. وكان ذلك باعثًا لعلماء النبات في أوروبا على استعارة الاسم العربي بعد تطويعه لقواعد اللغة اللاتينية ليصير مصطلحًا علميًا لهذا النبات أو ذاك مثل نبات الصلة الشوكي واسمه العلمي Zilla spinosa، ونبات الرتم Retama والحاج Alhagi والقات Catha.كما استعاروا الألفاظ العربية لتدل على اسم النوع في بعض أشجار الأكاسيا Acacia مثل العرفط الذي صار A.orafata، ونباتات أخرى مثل الحرمل Peganum harmala والحرجل Solenostelma argel.
نقل العرب مع هذه المصطلحات فنهم في الزراعة. وعندما أقام عبدالرحمن الأول حديقته النباتية بالقرب من قرطبة جلب إليها من سوريا ومن بلدان أخرى في آسيا أعز البذور، وغرس أول نخلة في أوروبا، ونقل إليها أول ناعورة (ساقية) لرفع الماء. كما نقل العرب إلى أوروبا أنواعًا مختلفة من النباتات خاصة إلى صقلية والأندلس فأدخلوا فيها لأول مرة زراعة الزعفران والعنب والأرز والمشمش والبطيخ، والورد والياسمين. ومن مصر جُلِب الفول والبصل ومن الصين جُلب التوت والفجل، ومن الهند الخيار والتوابل، وظلت حدائق الرصافة والزهراء والزاهرة وطليطلة وأشبيليا باقية مدة من الزمن تشهد بعلو همة العرب وبراعتهم في المجال الزراعي، ونبوغهم في تنظيم وسائل الري والصرف وتوزيع المياه. | |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: علم النبات والعقاقير السبت يوليو 03, 2010 7:17 am | |
| علم النبات والعقاقير
بدأ اهتمام المسلمين بالنبات من الوجهة العلمية في مطلع العصر العباسي مع بداية حركة الترجمة، إذ ترجموا كتب الأقرباذينات والنبات. وكان في طليعة هذه الكتب كتاب ديسقوريدس في النبات بعنوان المادة الطبية الذي
ترجم تحت اسم الحشائش أو هيولي علاج الطب وقام بترجمته إصطفن بن باسيل بأمر من المتوكل، وترك كثيرًا من المصطلحات اللاتينية التي لم يجد أو يعرف لها مقابلاً بالعربية. ولم يستكمل هذا الكتاب إلا في عام 337هـ، 948م عندما أهدى قسطنطين السابع إمبراطور الروم في القسطنطينية الخليفة عبدالرحمن الناصر الأندلسي نسخة أخرى من الكتاب باليونانية مزينة بالرسوم وبعث بالراهب نقولا الذي ترجمه ترجمة دقيقة بمساعدة أطباء محليين يجمعون بين العربية واللاتينية. وبذا استكمل النقص الذي تركه ابن باسيل. وفي مطلع القرن 11م أضاف الطبيب الأندلسي ابن جلجل موضوعات أغفلها ديسقوريدس وألحق هذه الإضافة بكتاب ابن باسيل ليكونا بمثابة مؤلف كامل واحد.
يحتوي الكتاب في صورته العربية، بعد تنقيح ابن جلجل وتعليقه على الكتاب ثم إضافته هو، على خمس مقالات: تتناول المقالة الأولى الأدوية والأعشاب ذات الرائحة العطرية،والأفاويه والأدهان والصموغ والأشجار الكبار، وتتناول الثانية الحيوانات والحبوب والبقول والأدوية الحريفة. وتشتمل المقالة الثالثة على ذكر أصول النبات، والنبات الشوكي، والبذور، والصموغ، والحشائش المزهرة. أما المقالتان الرابعة والخامسة فتتناولان الأدوية التي تتخذ من الحشائش الباردة والحشائش الحارة المقيئة والحشائش النافعة من السموم، والأدوية المعدنية وأنواع الأتربة، والكرم وأنواع الأشربة.
بعد أن رسخت أقدام العلماء العرب والمسلمين في هذا العلم طوّروه. وانتقلت إلى أوروبا، من بلاد المشرق، أعشاب ونباتات طبية وعطرية لا حصر لها. كما استعارت اللغات الأوروبية جملة من المفردات العربية في حقل النبات كالزعفران والكافور. وذكر ليكليرك منها نحو 80 كلمة، منها: الصندل والمسك، والمر، والتمر الهندي والرواند واليانسون. ولما ارتقى علم النبات لدى المسلمين، ظهر من بينهم من اشتهر بدقته في البحث والوصف كرشيد الدين الصوري. وأضافوا مواد نباتية كثيرة كان يجهلها الإغريق جهلاً تامًا، وزودوا الصيدلية بأعشاب لم تكن معروفة من قبل. ونجد في نهاية المطاف أن عالمًا كابن البيطار يورد ما لا يقل عن 1,400 عقار بين نباتي وحيواني ومعدني من بينها 300 عقار جديد لم يسبقه إليها أحد. وقد بيَّن فوائدها الطبية وكيفية استخدامها غذاءً ودواءً. وكان ابن البيطار رائد عصره في معرفة النبات وتحقيقه واختباره والمواضع التي ينبت فيها. وكان يجمعها ويبحث فيها، ويحقق في خواصها ومفعولها. ونظرًا لتمكنه من علمه في الأدوية التي تتخذ من الأعشاب عيَّنه الملك الكامل رئيسًا للعشابين. انظر: الصيدلة، إسهام: البيطار في هذه المقالة.
من العلماء الذين تناولوا العقاقير المتخذة من النبات ابن سينا. وقد انتهج في ذكر النباتات نهجًا خاصاً. فكان يذكر الماهية، وفيها يصف النبات وصفًا دقيقًا مقارنًا هذا النبات بنظائره، ويورد صفاته الأساسية من أصل أو جذر أو زهر أو ثمر أو ورق، ويذكر من نقل عنهم ممن تقدمه من العلماء من أمثال ديسقوريديس أو جالينوس. ثم يذكر بعد ذلك الاختبار فالطبع فالخواص. وقد استقصى ابن سينا عددًا كبيرًا من النباتات الطبية المألوفة على عهده، وأورد مجموعات متباينة من هذه النباتات الشجرية والعشبية والزهرية والفطرية والطحلبية.كما ذكر الأجناس المختلفة من النبات والأنواع المختلفة من الجنس الواحد، وأورد المتشابه والمختلف ومواطن كل منها ونوع التربة التي ينمو فيها. ووصف ألوان الأزهار والثمار يابسها وغضها، والأوراق العريضة والضيقة كاملة الحافة أو مشرفتها، وفرق بين الطبي البستاني منها والطبي البري.
كما أشار إلى اختلاف رائحة النباتات الطبية ومذاقها، وبذا يكون قد ألمح إلى التشخيص الكيميائي النباتي عن طريق اختبار العصارة. واعتمد في وصف النبات الذي تستخلص منه العقاقير على مصدرين: الأول الطبيعة؛ حيث كان يصف النبات غضاً طرياً، ويذكر طوله وسمكه وورقه وزهره وثمره. والثاني مبيعات العطارين من أخشاب أو قشور أو ثمار أو أزهار. وكتب عن الثمار والأشواك، والنبات الساحلي، والسبخي، والرملي، والمائي، والجبلي، وعن تطعيم النبات بمختلف وسائله والنباتات الدائمة الخضرة وغيرها.
-------------------------------------------------------------------------------- أشهر النباتات الطبية والأشجار التي عرفها العرب
-------------------------------------------------------------------------------- النبات وصفه أو استخدامه الأبنوس شجر كقطعة الحجر لا يطفو على الماء. الأترج طيب الطعم والرائحة استخدم في تسكين العطش ووقف الإسهال. الإذْخر نبت طيب الرائحة ينفع من الحكة، ويفتت الحصا، ويدر البول. الأراك (عود السواك) طيب النكهة، يشهي الطعام. الأُرز استخدم في إيقاف الإسهال. الآس يقطع الإسهال. الإسفاناج ينفع من السعال وخشونة الصدر وأوجاع الظهر. الأشنان هو الحرض الذي يغسل به. البابونج ملطِّف مليِّن يدر البول والحيض. البان شجر طيب الرائحة ذو لب دهني. البصل ماؤه ينفع القروح الوسخة. وهو مع العسل يمنع الخناق ويفتح أفواه البواسير. البطيخ استخدم لغسل المثانة وتنظيف البطن. البنفسج شرابه يسكن الأوجاع الباطنة ويستخدم في الضمادات للإسهال. التمر غذاء فاضل. التمر الهندي لوقف القيء وشراب قاطع للعطش وتسهيل الصفراء. التنوب يستخلص منه أجود أنواع القطران. التوت الحامض منه ينفع القروح،ورُبُّه نافع لبثور الفم. التين الفج منه يضمد الثآليل والبهق. الثوم استخدم في لسع الحشرات مثل الترياق. الجزر ينفع من الاستسقاء، يسكن المغص ويدر الطمث والبول. الحسك يفتت حصى الكلى والمثانة، ورشه في المنزل يقتل البراغيث. الحصرم ماؤه يقطع الإسهال والقيء وينبه الشهوة وشرابه بإضافة النعناع إليه يقطع الغثيان. الحلبة تدر الحيض، وتنفع من القولنج، تسكن السعال والربو. الحلوز مبرئ لأوجاع العصب والظهر وعرق النسا، وينفع من القيح والحصاة. الحمص دهنه ينفع القوباء، وينفع نقيعه من آلام النقرس وطبيخه نافع للاستسقاء واليرقان. الحنطة بخلط دقيقها بالزعفران دواء للكلف. الحنظل لإحداث الإسهال الشديد. الخبازى للسعال، وحكة المقعدة. الخرنوب لإطلاق البطن. الخس منوِّم مسكِّن لشهوة الباه، وينفع في اليرقان. الخشخاش مخدِّر منوِّم. الخطمي تتخذ بذوره في الحقن اللينة. الخوخ ملين، يضمد بورقه السرة فيقتل ديدان البطن. الدهمشت جيد لاسترخاء العصب والفالج، مسحوقه معطش. ينفع من أورام الكبد والطحال. الذاب ينفع أوجاع الرئة والجنب، يغلى بالزيت ويشرب للديدان. الرواند لفتح سدد الكبد. الرمان الحلو لقطع السعال، والحامض المنعنع يمنع القيء. الريباس ينفع من الطاعون والإسهال الصفراوي. الزعفران جيد للطحال، مدر للبول، وينفع من صلابة الرحم. الزنجبيل يهضم ويوافق برد الكبد والمعدة وينفع من سموم الهوام. الزيتون يحفظ الشعر، والأسود منه مع نواه بخور للربو وأمراض الرئة. السرو شجر يضرب به المثل في استقامته، تدخن أغصانه لطرد البق. السفرجل قابض للمعدة ويفيد من السعال. السلق ينفع من القوباء طلاء بالعسل. السماق قابض مُشََهٍّ للطعام. السمسم يطيل الشعر، جيد لضيق النفس والربو. رديء للمعدة نقيعه شديد في إدرار الحيض حتى إنه يسقط الجنين. السنا للإسهال الشعير استخدم ماؤه لإدرار البول وقطع العطش. الشيح يسكن الأورام والدمامل، وينفع من عسر النفس وهو ضار بالمعدة، يخرج الديدان، ويدر الطمث والبول. الصبر لفتح سدد الكبد ولذهاب اليرقان. الصعتر لتسكين وجع الأسنان، وقتل الديدان، ومدر للبول والحيض، وشمه نافع للزكام. الصندل يتخذ خشبه بخورًا عطريًا. ينفع من الصداع والخفقان. الطرفاء استخدمت قضبانها في الخل النافع لوجع الطحال. العنّاب ورقها ينفع من وجع العين، ويتخذ ضمادًا، وشرابه ينفع الجدري والحصبة. الفلفل يحلل الرياح. القرع ينفع السعال. القرنفل يسكن مسحوقه ألم الأسنان، ويحد البصر ويقوي المعدة. القصب ينفع السعال ويجلو المثانة. القطن بذرته جيدة للصدر ونافعة للسعال وملينة للبطن. الكافور لقطع الرعاف وتقوية الحواس وقطع الباه. الكراث ينفع من أورام الرئة، رديء للمعدة، وينفع البواسير مسلوقًا مأكولاً وضمادًا. الكرنب ينفع الجرب المتقرح، بذره بماء الترمس يقتل الديدان، وينفع أيضًا من البلغم. الكزبرة تقوي المعدة المحرورة، ورطبها ويابسها يكسر من قوة الباه والإنعاظ. الكمون يحل القولنج ويطرد الريح. اللاعية من النباتات السامة، يدق ورقها لإحداث الإسهال الشديد. اللوبياء جيدة للصدر والبلغم. اللوز الحلو منه ينفع السعال، ويخصب البدن ويغذيه غذاءً جيدًا، والمر منه يفتت الحصى. الليمون شرابه يقطع القيء والغثيان. المشمش ماء نقيعه يقطع العطش. المن دواء للصدر، ويستخدم للسعال. الموز ملين، والإكثار منه يولد السدد ويزيد من الصفراء والبلغم. النارنج منعش، يقوي القلب، حماضه ينفع من التهاب المعدة، ومغص البطن. النبق يمنع تساقط الشعر ويقويه، وورقه نافع للربو، وينفع من نزف الحيض. النرجس لفتح سدد الزكام. الينسون (أنيسون) استنشاق بخاره يسكن الصداع والدوار، مدر اللبن، محرك للباه، يفتح سُدد الكلى والمثانة والرحم. النعناع لتقوية المعدة وتسكين الفواق ومنع القيء. الهليون لفتح سدد الكلية، وينفع لوجه الظهر. الهندباء لأمراض الكبد. الياسمين يلطف الرطوبات، وينفع دهنه كبار السن.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: الحيوان السبت يوليو 03, 2010 7:22 am | |
| الحيوان
بدأ علم الحيوان لدى العرب والمسلمين، كبداية علم النبات، مبنيًا على علم اللغة، وإن لم يكن له من الأنصار ما كان للنبات والعلوم الأخرى. وكان اهتمام العرب بالحيوان وعنايتهم به، أمرًا طبيعيًا جُبلوا عليه، خاصة أن المستأنس منها كان يمثل جزءًا لا يتجزأ من حياتهم بدوًا وحضرًا. فكانت الخيل والإبل والكلاب والشاء وغيرها عماد الحياة الاقتصادية والاجتماعية والجمالية لديهم؛ لذا عندما بدأت نهضتهم إبان العصر العباسي، أضافوا إلى الأدب الملفوظ المحفوظ أدبيات صنفوها في كل نوع من أنواع الحيوان أليفه ووحشيه ووصفوها وصفًا دقيقًا، وبيّنوا صفاتها وأشكالها وطبائعها وأسماءها وأسماء أصواتها. كان من أول مصادرهم في الكتابة القرآن الكريم، والحديث النبوي، وديوان العرب (الشعر). وبتطور المعارف لديهم خصصوا مؤلفات خاصة لكل حيوان فهناك كتاب الإبل، وكتاب الخيل، وكتاب الجراد، وكتاب الشاء…إلخ. ومن العلماء من ألّف عن الحيوان مطلقًا كما فعل الجاحظ في الحيوان والدّميريّ في حياة الحيوان الكبرى. وهما كتابان ضخمان فيهما وصف لكثير من أنواع الحيوان من طير ووحش وأسماك وحشرات وزواحف وثدييات. ووردت في ثنايا هذين المؤلفِيْن وأمثالهما إشارات إلى آراء لم تبحث إلا في العصر الحالي تحت مبحث علم الحيوان، مثل: السلوك الحيواني والتشريح المقارن والتكافل بين الحيوانات.
تناول العرب في تراثهم المروي شعرًا الإبلَ والخيلَ وبقية حيوانات بيئتهم، وأطالوا الحديث فيها، فعند حديثهم عن الإبل تكلَّموا عن ضِرابها وحملها ونتاجها وحلبها وألبانها وألوانها ونحرها ونسبها وأصواتها ورعيها وشربها وأنواع سيرها. كما أن لهم في الخيل نعتًا مفصلاً وأدبيات لم يبزهم فيها أحد. انظر: الحصان العربي.
كان العرب قبل الإسلام منعزلين بعيدين عن العالم المتحضِّر آنذاك. واكتسبوا بطول مراقبتهم لحيواناتهم التي تعيش معهم، وتلك التي يصطادونها أو تفتك بهم وبحيواناتهم، معرفة طبائعها، وانطبعت في أذهانهم خواصها وصفاتها. وراحوا ينعتونها بما يتفق وهذه الطباع مدحًا أو ذمّاً، وأطلقوا أسماءها على أبنائهم وعشائرهم، إذا كان فيها معنى القوة والوفاء،.واقتبسوا من أسماء هذه الحيوانات أمثالهم السائرة وتشبيهاتهم المعبِّرة. وقد ندرك هذا الأمر مما نجده من أن معظم الأسماء العربية الصحيحة للقبائل والأفراد في الجاهلية مشتقة من أسماء الحيوان. وقد عزا الدّميريّ معظم الأمثال العربية إلى الحيوان لأن الحيوان خير وسيلة للتعبير والوصف؛ لا يعي ما يصيبه من معاني الإهانة إذا قرنت باسمه في القدح (الذم)، ولا يفقه ما بها من جمال في المدح.
ألّف اليونان في علم الحيوان قبل العرب، وكان من بين الكتب التي انتقلت إلى العربية منهم كتاب الحيوان لديموقريطس وكتاب آخر أشهر منه وهو كتاب الحيوان لأرسطو الذي قام بترجمته يحيى بن البطريق (ت نحو 200هـ، 815م)، وكتاب جوامع كتاب أرسطو طاليس في معرفة طبائع الحيوان الذي ترجمه إسحاق بن حنين (ت 298هـ، 910م).
ولكتاب أرسطو طاليس هذا أثر واضح في كتاب الحيوان للجاحظ الذي صرّح باعتماده عليه وأشار إليه مرات كثيرة باسم صاحب المنطق.
آراء جديدة.
على الرغم من أن إسهام العرب في حقل الحيوان لم يكن واضحًا مثل إسهامهم في بقية العلوم، إلا أن لهم آراء سبقوا بها أفكار بعض المُحْدَثين؛ فعلى سبيل المثال تنسب نظرية التكافل أو المشاركة الحيوانية للفيلسوف الألماني جوته (ت 1162هـ، 1749م)، وقد أخذ ذلك من عبارته الشهيرة في فاوست ¸إن روحيْن يسكنان صدري·. إلا أننا نجد إشارات واضحة لدى كل من الجاحظ والقزويني والدّميري لهذه النظرية التي مفادها أن بعض الحيوانات التي تعيش في بيئة مكانية واحدة، قد يربط بينها نوع من المصلحة المشتركة؛ لذا تنشأ بينها مودة. كأن يحط طائر البقر فوق البقرة ليلتقط منها الهوام، أو كأن ينظف طائر التمساح أسنان التمساح مما علق بها من بقايا اللحوم. فالجاحظ يقول: إن بين العقارب والخنافس مودة، والغراب مصادق للثعلب، والثعلب صديق للحية وهناك عداوة بين العقاب والحية. أما الدّميري فيؤكد على أن بين الضّبّ والعقرب مودة، وأنها تعيش في جحره لتحميه من الأعداء، فمن حاول التحرّش به ودخل جحره، سيجد العقرب مستعدة للسْعه. أما القزويني الذي سبق الدّميري فيقول: ¸إن الببر الهندي الضخم، الذي يفوق الأسد في القوة، صديق للعقرب التي تبني لها بيتًا في شعر الببر، وأيضًا هناك صداقة قوية بين الذئب والضبع، وكذلك بين النّمر والأفعى·.
ومن المشاهدات والتجارب التي عرفها العرب مثل غيرهم، شيء من علم الوراثة، ومن هذا القبيل يأتي قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ¸اغتربوا لا تضووا·؛ أي تناكحوا من غير الأقارب حتى لا يَضْوَى (يضعف) نسلكم. وقال الأصمعي في النساء: "الغرائب أنجب، وبنات العم أصبر، وما ضرب رؤوس الأبطال كابن الأعجمية". ولطالما استخدم العرب التهجين في إبلهم، واختاروا أفضل الفحول لأفراسهم. ومن قول الجاحظ في هذا المعنى: ¸إذا ضربت الفوالج (الجمال ذات السنامين) في العراب (الإبل العربية) جاءت هذه الجوامير (الإبل الممتازة) والبُخت (الإبل الخراسانية) الكريمة التي تجمع عامة خصال العراب، وخصال البخت. ومتى ضربت فحول العراب في إناث البخت، جاءت الإبل البهوتية أقبح منظرًا من أبويها·. وفي هذا المعنى من التهجين يقول الدّميري: ¸المتولد من الفرس والحمار، إن كان الذكر حمارًا فشديد الشَّبه بالفرس، وإن كان الذكر فرسًا فشديد الشّبه بالحمار، ومن العجب أن كل عضو فيه (الهجين) يكون بين الفرس والحمار. وكذلك أخلاقه؛ فليس له ذكاء الفرس، ولا بلادة الحمار. وكذلك صوته ومشيه بين الفرس والحمار·.
ومن المسائل التي سبق إليها العرب أثر البيئة في الحيوانات. يورد الجاحظ عددًا غير قليل من الإشارات العلمية التي توضح فهمه لهذا الأمر. وهو أول من أشار إلى أثر الهجرة والمحيط في التغيرات التي تطرأ على حياة الحيوان. فبعضها يغيّر لونه أو سلوكه. فيقول: ¸إن القملة تكون في الرأس الأسود الشعر سوداء، والرأس الأبيض الشعر بيضاء. وفي رأس الخاضب بالحمرة حمراء، وهذا شيء يعتري القمل. كما تعتري الخضرة دود البقل، وجراده وذبابه وكل شيء يعيش فيه·. ولا يغيب أثر البيئة عند القزويني الذي يرى أن البيئة تؤثر في التوالد والتفريخ. فيقول في عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات: ¸فالفيلة لا تتولد إلا في جزائر البحار الجنوبية، وعمرها في أرض الهند أطول من عمرها بغير أرض الهند، وأنيابها لا تعظم مثل ما تعظم بأرضها، والزرافة لا تتولد إلا بأرض الحبشة (إفريقيا الشرقية)، والجاموس لا يتولد إلا بالبلاد الحارة قرب المياه، ولا يعيش بالبلاد الباردة، والسنجاب والسمور وغزال المسك لا يتولد إلا في البلاد الشرقية الشمالية، والصقر والبازيّ والعقاب لا يتفرخ إلا على رؤوس الجبال الشامخة، والنعامة والقطا لا يفرخان إلا في الفلوات، والبطوط وطيور الماء لا تفرخ إلا في البساتين، والحجل لا يفرخ إلا في الجبال. هذا هو الغالب، فإن وقع شيء على خلاف ذلك فهو نادر·.
ولإخوان الصفا رأي في الحيوان لم يُسبقوا إليه؛ وإن كان رأياً فلسفياً أكثر منه علمياً. ففي ثنايا حديثهم عن الخلائق يوردون الرأي التالي: ¸صورة النبات منكوسة الانتصاب إلى أسفل لأن رؤوسها نحو مركز الأرض، ومؤخرها نحو محيط الأفلاك. والإنسان بالعكس من ذلك، لأن رأسه مما يلي الفلك ورجليه مما يلي مركز الأرض. في أي وضع وقف على بسيطها شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالاً من الجوانب كلها، ومن هذا الجانب، ومن ذلك الجانب. والحيوانات متوسطة بين ذلك لا منكوسة كالنبات ولا منتصبة كالإنسان، بل رؤوسها إلى الآفاق، ومؤخرها إلى ما يقابله من الأفق الآخر كيفما دارت وتصرفت في جميع أحوالها·. ويدللون على قدرة الخالق بالمقارنة بين الفيل أضخم الحيوانات والبَقَّة أهون الحشرات. ¸إن أكثر الناس يتعجبون من خلقة الفيل أكثر من خلقة البقة، وهي أعجب خلقة وأظرف صورة؛ لأن الفيل ـ مع كبر جثته ـ له أربع أرجل وخرطوم ونابان خارجيان، والبقة ـ مع صغر جثتها ـ لها ست أرجل وخرطوم وأربعة أجنحة وذنب وفم وحلقوم وجوف ومصارين وأمعاء، وأعضاء أخرى لا يدركها البصر، وهي مع صغر جثتها مسلطة على الفيل بالأذية، ولا يقدر عليها، ولا يمتنع بالتحرز منها·.
الحيوان وعلم اللغة. بدأ اهتمام العرب والمسلمين بالحيوان وبالنبات من منطلق لغوي كما ذكر من قبل. فقد اهتموا منذ صدر الإسلام برواية أسماء الحيوان والنبات وأقسامهما على أنها فصول من علوم اللغة العربية. فوردت المعلومات الأولى في معاجم اللغة، ثم في ثنايا موضوعات شتى في مصنفات متباينة كالأشعار، وكتب اللغة، والكتب الفلسفية، وكتب الطب والعقاقير. وتكاد المصنفات التي وصفها اللغويون على هيئة معاجم، تخلو من التأثيرات الخارجية للثقافات الدخيلة، إذ كان ما تحويه من علم الحيوان معرفة عربية خالصة. فقد كانت تورد معاني الأسماء التي تشير إلى أنواع الحيوانات المألوفة عند العرب وحشيِّها وأليفها، ولم يكن ما تورده وقفًا على ذكر الاسم ومرادفه، بل تعدى ذلك إلى التعريف بالحيوان من حيث شكله الخارجي وطباعه وأماكن وجوده وأجناسه. وكانت هذه الدراسات المعجمية تمثل مذهب العرب في الحيوان آنذاك قبل أن تشوبه شائبة خارجية.
نستقي من المعاجم وكتب اللغة التي تناولت الحيوان، أن معرفة العرب في هذا الحقل كانت تشتمل على حصيلة كبيرة من أنواع الحيوانات؛ منها الأليف الذي قاسمهم عيشهم كالإبل والخيل والأغنام والكلاب، ومنها ما هو متوحش كان يمثل جزءًا من طعامهم كالحمر الوحشية والظباء والوعول وخلافها، ومنها ما هو متوحش ضَارٍ كالأسود والنمور والضباع والذئاب. كما تحفل هذه المصادر أيضًا بأسماء حيوانات لم تكن معروفة في محيطهم أو أخرى خرافية كالغول والعنقاء والرخّ. وتعددت لديهم أسماء الحيوان الواحد تبعًا لمراحل تطوره من لدن حمله إلى مولده ونشأته ووسط عمره وإذا تقدمت به السن؛ فكان له اسم في كل مرحلة من هذه المراحل، وأوضح مثال على ذلك لديهم أسماء الخيل والإبل والجراد.
من أشهر الذين ألّفوا عن الحيوان وغلب على تناولهم الطابع اللغوي النضر بن شميل (ت 204هـ، 820م). ومن آثاره كتاب الصفات في اللغة الذي يتكون من خمسة أجزاء، خصص الجزء الثالث منه للإبل.كما تناول الغنم والطير وخلق الفرس من بين ما تناول في الجزأين الرابع والخامس. وكذلك أبو زياد بن عبدالله الكلابي (ت نحو سنة 200هـ، 815م) وله كتاب الإبل. وهشام الكلبي (ت 204هـ، 819م) ومن تصانيفه أنساب الخيل، وأبو عبيدة التَّيمي (ت 207هـ، 823م) ومن مؤلفاته في الحيوان: كتاب الفرس؛ كتاب الإبل؛ كتاب الحيات؛ كتاب أسماء الخيل؛ كتاب البازي. والأصمعي (ت 214هـ، 829م) ومن مصنفاته: خلق الفرس؛ الخيل؛ الإبل؛ الشاء؛ كتاب الوحوش. وابن السكيت (ت 243هـ، 857م)، ومن تصانيفه: كتاب الوحوش؛ كتاب الحشرات؛ كتاب الإبل. والدينوري (ت 282هـ، 895م) وله كتاب الخيل.
التصنيف الحيواني. لم يكن تقسيم العرب للحيوان موحدًا، فقد بدأ عامّاً مطلقًا إذ قسموا الحيوانات إلى أليفة ومتوحشة وضارية. ثم لما انتقلوا من الوصف اللغوي إلى التناول شبه العلمي، قسَّموها إلى نوع يمشي وآخر يطير وثالث يسبح ورابع ينساح (يزحف). ومنهم من قسمها إلى تام وناقص. فالقزويني، مثلاً، يجعل الحيوان في المرتبة الثالثة من الكائنات بعد أن جعل الأولى والثانية للمعادن والنباتات على التوالي. وقسّم الحيوان بدوره إلى أنواع متعددة جعل الإنسان في قمتها فهو ¸أشرف الحيوانات وخلاصة المخلوقات·. وصنّف الحيوان إلى سبعة أقسام: الإنسان، والجن، والدواب؛ وذكر منها: الفرس، والبغل، والحمار، وحمار الوحش وغيرها وبيّن خواص كل منها، ثم النَّعَم؛ وهي حيوانات ¸كثيرة الفائدة شديدة الانقياد، ليس لها شراسة الدواب ولا نفرة السباع؛ كالإبل والبقر والجاموس والزراف وغيرها. ثم السباع كابن آوى وابن عرس والأرنب والخنزير والذئب والضبع والفهد والفيل والكركند والكلب والنمر. ثم الطير؛ ومنها أبو براقش والأوز والباقش والببغاء والبلبل والحبارى والحدأة والحمام والخفاش. ثم الهوام والحشرات، وهذا النوع لا يمكن ضبط أصنافه لكثرته: كالأرضة والبرغوث، والأفعى، والجراد، والحرباء، والحلزون، والخنفساء·.
أما الجاحظ فقد ذهب في ذلك شوطًا بعيدًا حيث قسم الحيوانات إلى فصائل؛ ففي باب الحيوانات ذات الأظلاف يذكر الظباء والمعز والبقر الوحشي والبقر الأهلي والجواميس والوعول والتياتل. ومن خلال حديثه عن هذه الفصيلة ترد ملاحظات علمية كأن يقول: إن البقر الوحشي أشبه بالبقر الأهلي، وإن الوعول والتياتل حيوانات جبلية. ويقسم الجاحظ الحيوان عامة إلى أربعة أقسام: ¸شيء يمشي، وشيء يطير، وشيء يسبح، وشيء ينساح. إلا أن كل طائر يمشي، ولا يسمى الذي يمشي ولا يطير منها طائرًا، كما أنه ليس كل ما طار من الطير؛ فقد يطير الجعلان، والذباب والزنابير والنمل والأرضة لكنها لا تسمى طيرًا. كما أن ليس كل عائم سمكًا على الرغم من مناسبته للسمك في كثير من الصفات. إذ إن في الماء كلب الماء وخنزير الماء والسلحفاة والضفدع والتمساح والدلفين·.
أما الحيوان عند إخوان الصفا فصنفان: تام الخلقة، وناقص الخلقة. تام الخلقة هو الذي ينزو ويحبل ويلد ويرضع، أما ناقص الخلقة فهو ¸كل حيوان يتكون من العفونات، ومنها ما هو كالحشرات والهوام وما هو بين ذلك؛ كالتي تنفذ وتبيض وتحضن وتربي·. وأشار إخوان الصفا إلى التطور في خلق الحيوان: ¸ثم إن الحيوانات الناقصة الخلقة متقدمة الوجود على التامة الخلقة بالزمان في بدء الخلق، وذلك أنها تتكون في زمان قصير، والتي هي تامة الخلقة تتكون في زمن طويل·. وقسموا الحيوانات وفق بيئاتها: ¸فمنها سكان الهواء، وهي أنواعٌ، الطيور أكثرها والحشرات جميعًا. ومنها سكان الماء؛ وهي حيوانات تسبح في الماء كالسمك والسرطان والضفادع والصدف ونحو ذلك. ومنها سكان البر؛ وهي البهائم والأنعام والسباع. ومنها سكان التراب وهي الهوام·.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رواد النبات والحيوان وأهم مؤلفاتهم السبت يوليو 03, 2010 7:41 am | |
| رواد النبات والحيوان وأهم مؤلفاتهمصنّف العلماء العرب والمسلمون في كل فروع المعرفة، وقلما اقتصر إنتاج العالم منهم على تخصص واحد، بل كان يتناول شتى فروع المعرفة في مؤلف موسوعي واحد. ولن يتناول الحديث هنا إسهام علماء كالرازي وابن سينا والغافقي وابن البيطار وغيرهم إذ إن الدراسة قد شملتهم في حقول أخرى سابقة. وسيقتصر الحديث هنا على نماذج ممن لم يُكتب عنهم من قبل من علماء النبات أولاً ثم الحيوان.
إسهام الدينوري.
صنّف أحمد بن داود أبو حنيفة الدينوريّ (ت 282هـ، 895م) كتاب النبات وهو كتاب لم يُصنّف مثله في اللغة العربية حتى عصره، ويُعدُّ بهذا شيخ النباتيين العرب. استقصى في هذا الكتاب كل ما نطقت به العرب من أسماء النبات، وربما عاين أنواعًا منها في مواطنها ثم وصفها وصفًا دقيقًا، أو ربما اكتفى بسؤال الأعراب عنها، أو بما جاء عنها في كتب اللغة المتقدمة. وعُنِي بإيراد ما قالته العرب من شعر أونثر في وصف النباتات وأجزائها من أصل وجذع وزهر أو ثمر أو ورق، ويستشهد بأقوال العرب من صفات النبات واستعمالاته ومواطن نموه. وقد نقل علماء اللغة هذا الكتاب ـ كلّه أو جلّه ـ في مصنفاتهم مع اختلاف طفيف في النقل. فعل ذلك ابن دريد في الجمهرة، والأزهري في التهذيب، والجوهري في الصحاح وابن سيده في المخصص، وابن منظور في لسان العرب، والفيروزأبادي في القاموس المحيط. ولاشك أن الدينوري في هذا المصنّف نباتي عربي محض، حتى في مصادره؛ فلا نجد لديه ما لدى المتأخرين من الاعتماد على المصادر الأجنبية، إنما كان اعتماده على المصادر العربية الأصيلة، ثم إنه لم يُعِرْ الجانب الطبي كثيرًا من العناية؛ فهو نباتي ليس إلا، وليس نباتياً طبيباً كابن البيطار وداود وابن سينا وغيرهم. وعلى الرغم من أن القصد الأساسي للكتاب لغوي، إلا أنه صار عمدة للأطباء والعشابين كذلك؛ فلا يُجاز عشاب إلا بعد أن يستوعب هذا الكتاب ويجتاز امتحانًا فيه. ولم يقتصر النقل عنه على كتب اللغة فحسب، بل نقلت عنه كتب المفردات الطبية كمفردات الأدوية لابن البيطار. وصف الدينوري مئات النباتات وصنّف أسماءها مرتبة ترتيبًا معجمياً وتحدّث عن الأراك والإسحل والأثاب، والأرطى، والآس، والأقحوان وغيرها. وقد بدأ كتابه بوصف شامل لأنواع التربة في بلاد العرب وتركيبها ومناخها وتوزيع مائها، والشروط الضرورية لنمو النباتات فيها. وقد بلغ عدد ما أورده من أسماء النباتات 1,120 اسمًا. لذا يعد الدينوري أول من ألّف في علم الفلورا النباتية للجزيرة العربية.
إسهام الإدريسي.
كتب الشريف الإدريسي (ت 560هـ،1165م) في النبات كتابًا سمّاه الجامع لصفات أشتات النبات. وقد وضعه هذا في مصاف علماء النبات بالإضافة إلى مكانته في الجغرافيا والصيدلة وبقية العلوم؛ لذا عرف بين زملائه بالعشّاب. أورد الإدريسي أسماء النباتات على هيئة معجم متعدد اللغات؛ فقد كان يذكر اسم النبات بالعربية والسريانية واليونانية والفارسية والهندية واللاتينية والبربرية مع تعريف وشرح لها. وذكر منافع كل منها وما يستخرج منه من صموغ وزيوت، وما يستفاد من أصوله وقشوره في التداوي. ويعترف الإدريسي ـ شأن كل من سبقه أو أتى بعده من العلماء المسلمين ـ أنه استفاد من مؤلفات علماء سبقوه كالكندي وابن جلجل وديسقوريدس وابن وحشية وغيرهم. وينقسم هذا الكتاب إلى جزأين؛ يبتدئ الأول من حرف الألف إلى حرف الزاي، والثاني من الحاء إلى النهاية وجمع في كلا الجزءين 610 من النباتات. وعلى الرغم من استفادته من كتاب ديسقوريدس، إلا أنه يسجل ما أغفله من أدوية عديدة، ويحاول أن يجد مبررًا لهذه الغفلة بقوله ¸إما أنه لم يبلغ علمها، أو لم يسمع عنها، أو كان ذلك ضناً من يونان أو تعمدًا، أو لأن أكثرها ليست في بلده·. وأورد ما أغفله ديسقوريدس بالعربية وبأسمائه اللاتينية.
إسهام الصوري.
كان رشيد الدين أبو المنصور بن علي الصوري (ت 639هـ، 1241م) أبرز علماء عصره في معرفة الأدوية المفردة وماهيتها واختلاف أسمائها وتحقيق خواصها وتأثيراتها. وله مصنّفات عديدة منها: كتاب الأدوية المفردة؛ كتاب النبات. وشرع في إعداد كتاب للنبات مصوّر بالألوان في عهد الملك المعظم عيسى بن أبي بكر (ت 625هـ، 1228م) وسمّاه باسمه، واستقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وأدوية أخرى لم يقف عليها المتقدمون. وأكثر ما اشتهر به التدقيق والبحث والمعاينة الميدانية. فقد كان يستصحب مصورًا ومعه الأصباغ والليق على اختلافها وتنوعها، ويتوجه إلى المواضع التي بها النبات، مثل جبل لبنان وغيره، فيشاهد النبات ويحققه ثم يريه للمصور، فيعتبر لونه ومقدار ورقه وأعضائه وأصوله ويقوم المصور برسم ما شاهده مجتهدًا في محاكاتها. بل إنه ذهب شوطًا أبعد من ذلك بأن يطلع المصور على النبات خلال مراحل تطوره؛ مرة إبان نباته وطراوته فيصوره، ثم وقت كماله وظهور بذوره فيصوره، ثم وقت نضجه ويبسه فيصوره. لكي يتمكن القارئ من تتبع مراحل تطوره بالاستعانة بالصور الملونة.
إسهام الجاحظ.
ألّف أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255هـ، 869م) موسوعته الضافية بعنوان الحيوان. وهي مصنف يحتوي على معظم المعارف والمسائل الفلسفية والدينية والسياسية والجغرافية والطب والقرآن والحديث والفكاهة. أما بحثه في الحيوان، فقد درس فيه سلوكه وأعضاءه وتطوراته وطعامه وشرابه وسلاحه وطباعه وأمراضه وعمره وموطنه وأثر البيئة فيه وعلاقته بغيره من الحيوان.
قسّم الجاحظ كتاب الحيوان إلى سبعة فصول. يتناول الجزءان الأول والثاني المناظرة بين الديك والكلب مدعمًا رأي كل منهما بالآيات القرآنية أو الأحاديث النّبَوية أو الحكايات والحكم. ويتناول في الفصلين الثالث والرابع الحمام وأنواعه وطبائعه، والذباب والغربان والجعلان والخنافس والخفاش والنمل والقرود والخنازير والثيران. وفي الخامس والسادس يواصل البحث عن الثيران، ثم ينتقل إلى أجناس البهائم والطير الأليف، ويعقد مقارنة بين الإنسان والحيوان، ثم يتكلم عن الضب والهدهد والتمساح والأرنب. وفي الفصل السابع يتحدث عن الزرافة والفيل وذوات الأظلاف.
تناول الجاحظ في ثنايا كتاب الحيوان سلوك الحيوان والطير والحشرات. وفي سياق ذكره لطبائع الحيوانات يذكر ملاحظاته عن حاسة الشم الشديدة لدى بعض الحيوانات، والتعرق وتأثير المحيط على الحيوان. ويعطي أحيانًا بعض الملاحظات الفسيولوجية للمظاهر الخارجية للحيوانات كذوات الشعر وذوات الوبر وذوات الصوف وذوات الريش. وفي الكتاب معلومات غنية تتصل بتزاوج الحيوانات وتناسلها وعلاقاتها بأولادها. كما اشتمل على ملاحظات علمية صحيحة كقوله: إن الخفافيش تلد ولا تبيض، وترضع، أما التمساح والسلحفاة والضفدع فإنها تبيض وتحضن بيضها. ومن ملاحظاته أن جميع الحشرات وجميع العقارب والذبابات والأجناس التي تعض وتلسع تكمن في الشتاء دون أكل أو شرب ما عدا النمل والنحل فإنها تدخر ما يكفيها أثناء فترة سباتها.
لم يكن الجاحظ يدلي برأي في مسألة إلا بعد التمحيص الشديد. وقد قاده ذلك إلى إجراء العديد من التجارب ليثبت صحة ما ذهب إليه. من هذه التجارب تأثير الخمر في الحيوانات، والتولد الذاتي. ومما ذكر أنه إذا وُضع ¸عقرب مع فأرة في إناء زجاجي، فليس عند الفأرة حيلة أبلغ من قرص إبرة العقرب؛ فإما أن تموت من ساعتها، وإما أن تتعجل السلامة منها، ثم تقتلها كيف شاءت وتأكلها كيف أحبت·. والتجربة توضح طبائع الحيوانات، وصراعها، وأيها أقتل للآخر. ومن استقراء تجارب الجاحظ نجد أنه أشار إلى أثر العادة في الحيوان وبخاصة الكلب فيقول إن له صديقًا ¸حبس كلبًا له في بيت وأغلق دونه الباب في الوقت الذي كان طباخه يرجع فيه من السوق ومعه اللحم. ثم أحدَّ سكينًا بسكين فنبح الكلب، وقلق، ورام فتح الباب لتوهمه أن الطباخ قد رجع بالوظيفة (حصته من الطعام) وهو يحد السكين ليقطع اللحم. فلما كان العشي صنعنا به مثل ذلك لنتعرف حاله في معرفة الوقت فلم يتحرك·. وهذه التجربة تذكرنا بتجربة بافلوف التي أطلق عليها في علم النفس نظرية التعلم الشرطي. وفي ضوء هذه التجارب والملاحظات عده البعض أول علماء الحيوان التجريبيين.
إسهام ابن مسكويه.
تناول أحمد بن يعقوب بن مسكويه الخازن ( ت 421هـ،1030م) علم الأحياء عمومًا في كتابه الفوز الأصغر، وقسّم فيه الكائنات الحية إلى مراتب من حيث قبول حركة النفس؛ أي حركة القوة. وتناول فيه أهم خصائص النبات من حيث إنها مثبَّتة في التربة بالجذور على عكس الحيوانات؛ إذ إن الحيوانات قادرة على الانتقال من مكان إلى آخر لأنها مزودة بأعضاء تساعد على الحركة. وقسّم الحيوانات إلى أقسام وضع كل قسم منها في وضعه الملائم من الشجرة الحيوانية. وذكر تأثير البيئة على جميع الأحياء من حيث التطور الإدراكي والعقلي. وتحدث عن الحيوانات الدنيئة، والحيوانات ناقصة الحواس، وتلك التي استكملت حواسها الخمس. فالحيوانات الدنيئة عنده تلك التي لم تستوف الصفات الحيوانية الكاملة، والتي تشابه النباتات في صفاتها، كالسوطيات التي تشبه الحيوانات في أنها قادرة على الانتقال والحركة، وتشارك النبات في قدرتها على التركيب الضوئي. وكالأصداف والحلزون، ¸وليس لهما من صفات الحيوانية إلا حس واحد، وهو الحس العام الذي يقال له: حس اللمس·. أما الحيوانات ناقصة الحواس الخمس فيمثل لها بالخُلد، وهو حيوان قارض، فقد البصر بتأثير البيئة، تُولد صغاره بعيونها، غير أن عيونها سرعان ما تضمر ويغطيها الشعر في جحورها المظلمة تحت الأرض. ومن أمثلة الحيوانات ناقصة الحواس النمل، ومنه أنواع لا عيون لها، إلا أن باقي حواسها فمستكمل قوي كحاسة الشم. ومن النواقص أيضًا الحيوانات التي ليس لها جفون كالحيات وكثير من ذوات الفقار كالأسماك الكبيرة التي ليس لعيونها جفون.
أما الحيوانات المستكملة الحواس الخمس فهي عنده على مراتب متفاوتة. منها البليدة الجافية الحواس، ومنها الذكية اللطيفة الحواس التي تستجيب للتأديب، وتقبل الأمر والنهي كالفرس من البهائم والبازي من الطير. أما القردة وما شاكلها فقد وضعها في قمة مرتبة الثدييات لكنها أحط من مرتبة الإنسان خاصة فيما يتعلق بالمواهب من قبول التأديب والتمييز والاهتداء إلى المعارف.
إسهام الدّميريّ.
ألّف كمال الدين أبو البقاء محمد بن موسى الدميري (ت 808هـ، 1405م) كتاب حياة الحيوان الكبرى. ويذكر أنه قد جمعه من 560 كتابًا و199 ديوانًا من دواوين الشعر العربي. وترجم جياكار معظم هذا الكتاب إلى اللغة الإنجليزية عام 1906م. وجاء ترتيب هذا الكتاب على حروف المعجم، ويبدأ كل مادة بتعريف اسم الحيوان، وشرح الاسم شرحًا لغويًا، ويورد الأسماء التي يكنى بها الحيوان مقتبسًا ذلك من مؤلفات فقهاء اللغة كابن سيده والقزويني والجاحظ والجوهري. ثم يتلو ذلك وصف الحيوان، وذكر طباعه وأنواعه، ويورد أحيانًا قصصًا اشتهرت عن حيوان بعينه مثل: البراق، والعنقاء، وهدهد سليمان، وحوت موسى، وفرس فرعون. وخلط هذا الكتاب العلم بالأدب والحقائق بالخرافات، وأورد أشياء خاطئة. وهذا مثال مما كتبه عن الدجاج. ¸كنية الدجاجة أم وليد وأم حفص وأم جعفر وأم عقبة، وإذا هرمت الدجاجة لم يخلق منها فرخ. والدجاج مشترك الطبيعة؛ يأكل اللحم والذباب، وذلك من طباع الجوارح. ويأكل الخبز ويلتقط الحب، وذلك من طباع الطير. ويُعرف الديك من الدجاجة وهو في البيضة وذلك أن البيضة إذا كانت مستطيلة محدودة الأطراف فهي مخرج الإناث، وإذا كانت مستديرة عريضة الأطراف فهي مخرج الذكور. والفرخ يخرج من البيضة تارة بالحضن، وتارة بأن يدفن في الزبل ونحوه. ومن الدجاج ما يبيض مرتيْن في اليوم. والدجاجة تبيض في جميع السنة إلا في شهرين، ويتم خلق البيض في عشرة أيام، وتكون البيضة عند خروجها لينة القشر، فإذا أصابها الهواء يبست. وأغذى البيض وألطفه ذوات الصفرة، وأقله غذاء ما كان من دجاج لا ديك لها، وهذا النوع من البيض لا يتولد منه حيوان·. ويكثر من ذكر الشواهد الأدبية والأحكام الشرعية مبينًا الحلال والحرام، ويورد النوادر اللطيفة عن كل حيوان، ويعلل رؤية هذا الحيوان أو ذاك في المنام. | |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| |
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: الصخور. الأحد يوليو 04, 2010 12:02 am | |
|
الصخور.
كانت للعلماء المسلمين نظريات عديدة عن أصل الصخور، وكيفية تكونها، وخصوا بالذكر الصخور الرسوبية، وتعاقب الطبقات بعضها فوق بعض وتحدثوا عن النيازك واقترحوا لها تسميات فئوية.
تتكون الصخور في رأي ابن سينا من الطين أو الماء أو النار؛ لأن ¸كثيرًا من الأحجار يتكون من الجوهر الغالب فيه الأرضية، وكثير منها يتكون من الجوهر الذي تغلب عليه المائية؛ فكثير من الطين يجف ويستحيل أولا شيئًا بين الحجر والطين، وهو حجر رخو، ثم يستحيل حجرًا، وأولى الطينيات ما كان لزجًا، فإن لم يكن لزجًا فإنه يتفتت في أكثر الأمر قبل أن يتحجر... ويجوز أن ينكشف البر عن البحر، وكل بعد طبقة. وقد يرى بعض الجبال كأنه منضود (متراص) سافًا فسافًا (صفًا صفًا)؛ فيشبه أن يكون ذلك قد كانت طينتها في وقت ما كذلك سافًا فسافًا، بأن كان سافًا ارتكم أولاً، ثم حدث بعده في مدة أخرى ساف آخر فارتكم. وكان قد سال على كل ساف جسم من خلاف جوهره، فصار حائلاً بينه وبين الساف الآخر. فلما تحجرت المادة عرض للحائل أن انشق وانتثر عما بين السافين. وأن حائلاً من أرض البحر قد تكون طينته رسوبية، وقد تكون طينته قديمة ليست رسوبية، ويشبه أن يكون ما يعرض له انفصال الأرهاص (الصخور) من الجبال رسوبيّاً·.
يتضح من آراء ابن سينا أن لها نظائر في علم الجيولوجيا الحديث. فقوله إن نوعًا من الصخور يتكون من جراء الطين الذي يستحيل في مرحلة من المراحل إلى صخر أمر يثبته العلم الحديث؛ فبعض الصخور الرسوبية تتكون من الطين الذي يتصلب فينتج عنه ما يطلق عليه الطفال. أما نظريته في أن الترسيب قد يستغرق مدّة زمنية طويلة، يحدث بعدها ساف آخر يتراكم على الأول وهكذا دواليك، تجعلنا نقول مطمئنين إنه كان أول من أشار إلى قانون تعاقب الطبقات. ولم يفت ابن سينا أن يتحدث عن رواسب الأودية التي تحدث من جرّاء السيول. وتكوُّن الصخور من الماء ومن النار إذا طفئت. وقد أثبت العلم الحديث أن هناك صخورًا رسوبية تتكون نتيجة لتفاعلات كيميائية تتم داخل المياه، أو نتيجة للتبخر العالي الذي يؤدي إلى تكوّن رواسب التبخر. أما تكوّنها من النار فيكون فيما يُسمى الصخور النارية التي تتكون من آثار الحمم البركانية التي إذا خمدت وبردت أصبحت نوعًا من الصخور البركانية. ويقسم ابن سينا النيازك إلى نوعين: حجري و حديدي، وهو نفس التقسيم المتبع في الوقت الراهن.
آراء آخرين.
وردت إشارات كثيرة في وصف أنواع من الصخور في كتابات جابر بن حيان والبيروني والتيفاشي وغيرهم. وبعض الأحجار التي تكلموا عنها ما هي إلا الصخور في لغة علم الجيولوجيا الحديث؛ فجابر بن حيّان يقسم الصخور إلى ثلاثة أقسام: ¸قسم أوّل كالخلق الأول من الحجارة... وقسم ثان منفصل من الحجر الأول... وقسم ثالث هو الحجر المكوّن لنا بقصد...· ولعل هذا أول تلميح للتقسيم الحالي لما يُسمى الصخور النارية والصخور الرسوبية والصخور المتحركة.
وعلى الرغم من أن الجاحظ لم يكن ذا باع في هذا العلم، إلا أنه أشار إلى تكون الصخور الرسوبية في كتاب التربيع والتدوير؛ فيقول: ¸ومنذ كم ظهرت الجبال ونضب الماء، وأين تراب هذه الأودية؟ وأين طين ما بين سفوح الجبال إلى أعاليها؟ في أي بحر كُبست؟ وأي هبطة أشحنت؟ وكم نشأ لذلك من أرض...؟·.
أما البيروني فيقول في الجماهر: ¸وأظن أن حبات الرمل جواهر (معادن) شتى إذا تؤملت رؤي فيها الأسود والأحمر والأبيض والمشف البلوري·؛ وبالطبع فرمال البحار وما شاكلها تتكون من الكوارتز (المرو) في معظمها وتختلط بها نسب متفاوتة من المعادن الأخرى ذات الألوان المختلفة. وتحدث البيروني في كتابه تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن عن التغيرات الجيولوجية التي ينتج عنها انتقال العمران من موضع إلى آخر، ومنها انحسار البحار عن مواضع وظهور اليابسة مكانها، وطغيانها على مواضع مأهولة فتتحول إلى بحار، ويدلل على رأيه بوجود آثار البحار في المناطق اليابسة وذلك عند حفر الآبار والحياض؛ فإن حجارتها تشتمل على أصداف وقواقع على حالها أو بالية تشَكّل باطن الحجر بشكلها.
البحار والمد والجزر.
تناول العلماء العرب والمسلمون جيولوجيا البحار والأنهار في مؤلفاتهم الجغرافية أكثر من غيرها. فقد أفردوا أبوابًا في مصنفاتهم الجغرافية تناولوا فيها أسماء البحار ومواقعها والبلدان التي تطل عليها، وتحدثوا عن أماكن من اليابسة كانت بحارًا وأنهارًا، وأماكن تغطيها البحار كانت معمورة بالسكان فيما مضى، كما خلفوا مؤلفات عديدة في علم الملاحة. وظاهرة المد والجزر كان يعتمد عليها ربابنة السفن في رحلاتهم البحرية والنهرية. ومن بين العلماء الذين كانت لهم آراء متفردة في هذا الشأن الكندي والمسعودي والبيروني والإدريسي والدمشقي وغيرهم.
البحار.
لا يكاد يخلو كتاب من الكتب التي تناولت ذكر البلدان أو الأقاليم من ذكر البحار والأنهار؛ فالمسعودي في أخبار الزمان يتحدث بإسهاب عن تكون البحار وعللها، وآراء من سبقه فيها. كما أورد في مروج الذهب جملة من المناقشات الجيولوجية ضمَّنها الحديث عن البحار، والأنهار،والمد والجزْر، كما أورد فصلاً كاملاً عن البحار سّماه ذكر الأخبار عن انتقال البحار. وقد سموا البحار بأسماء أقرب البلدان لها. من ذلك أن أبا جعفر الخوارزمي يقسم البحار في كتابه صورة الأرض وفق البلاد التي تجاورها أو تطل عليها؛ ومن أمثلة ذلك البحر المغربي، والبحر المصري، وبحر الشام، وبحر الهند، وبحر الصين. أما ابن رستة فيقسمها في الأعلاق النفيسة أيضًا إلى بحر الهند وفارس والصين (المحيط الهندي)، وبحر الروم وإفريقيا الشمالية (البحر الأبيض المتوسط)، وبحر طبرستان وجرجان (قزوين). ويذكر المقدسي أبعاد هذه البحار وأهم ما فيها من جزر، ومواضع الخطر فيها، كما يتناول ظاهرة المد والجزر ويحاول تفسيرها.
عرف العرب مدى اتساع المسطحات المائية وعظم حجمها إذا قورنت باليابسة، كما عرفوا أن التشكيلات التضاريسية المتنوعة تمنع الماء من أن يغمر وجه الأرض؛ فيقول ياقوت الحموي في هذا الصدد: ¸لولا هذا التضريس لأحاط بها (الأرض) الماء من جميع الجوانب وغمرها حتى لم يكن يظهر منها شيء. أما نسبة توزيع اليابسة إلى الماء فقد جاءت واضحة عند أبي الفداء في تقويم البلدان بأن النسبة التي تغطيها المياه من سطح الكرة الأرضية تبلغ 75% منها ¸فالقدر المكشوف من الأرض هو بالتقريب ربعها، أما ثلاثة أرباع الأرض الباقية فمغمور بالبحار·.
تناول العلماء المسلمون خصائص مياه البحار، وعزوا السبب في ملوحة مياهها إلى كثرة البخر، وإذابة الأملاح من الأرض وهذا من شأنه ارتفاع درجة كثافة الماء. وعزوا الحكمة في كون ماء البحر ملحًا؛ حتى لا ينتن فتتعفن الكائنات التي تسكنه. فابن الوردي يقول في خريدة العجائب وفريدة الغرائب: ¸والحكمة في كون ماء البحر ملحًا أجاجًا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن (يتعفَّن) من تقادم الدهور والأزمان. واختلفوا في ملوحة البحر؛ فزعم قوم أنه لما طال مكثه وألحّت الشمس عليه بالإحراق صار مُرّاً، واجتذب الهواء ما لطف من أجزائه فهو بقية ما صنعته الأرض من الرطوبة فغلظ لذلك·. ويذهب الدمشقي إلى رأي قريب من رأي أبي الفداء في كتابه نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ¸… زعم قوم أن أصل الماء العذوبة واللطافة، وإنما لطول مكثه جذبت الأرض ما فيه من العذوبة لملوحتها، وجذبت الشمس ما فيه من اللطافة بحرارتها فاستحال إلى الغلظ والملوحة·.
للعرب فضل كبير في استحداث أو تطوير بعض الآلات التي تعد من ضرورات أدوات الملاحة، من ذلك الأسطرلاب. انظر: الأسطرلاب. وهو أداة لرصد النجوم للاهتداء بها في عرض البحار ليلاً، وكذلك بيت الإبرة (البوصلة)، بالإضافة إلى الجداول الفلكية التي يُهتدى بها في السير في البر والبحر، وقد وصفها إبراهيم الفزاري، وابن يونس المصري، والزرقاني، والبيروني وغيرهم.
المد والجزر.
تناول العلماء العرب ظاهرة المد والجزر في البحار والأنهار، وأفضل مواسم الملاحة. وعللوا هذه الظاهرة وارتباطها بالقمر؛ فالبيروني يقول إن خاصة الناس يعرفون هذه الظاهرة ¸في اليوم بطلوع القمر وغروبه، وفي الشهر بزيادة نوره ونقصانه·، وقد تناول القزويني ظاهرة المد والجزر وعزاها أيضًا إلى القمر فإن ¸القمر إذا صار في أفق من آفاق البحر أخذ ماؤه في المد قليلاً من القمر، ولايزال كذلك إلى أن يصير القمر في وسط سماء ذلك الموضع إذا صار هناك انتهى المد منتهاه، فإذا انحطّ القمر من وسط سمائه جزر الماء، ولايزال كذلك راجعًا إلى أن يبلغ القمر مغربه فعند ذلك ينتهي الجزر منتهاه. فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع، ابتدأ المدّ مرة ثانية إلا أنه أضعف من الأولى فيكون في كل يوم وليلة بمقدار مسير القمر في ذلك البحر. مدّان وجزران·.
التضاريس.
تناول العلماء المسلمون والعرب الجيومورفولوجيا بشقيها النظري والعملي، وقد توصلوا في ذلك إلى حقائق تتفق مع العلم الحديث. من ذلك أثر العامل الزمني في العمليات الجيومورفولوجية، وأثر الدورتيْن الصخرية والفلكية في تبادل اليابسة والماء، وكذلك أثر كل من المياه والرياح والمناخ عامة في التعرية. ويعد البيروني أفضل من تناول هذا الجانب. ويتضح ذلك في تعليله لكيفية تكوّن أحد السهول في الهند ¸فقد كان في مكان هذا السهل حوض بحري طمرته الترسبات حتى سوت منه سهلاً·، كما لاحظ الترسبات النهرية، خاصة كلما قرب النهر من المصب فإن التكوينات تكون ذات حجم كبير عند المنبع عند أول النهر وتأخذ في الدقة والنعومة كلما قرب من المصب؛ ¸فالحجارة عظيمة بالقرب من الجبال وشدة جريان مياه الأنهار، وأصغر عند التباعد وفتور الجري، ورمالاً عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر... (فما كانت) أرضهم إلا بحرًا في القديم قد انكبس بحمولات السيول·.
وأوضح المسعودي أيضًا دورة التبادل بين اليابسة والماء بأن المواضع الرطبة من الأرض لا تكون رطبة دائمًا إلى الأبد، ولا تكون اليابسة يابسة دائمًا، إذ يتغير هذا الوضع بانغمار اليابسة بالماء من الأنهار والبحار، أو العكس بأن تنحسر المياه أو تنقطع الأنهار عن اليابسة؛ لذا فإنه ¸ليس موضع البر أبدًا برًا، ولا موضع البحر أبدًا بحرًا؛ بل قد يكون براً حيث كان مرةً بحرًا، ويكون بحرًا حيث كان مرةً براً، وعلة ذلك الأنهار وبدؤها وجريها فإن لمواضع الأنهار شبابًا وهرمًا، وحياةً وموتًا ونشأة ونشورًا، كما يكون ذلك في الحيوان والنبات·.
أدلى إخوان الصفا بدلوهم في الجانب النظري في الجيومورفولوجيا؛ فأشاروا إلى تأثير عوامل التعرية والنحت في التضاريس. كما أكدوا حدوث عملية التبادل بين اليابسة والماء على مر العصور الجيولوجية وتكوّن السهول الرسوبية البحرية والجبال الالتوائية. فالجبال تعمل فيها عوامل التعرية من شمس وقمر ورياح وصواعق فتتصدع وتتحول إلى حجارة وحصى وصخور ورمال. وتجرف المياه هذه الحجارة والحصى وخلافها إلى الأودية والبحار فتراكمها أمواج البحار صفاً صفاً، ويتلبّد بعضها فوق بعض ويتماسك شيئًا فشيئًا فتأخذ هيئة التلال والجبال تمامًا كما يحدث للرمال والحصى في البراري والقفار. وكلما تراكمت هذه التلال والجبال زاد حجمها مما يؤدي إلى أن تأخذ حيزًا أكبر في الماء، فيرتفع الماء ويغمر مساحات من ساحل البحر أكبر. فلا يزال ذلك دأبه على مر الدهور حتى تصير مواضع البراري بحارًا، ومواضع البحار يبسًا وقفارًا. ثم تبدأ دورة أخرى بأن تتفتت هذه الجبال والتلال فتصير حجارة وحصى ورمالاً تحطها السيول والأمطار وتحملها إلى الأودية والأنهار والبحار، فتتراكم مرة أخرى عبر السنين وتنخفض الجبال الشامخة وتقصر حتى تستوي مع وجه الأرض. أما الطين والرمال التي جرفت من الجبال في اليابسة فتنبسط في قاع البحار وتتماسك فتكوّن على مر الزمن تلالاً وروابي وجبالاً. وينحسر الماء عنها رويدًا رويدًا حتى تنكشف فتصير جزائر وبراري، ويصير ما يبقى من الماء بين هذه التلال والجبال بحيرات وآجامًا وغدرانا، وبطول الزمن تنبت الأعشاب والأشجار وتصير صالحة لسكنى الحيوان والبشر.
كانت آراء ابن سينا في الجيومورفولوجيا أقرب الآراء للنظريات الحديثة في هذا الحقل. فهو على سبيل المثال يعزو تكوّن بعض الجبال إلى سببين: ذاتي (مباشر) وعرضي (غير مباشر)؛ فالذاتي يحدث عندما تدفع الزلازل القوية مساحات من الأرض وتحدث رابية من الروابي مباشرة. أما السبب العرضي فيحدث عندما تعمل الرياح النسافة أو المياه الحفّارة على تعرية أجزاء من الأرض دون أجزاء أخرى مجاورة لها؛ فتنخفض، من جراء عوامل التعرية، تلك الأجزاء وتبقى المناطق المجاورة لها مرتفعة. ثم تعمل السيول على تعميق مجاريها إلى أن تغور غورًا شديدًا وتبقى المناطق المجاورة شاهقة. وهذا ما نلاحظه تمامًا في بعض الجبال وما بينها من مجاري السيول والمسالك. أو قد يتكوّن بعضها خلال الفيضانات خاصة إذا كانت أجزاء من الأرض ترابية منخفضة ويكون بعضها لينًا وبعضها حجرياً؛ فتنحفر الأجزاء الترابية اللينة وتبقى الحجرية مرتفعة، ثم يظل هذا المجرى ينحفر على مر الزمن ويتسع ويبقى النتوء ليرتفع قليلاً بانخفاض ما حوله. وإذا تأمل الشخص في أكثر الجبال التي تتكون بهذه الطريقة سيرى "الانحفار الفاصل فيما بينها متولدًا من السيول، ولكن ذلك أمر إنما تم وكان في مدد كثيرة، فلم يبق لكل سيل أثره، بل يُرى الأقرب منها عهدًا. وأكثر الجبال إنما هي في طور الانرضاض والتفتت؛ وذلك لأن عهد نشوئها وتكوّنها إنما كان مع انكشاف المياه عنها يسيرًا يسيرًا. والآن فإنها في سلطان التفتت؛ إلا ما شاء الله من جبال إن كانت تتزايد بسبب مياه تتحجر فيها أو سيول تؤدي إليها طينًا كثيرًا فيتحجر فيها". ومن الواضح هنا أن ابن سينا قد سبق المحدثين بالإشارة إلى سببين من أسباب تكون الجبال وهي الحركات الأرضية الرافعة، وعوامل التعرية. كما لفت الأنظار إلى التراكمات الجيولوجية البطيئة التي تحدث بمضي الوقت وتعاقب السنين وآثارها الطويلة الأمد.
متفرقات جيولوجية.
لم يكن علم الجيولوجيا علمًا قائمًا بذاته. لذا نجد كثيرًا من المعلومات الجيولوجية مبثوثة في كتب العلوم الطبيعية الأخرى كالفلك، والجغرافيا، والفيزياء والكيمياء. ومن بين ما تناوله العلماء المسلمون والعرب في هذه المصنفات آراء في الجيولوجيا والمتيورولوجيا (علم الأرصاد الجوية) والأحافير وكروية الأرض والبراكين وعلم المساحة ومعلومات جيولوجية أخرى متفرقة.
المتيورولوجيا.
عرف العلماء العرب أمورًا مهمة من هذا العلم الذي أطلقوا عليه علم الآثار العلوية. يتناول هذا العلم الجو وظواهره ودرجات الحرارة والكثافة والرياح والسحب وهو ما يسمى بالأرصاد الجوية. وسبق اللغويون العلماء في ذكر الكثير من المصطلحات في هذا العلم. من قبيل ذلك أنهم قسموا درجات الحرارة المنخفضة إلى برد، وحر، وقر، وزمهرير، وصقعة (من الصقيع)، وصر، وأريز (البرد الشديد). وقسموا درجات الحرارة المرتفعة إلى حر، وحرور، وقيظ، وهاجرة، وفيْح. أما الرياح فقد قسموها وفق الاتجاهات التي تهب منها أو وفق صفاتها؛ فهناك الشمأل والشّمال والشامية وهي التي تهب من الشمال، والجنوب أو التيمن وتهب من جهة الجنوب، والصَّبا التي تهب من الشرق، والدبور التي تهب من دبر (خلف) الكعبة. والرياح الشمالية الشرقية الصبابية، والجنوبية الشرقية الأزيْب، والجنوبية الغربية الداجن، والشمالية الغربية الجرْيباء. وما كان حاراً منها سموه رياح السموم، والباردة الصرصر، والرياح الممطرة المعصرة، وغير الممطرة العقيم.
كما أطلقوا على السحاب أسماء تدل على أجزائه ومراحل تكوينه؛ من ذلك: الغمام والمزن، وهو الأبيض الممطر، والسحاب، والعارض، والديمة، والرباب. ومن أجزاء السحابة الهيدب وهو أسفلها، ويعلوه الكفاف، فالرحا وهو ما دار حول الوسط، والخنذيذ، وهو الطرف البعيد للسحابة، وأعلى السحاب سموه البواسق. وللماء الذي يهطل من السماء أو يتجمع بفعل تدني درجات الحرارة أسماء منها: القطر والندى والسَّدَى (ندى الليل) والضباب والطل والغيث والرذاذ والوابل والهاطل والهتون.
ابن سينا والمتيورولوجيا.
تناول ابن سينا الكثير من الظواهر المتيورولوجية في موسوعته الشفاء في الجزء الخاص بالمعادن والآثار العلوية. فقد تكلم عن السحب والثلوج والطل والضباب والهالة وقوس قزح والنيازك والرياح وغير ذلك. فالسحاب ¸جوهر بخاري متكاثف طافٍ في الهواء… وهذا الجوهر البخاري كأنه متوسط بوجه ما بين الماء والهواء، فلا يخلو إما أن يكون ماء قد تحلل وتصعّد، أو يكون هواء قد تقبض واجتمع…· أما الطل فيتكون من ¸البخار اليومي المتباطئ الصعود القليل المادة إذا أصابه برد الليل وكثفه وعقد ماء ينزل نزولاً ثقيلاً في أجزاء صغار جدًا لا تحس بنزولها إلا عند اجتماع شيء يعتد به، فإن جمد كان صقيعًا·. أما الثلج الصقيع والبَرَد فيتكوّن لأن السحاب عندما يتكثف ¸يجتمع فيه حب القطر يجمد ولم تتخلق الحبات بحيث تحبس فينزل جامدًا، فيكون ذلك هو الثلج، ونظيره من البخار الفاعل للطل هو الصقيع، وأما إذا جمد بعدما صار ماء وصار حبًا كبارًا فهو البرد. والضباب من جوهر الغمام إلا أنه ليس له قوام السحاب، فما كان منه منحدرًا من العلو وخصوصًا عقيب الأمطار فإنه ينذر بالصحو، وما كان منه مبتدئًا من الأسفل متصعدًا إلى فوق ولا يتحلل فهو ينذر بالمطر·.
ذكر ابن سينا أيضًا الهالة التي تُرى حول القمر أو الشمس. وقال إنها تنشأ من جراء وجود بخار الماء في الجو (سحاب لطيف)، فإذا وقع عليه الشعاع تكونت الهالة.
أما عن الرياح فيقول ابن سينا بوجود علاقة بينها وبين المطر، وأن العام الذي تكثر فيه الرياح يقل فيه المطر والعكس فيقول في ذلك ¸... وما يدل على أن مادة المطر الذي هو البخار الرطب، هو أنهما في أكثر الأمر يتمانعان، والسنة التي تكثر فيها الرياح تكون سنة جدب وقلة مطر، لكنه كثيرًا ما يتفق أن يعين المطر على حدوث الرياح تارة بأن يبل الأرض، فيعدها لأن يتصعّد منها دخان، فإن الرطوبة تعين على تحلل اليابس وتصعده، وتارة بما يبرد البخار الدخاني فيعطفه، كما أنه قد يسكنه بمنع حدوث البخار الدخاني وقهره. والريح أيضًا كثيرًا ما تعين على تولد المطر بأن تجمع السحاب، أو بأن تقبض برودة السحاب...·. أما البرق عنده ¸فيرى، والرعد يسمع. فإذا كان حدوثهما معًا رؤي البرق في الآن وتأخر سماع الرعد؛ لأن مدى البصر أبعد من مدى السمع·. وهذا ما يؤيده علم الفيزياء حالياً من أن سرعة الضوء أكبر من سرعة الصوت.
إخوان الصفا والمتيورولوجيا.
تناول إخوان الصفا جوانب متفرقة من المتيورولوجيا؛ تحدثوا فيها عن الأمطار، والندى، والصقيع، والطل، والتكثف، وطبقات الجو العليا وأقسامها وجوانب أخرى يتقاسمها علم الجغرافيا مع المتيورولوجيا خاصة ما يتعلق منها بالمناخ. فالأمطار تحدث في رأيهم وفقًا لمراحل التصعيد والتكثف والتبريد تمامًا كما يقول العلم الحديث فإنه ¸إذا ارتفعت البخارات في الهواء ودافع الهواء إلى الجهات، ويكون تدافعه إلى جهة أكثر من جهة. ويكون من قدام له جبال شامخة مانعة، ومن فوق له برد الزمهرير له مانع. ومن أسفل مادة البخارين متصلة، فلا يزال البخاران يكثران ويغلظان في الهواء وتتداخل أجزاء البخارين بعضها في بعض حتى يسخن ويكون منها سحاب مؤلف متراكم. وكلما ارتفع السحاب بردت أجزاء البخارين، وانضمت أجزاء البخار الرطب بعضها إلى بعض، وصار ما كان دخانًا يابسًا ماء وأنداء، ثم تلتئم تلك الأجزاء المائية بعضها إلى بعض وتصير قَطْرًا بردًا، وتثقل فتهوي راجعة من العلو إلى السفل فتسمى حينئذ مطرًا. فإن كان صعود ذلك البخار الرطب بالليل والهواء شديد البرد، منع أن تصعد البخارات في الهواء، بل جمدها أول بأول وقربها من وجه الأرض فيصير من ذلك ندى وصقيع وطل. وإن ارتفعت تلك البخارات في الهواء قليلاً وعرض لها البرد صارت سحابًا رقيقًا. وإن كان البرد مفرطًا جمد القْطر الصغار في حلل الغيم، فكان من ذلك الجليد أو الثلج·.
قسم إخوان الصفا طبقات الهواء إلى ثلاث: الأثير؛ وهو أعلى طبقة وهو في غاية الحرارة، والزمهرير طبقة باردة في غاية البرودة، والنسيم؛ وهي الطبقة الهوائية التي تلي سطح الأرض، وهي مختلفة في اعتدال حرارتها. وعلى الرغم من تمييزهم لكل طبقة من تلك الطبقات، إلا أنهم قالوا إن هذه الطبقات قد يتداخل بعضها في بعض. وأكدوا على أن الهواء المحيط بالكرة الأرضية لا تأتيه الحرارة من الشمس مباشرة، بل يكتسبها من الأشعة التي تنعكس عليه من سطح الأرض والمياه.
الأحافير.
تناول بعض العلماء العرب علم الأحافير في معرض تناولهم لعمر الأرض، وخلال استدلالهم من تحول البحر إلى مناطق يابسة. فالبيروني يستشهد في كتابه تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن على أن جزيرة العرب كانت مغمورة بالمياه فانحسرت عنها بتعاقب الحقب الجيولوجية، وأن من يحفر حياضًا أو آبارًا يجد بها أحجارًا إذا شقت خرج منها الصدف والودع. ¸فهذه بادية العرب كانت بحرًا فانكبس، حتى أنّ آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها؛ فإنها تبدي أطباقًا من تراب ورمال ورضراض، ثم فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع أن يُحمل على دفن قاصد إياها هناك، بل تخرج أحجارًا إذا كسرت كانت مشتملة على أصداف وودع وما يسمى آذان السمك؛ إما باقية فيها على حالها، وإما بالية قد تلاشت، وبقي مكانها خلاء فتشكَّل بشكلها·. وهنا يشير البيروني إلى المستحجرات وهي بقايا عضوية كاملة أو طوابعها التي تكون داخل الحجارة، ويستدل بذلك على أن بعض المناطق كانت تغطيها المياه ثم أصبحت ضمن اليابسة.
ومثل البيروني نجد أن المازيني في العقد السادس من القرن السادس الهجري يشير إلى العاج المتحجر الذي رآه بنفسه في حوض نهر الفولجا. وكان لابن سينا رأي شبيه برأي البيروني من حيث إن وجود المستحجرات الحيوانية المائية في منطقة يابسة دليل على أن تلك المنطقة كانت مغمورة بالمياه في حقبة زمنية قديمة. من ذلك ما جاء في الشفاء ¸... فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الأيام غير معمورة، بل مغمورة في البحار فتحجرت عامًا بعد الانكشاف قليلاً قليلاً ففي مدد لا تفي التأريخات بحفظ أطرافها، إما تحت المياه لشدة الحرارة المحتقنة تحت البحر، والأولى أن يكون بعد الانكشاف، وأن تكون طينتها تعينها على التحجر؛ إذ تكون طينتها لزجة. ولهذا ما يوجد في كثير من الأحجار، إذا كسرت أجزاء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها·. ويستطرد قائلاً ¸إن كان ما يحكى من تحجر حيوانات ونبات صحيحًا؛ فالسبب فيه شدة قوة معدنية محجرة تحدث في بعض البقاع البحرية، أو تنفصل دفعة من الأرض في الزلازل والخسوف فتحجر ما تلقاه·.
كروية الأرض.
هناك من الدلائل ما يشير إلى أن المسلمين قد عرفوا أن الأرض كروية منذ عهد المأمون (ت 218هـ،833م). فقد قام فريقان من علماء المسلمين بقياس محيط الأرض بأمر من المأمون، وتوصل الفريقان إلى أن طول المحيط 41248كم. و لعل أول من قال بكروية الأرض وكتب عنها صراحة هو الكندي. وقد أثبت ذلك بطريقة حسابية في رسالته العناصر والجرم الأقصى كرِّية الشكل. وكان ابن خرداذبه (ت 300هـ، 912م) ممن كتبوا في كروية الأرض في كتاب المسالك والممالك، واستعار لهيئة الأرض صورة المحة والبيضة، وكذلك الهمداني الذي قدم أدلّة كروية الأرض في كتاب صفة جزيرة العرب وكتاب الجوهرتين. ونجد إشارات أكثر وضوحًا لدى المسعودي في كتاب مروج الذهب وكتاب التنبيه والإشراف. انظر: الجغرافيا في هذه المقالة.
ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض المقدسي (ت 375هـ، 985م)، في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. وقد مثل لكروية الأرض في الفلك بصورة المحة في جوف البيضة أيضًا كما فعل ابن خرداذبه من قبل، وقسَّم دائرة الكرة الأرضية إلى 360 درجة. ولإخوان الصفا في كروية الأرض رأي واضح مباشر: ¸فالأرض جسم مدوَّر مثل الكرة، وهي واقفة في الهواء... ومركزها نقطة متوهمة في عمقها على نصف القطر، وبعدها من ظهر سطح الأرض ومن سطح البحر من جميع الجهات متساوٍ لأن الأرض بجميع البحار التي على ظهرها كرة واحدة·. ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض أيضًا ابن سينا، والبيروني، وياقوت الحموي، والقزويني وأخيرًا ابن خلدون.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رواد الجيولوجيا وأهم مؤلفاتهم الأحد يوليو 04, 2010 12:17 am | |
| رواد الجيولوجيا وأهم مؤلفاتهملم يكن لعلم الجيولوجيا متخصصون قصروا أبحاثهم عليه كما كان عليه الحال في العلوم الطبيعية الأخرى، لكن جاءت هذه الأبحاث في ثنايا مصنفات جغرافية وفلكية وعمرانية وغيرها.
إسهام الكندي.
كان فيلسوف العرب الكندي أول من بحث في موضوعات متفرقة من علم الجيولوجيا، فله رسائل في علة الرعد والبرق والثلج والبرد والصواعق والمطر، ورسالة في سبب وجود اللون اللازوردي في الجو، وله إسهامات في علم المتيورولوجيا لا يختلف كثير منها عما توصل إليه المحدثون. ومن رسائله ذات الصلة بهذا العلم رسالة في البحار والمد والجزر، وعلى الرغم من ورود بعض الأخطاء فيها، فإنها كانت أولى المحاولات للاعتماد على الملاحظة الشخصية، والتجربة العلمية المنظمة. وللكندي رسالة حول كرية (كروية) سطح الماء (البحر)؛ فسطح البحر عنده محدّب كسطح الأرض اليابسة، وهذا قول يتفق وحقائق العلم الحديث. كما أن للكندي آراء ثاقبة في علم المعادن قال عنها البيروني ¸ولم يقع لي في فن المستعدنات غير كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي في الجواهر والأشباه·. استفاد من أعمال الكندي في حقل الجيولوجيا إلى جانب البيروني علماء آخرون منهم ابن الأكفاني والتيفاشي وابن سينا والقزويني وغيرهم.
إسهام المسعودي.
كان أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت 346هـ، 957م)، وينسب إلى عبدالله بن مسعود الصحابي، ملماً بكثير من العلوم والثقافات، لكنه عُرف جغرافياً أكثر ما عُرف. أطلق عليه علماء العرب اسم بلينوس الشرق. يعد كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر من أفضل المصنفات العربية الجغرافية التي تناول فيها الكثير من فروع علم الجيولوجيا في ثنايا المعلومات الجغرافية. فقد تناول فيه استدارة الأرض وإحاطتها بغلاف جوي، وطبيعة العواصف التي تهب على الخليج العربي والمناطق المحيطة به. ووصف الأرض والبحار ومبادئ الأنهار والجبال ومساحة الأرض، ووصف الزلازل التي حدثت سنة 334هـ، 945م. وتحدث عن كروية البحار، وأورد الشواهد على ذلك. ودرس ظاهرة المد والجزر وعلاقة القمر بذلك. وتحدث عن دورة الماء في الطبيعة وتراكم الأملاح في البحر ووصف البراكين الكبريتية في قمم بعض الجبال. كما أورد العلامات التي يستدل بها على وجود الماء في باطن الأرض.
إسهام البيروني.
تناول البيروني في علم الجيولوجيا علم المساحة والتضاريس، وطبقات الأرض، والمعادن، والجيولوجيا التاريخية وغيرها. كما قام بقياس محيط الأرض، وكتب عن مساحة الأرض ونسبتها للقمر. وهو أول من قال بأن الشمس مركز الكون الأرضي فخالف بذلك كل الآراء التي كانت سائدة آنذاك والتي اتفقت على أن الأرض هي مركز الكون. وقد أجرى تجربته التي حسب منها محيط الأرض من قمة جبل مشرف على صحراء مستوية؛ إذ قاس زاوية انخفاض ملتقى السماء والأرض عن مستوى الأفق المار بقمة الجبل، ثم قاس ارتفاع الجبل وتحصل على حساب نصف قطر الأرض باستخدام المعادلة المعروفة باسمه اليوم وهي:
س = (ف جتا ن) / (1- جتا ن)
وشرح البيروني كيفية عمل عيون الماء في الطبيعة وكذلك الآبار الإرتوازية في ضوء قاعدة الأواني المستطرقة. وبيّن أن تجمع مياه الآبار يكون بوساطة الرشح من الجوانب حيث يكون مصدرها من المياه القريبة منها. وللبيروني آراء حول تكوين القشرة الأرضية وما طرأ على اليابسة والماء من دورات تبادلية خلال عصور جيولوجية استغرقت دهورًا. ويدلل على ذلك بقوله في كتابه تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن: ¸ينتقل البر إلى البحر، والبحر إلى البر في أزمنة، إن كانت قبل كون الناس في العالم فغير معلومة، وإن كانت بعده فغير محفوظة؛ لأن الأخبار تنقطع إذا طال عليها الأمد وخاصة الأشياء الكائنة جزءًا بعد جزء بحيث لا تفطن لها إلا الخواص·. وتناول في كتابه الجماهر في معرفة الجواهر وصف الجواهر والبلورات والأحجار والمعادن. وتحدث عن كيفية استخراج وتعدين بعض هذه الفلزات وغيرها كالذهب والفضة والنحاس. | |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| |
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: الجغرافيا البشرية والاقتصادية الأحد يوليو 04, 2010 5:32 am | |
|
الجغرافيا البشرية والاقتصادية
أولى الجغرافيون المسلمون عناية كبيرة للجوانب البشرية؛ فلا نجد فرعًا من فروع الجغرافيا البشرية الحديثة إلا وتطرقوا إليه. على سبيل المثال يتناول المسعودي في التنبيه والإشراف كثيرًا من الجوانب في الجغرافيا البشرية ويذكر أحوال العمران وهو العلم الذي أسسه ورتب قواعده ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م).
الجغرافيا البشرية.
تناولت المصنفات الجغرافية الجانب البشري واهتمت به. وأوضح الأمثلة على ذلك كتابات المسعودي الذي ينهج نهجًا جديدًا في تناوله للجغرافيا. فقد طاف معظم بلاد العالم المعروف آنذاك، ولم يكن طوافه ذلك للنزهة أو كسب العيش، بل لمشاهدة معالم البلاد ومعرفة أحوال أهلها من عادات وتقاليد وأخلاق ومعايش وزراعة وسياسة. كما وصف أثر البيئة الطبيعية وصوَّر أخلاق البشر. وتناولُ المسعودي للجغرافيا البشرية مشوب بمعلومات تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية. وفي مروج الذهب يكاد يخصص الشطر الأكبر من القسم الأول من هذه الموسوعة الجغرافية لوصف عادات الأمم ومعتقداتها ومذاهبها وتاريخها ومصادر أرزاقها من صناعة وزراعة وتجارة. ويذكر أيضًا أثر المناخ في ألوان البشر وفي النشاط الجسماني والذكاء.
وفي أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم أفاض المقدسي في ذكر المسافات، وطرق المواصلات، واللغات واللهجات، والمكاييل والأوزان، والمناخ، والزراعة، وطوائف الناس وغذائهم وشرابهم، وأخلاقهم وعاداتهم، ومذاهبهم ومعاملاتهم التجارية. أما ابن خلدون فكان من أهم من كتبوا في الجغرافيا البشرية خاصة ما يُطلق عليه الآن الجغرافيا الاجتماعية. فقد تناول في المقدمة كثيرًا من المعلومات عن عادات الشعوب ومساكنهم وبيئاتهم وطعامهم وتقاليدهم وأزيائهم وتأثير البيئة في ألوانهم وأخلاقهم وسلوكهم، وكذلك أثر الإقليم والتربة والمناخ. وتكلّم عن خصائص العمران وذكر منها الاستقرار، والتوسع في المأكل والملبس والمسكن والترف، واستجادة الصنعة للتباهي بها، وكذلك قيام نظام للدولة وانتشار العلم.
أفاضت كتب الرحلات الجغرافية أيضًا في الجانب البشري. فابن بطوطة يهتم بطبائع الناس وعاداتهم في كل بلد يتوقف فيه. فعندما وصل الهند مثلاً تكلّم عن معظم عادات الهندوس وعن إحراق المرأة الهندوسية نفسها بعد وفاة زوجها ¸فترتدي أحسن ما لديها من الثياب وتمتطي صهوة جوادها وتضحك وتمرح حتى تصل إلى مكان الحفل، وهناك يدثرها أحد الكهنة بثوب خشن من القطن ثم يلقي عليه كمية كبيرة من الزيت، ثم يتقدم الكهنة نحوها فيشعلون النار في رأسها وكتفها ووسطها، وسرعان ما تلتهمها النيران المتوهجة التي كان يذكيها الحاضرون بمزيد من الوقود والحطب لتزداد اشتعالاً·. وفي الصين يتكلم عن ملبس القوم ومآكلهم ومشاربهم واستخدامهم للعملات الورقية في التداول بدلاً عن العملات الفضية أو الذهبية. ونجده يشيد بتمسك السودانيين (السودان الغربي) بدينهم وحرصهم على إقامة الشعائر الخمس. ويتضح من مجمل مشاهداته أنه اهتم بتسجيل المظاهر الاجتماعية ووصف العادات والتقاليد وطبائع الأقوام وأديانهم وغيرها فكتاباته في هذا الجانب أقرب إلى علم الجغرافيا الاجتماعية منها إلى التاريخ أو الجغرافيا الطبيعية.
جغرافيا المدن.
تناولت مصنفات المسلمين أيضًا جغرافيا المدن. فقد اهتمت هذه المصنفات بذكر أسماء الأمصار والمدن والبلاد وضبط هذه الأسماء واشتقاقاتها إن كانت عربية. وأفضل المصنفات التي اهتمت بهذا الجانب هي المعاجم الجغرافية مثل معجم ما استعجم؛ معجم البلدان؛ تقويم البلدان. ووضع بعضهم مؤلفات اقتصرها على أسماء الأماكن المتشابهة في الاسم، مثل كتاب المشترك وَضْعًا والمفترق صقْعًا لياقوت الحموي. وتحدثوا عن أسس اختيار المواضع التي تقام عليها المدن من حيث توافر المياه وملاءمة الهواء وارتفاع المكان. ولابن خلدون آراء في سبب نشأة المدن، وأفضل البقاع لإقامة هذه المدن، كما يتحدث عن أسباب خرابها فيقول ¸سبب خراب المدن قلة مراعاتهم لحسن الاختيار في اختطاط المدن… وانظر لما اختطوا الكوفة والبصرة والقيروان كيف لم يراعوا في اختطاطها إلا مراعي إبلهم وما يقرب من القفر ومسالك الظعن فكانت بعيدة عن الوضع الطبيعي للمدن، ولم تكن لها مادة تمد عمرانها من بعدهم. فقد كانت مواطنها غير طبيعية للقرار، ولم تكن في وسط الأمم فيعمرها الناس·.
وتناول إخوان الصفا أيضًا جغرافية المدن، وسكانها وطبائعهم، وأعمالهم، وعاداتهم، ودوابهم. فيقولون في الرسالة الخامسة وهي رسالة في الجغرافيا ¸إن في كل إقليم من الأقاليم السبعة ألوفًا من المدن تزيد وتنقص. وفي كل مدينة أمم من الناس مختلفة ألسنتهم، وألوانهم، وطباعهم، وآدابهم، ومذاهبهم، وأعمالهم وصنائعهم. وعاداتهم ولا يشبه بعضهم بعضًا. وهكذا حكم حيوانها ومعادنها مختلفة الشكل والطعم واللون والرائحة. وسبب ذلك اختلاف أهوية البلاد وتربة البقاع وعذوبة المياه وملوحتها·.
تناول القزويني في كتابه المواعظ والاعتبار عددًا من المدن التي تستجلب منها بضائع معينة أو اشتهرت بصنعة خاصة أو انفردت بصفة غلبت عليها من ذلك: مَنْدل مدينة بأرض الهند يكثر بها العود حتى يقال للعود المندل، وسيرجان قصبة كرمان كثيرة العلم، وسمهر قرية بالحبشة بها صناعة الرِّماح السَّمهْرية.
ويقتصر كتاب الإفادة لعبداللطيف البغدادي (ت 629هـ، 1232م) على مدن مصر وسكانها ونباتها وحيوانها. ويصف ما بها من آثار، وينحي باللائمة على الذين شوَّهوها أو خربوها. ويتحدث عن الأبنية وأنواع الأطعمة والأشربة.
الجغرافيا الاقتصادية.
زخرت المصنفات الجغرافية بالكثير من المعلومات الاقتصادية مثل طرق كسب العيش عند الأمم والزراعة، والتجارة، وأنواع المعاملات والمقايضات، والأوزان والمكاييل، وأنواع العملات المتداولة وطرق النقل والمواصلات.
تناول الجغرافيون العرب والمسلمون جوانب من الجغرافيا التجارية، وأنواع التجارة والبيع والشراء والطرق التي تسلكها قوافل التجارة براً أو بحراً. وأهم المدن التجارية في المشرق الإسلامي والمغرب وكذلك الأسواق كسوق عدن وسواكن على بحر القلزم (البحر الأحمر)، وصحار وعُمان ودبي في الخليج العربي، وحضرموت وعدن. وذكروا أن بعضًا من هذه الأسواق تخصصت في تجارة بعينها، كعدن وحضرموت اللتين اشتهرتا بالاتجار في الطّيب والنعال. وكان أقوام من الهند وبلاد فارس واليهود والنصارى يعملون إلى جانب العرب في التجارة من وإلى بلاد العرب. وذكر الجغرافيون العملات التي تعامل بها الناس في الدولة الإسلامية، فالنقود في الصين كانت عملات ورقية. واستخدم العرب في داخل الجزيرة العربية الدينار المضروب من الذهب والدرهم الفضي. واستخدم أهل بخارى الدرهم لكنهم لم يتعاملوا بالدينار. واستخدم أهل الجزيرة العربية من المكاييل الصاع والمد. واستخدم أهل الشام القفيز والويبة والمكوك والكيلجة؛ والكيلجة نحو صاع ونصف الصاع، والمكوك ثلاث كيالج، والويبة مكوكان، والقفيز أربع ويبات. كما استخدم المسلمون الدانق والقيراط والمثقال والأوقية والرطل والقنطار والقسط ويساوي مُدَّيْن، والفرق يساوي ستة أقساط. ومن مقاييس المسافات ذكر الجغرافيون على سبيل المثال: الفرسخ والميل والمرحلة والذراع والشِّبْر والإصبع والغلوة وهي رمية السهم.
تناول الجغرافيون المسلمون أهم الصناعات والحرف المختلفة في أرجاء الدولة الإسلامية. وذكروا من ذلك صناعة الثياب وصباغتها والمواد التي تصنع منها سواء كانت من الصوف أو الوبر أو القطن أو الكتان أو الحرير، وكل منطقة كانت تشتهر بحرفة أو صناعة فقد كانت دمياط وتنيس في مصر أكبر مركزين لصناعة النسيج، وكانت مدينة كازرون في بلاد فارس مشهورة بصناعة نسيج الكتان، ومرو ونيسابور اشتهرتا بصناعة ثياب القطن، وعبدان بصناعة الحُصُر. وذكر ابن الوزان في كتابه وصف إفريقيا، أن بمدينة فاس 120 موضعًا خاصاً بصناعة النسيج يعمل فيها نحو 20,000 عامل.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| |
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| |
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: الفَـلَـــك الأحد يوليو 04, 2010 5:59 am | |
| الفَـلَـــك أطلق المسلمون على علم الفلك أسماء شتى؛ فقد اشتهر عندهم باسم علم الهيئة، وعلم النجوم، وعلم النجوم التعليمي، وعلم صناعة النجوم.
علم الفلك والتنجيم.
اختلف علم الفلك عند علماء المسلمين عن علم التنجيم أو ما يسمى أحيانًا علم أحكام النجوم. وعلى الرغم من أن الدين الإسلامي قد بيَّن فساد الاعتقاد بالتنجيم وعلاقته بما يجري على الأرض، ودلالة الكواكب والنجوم على مصير البشر والأحوال المستقبلية، إلا أن ذلك لم يمنع بعض القائمين بالأمر، لاسيما الخلفاء العباسيين، أن يعنوا به في بادئ الأمر. لذا نجد أنهم لجأوا إلى المنجمين قبل إقدامهم على الكثير من أعمالهم المهمة. فنجد المنصور قد قرب كافة المنجمين إليه ومنحهم أموالاً وهبات كثيرة، بل عمل بأحكام النجوم، وكان يصطحب معه المنجمين مثل نوبخت الفارسي، وإبراهيم بن حبيب الفزاري، وعلي الإصطرلابي المنجم. وعمل بتوجيهاتهم في كثير من الأحوال السياسية والإدارية والعمرانية والعسكرية، بل نجدهم أحيانًا يعالجون الأمراض بمقتضى مواقع النجوم والكواكب.
كان للعرب قبل الإسلام معرفة فلكية انحدرت إليهم من تراث أجدادهم، بالإضافة إلى ما أخذوه من الأقوام المجاورين لهم كالكلدانيين والفرس والسريان. فقد ألموا بمواقع النجوم وسيرها التقريبي بالملاحظة اليومية واستدلوا بذلك على فصول السنة، وأطلقوا على الشهور أسماء مأخوذة من صفات هذه الفصول. انظر: التقويم الهجري. كما عرفوا عددًا كبيرًا من الكواكب والنجوم بأسمائها العربية أو الفارسية أو الكلدانية مثل المريخ الذي عرّبوه من الاسم الكلداني البابلي مردوخ، ثم في فترة لاحقة استعاروا أسماء بعضها من الفارسية مثل كيوان؛ برجيس؛ بهرام؛ أناهيد التي أطلقوها على زحل والمشتري والمريخ والزُّهرة على التوالي.
لم يؤسس علم الهيئة على منهج علمي وقواعد ثابتة إلا في العصر العباسي، شأنه في ذلك شأن سائر فروع المعرفة بعد أن اتسعت حركة النقل والترجمة. إلا أنه من الغريب أن أول كتاب ترجم في علم الفلك لم يكن في العصر العباسي، بل في العصر الأموي قبل زوال الدولة الأموية بسبع سنين، ولعله كان كتاب عرض مفتاح النجوم للفلكي المصري هرمس.
ولشغف المنصور بعلم أحكام النجوم؛ أمر بنقل كتاب السدَّهانتا (السند هند) إلى اللغة العربية، وكان ذلك عام 154هـ،771م. كما أمر أيضًا بنقل كتاب المجسطي لبطليموس، وعمل في ذلك الخوارزمي والفزاري وأبناء موسى بن شاكر المنجم. ثم قام إبراهيم بن حبيب الفزاري بتصنيف كتاب في الفلك على غرار كتاب السند هند اتخذه العرب أصلاً في حركات الكواكب، واستخرج منه زيجًا حوّل فيه سني الهنود النجومية إلى سنين عربية قمرية. وأطلق المسلمون على هذا الكتاب اسم السند هند الكبير وقام الخوارزمي باختصاره. وظل المسلمون يعملون به إلى زمن المأمون.
لما توافرت المصنفات الفلكية، بدأ المسلمون يطوّرون ما وصل إليهم من هذا العلم، وانتقل العلم من المجال النظري إلى المجال العلمي التطبيقي القائم على الرصد والمشاهدة. وبرغم أن التنجيم لم يَزُلْ نهائياً من قلوب الخاصة والعامة، إلا أن علم الهيئة ازدهر بسرعة لحاجة المسلمين إليه لمعرفة أوقات الصلوات والأعياد والصيام واتجاه القبلة، ولعناية الخلفاء العباسيين الكبيرة به.
بالإضافة إلى كتابي السند هند والمجسطي نقل العلماء على عهد المنصور كتاب الأربع مقالات في صناعة أحكام النجوم لبطليموس، وقام بهذا النقل أبو يحيى البطريق. وجاء من بعده عمر بن الفرخان (ت 200هـ، 815م) صديق يحيى البرمكي فعلّق عليها، ونقلت في عهد المنصور كتب أخرى أرسل في طلبها من ملك الروم آنذاك. كما أمر يحيى البرمكي بنقل كتاب التصنيف العظيم في الحساب لبطليموس من السريانية إلى العربية.
لعل أوضح مثال على تغلغل التنجيم في نفوس الخاصة والعامة في بداية العصر العباسي ما حدث عندما فكر المنصور في بناء بغداد (145هـ، 762م) إذ وضع أساسها في الوقت الذي حدده له المنجمان ما شاء الله اليهودي ونوبخت الفارسي. وتمت هندستها بحضورهما وبحضور مشاهير المنجمين من أمثال الفزاري والطبري، ويؤكد ذلك البيروني في الآثار الباقية.
وللعرب مؤلفات في التنجيم سواء في المشرق أو المغرب. ومن أبرز هؤلاء في الشرق أبو معشر الفلكي البلخي (ت 272هـ، 886م). وكان يعمل في بدء حياته في علم الحساب والهندسة، إلا أنه رأى أن ليس لديه الصبر وقوة التحمل لصعوبتهما؛ فترك ذلك واشتغل بأحكام النجوم. وله مؤلفات كثيرة في علم الهيئة والتنجيم أشهرها كتاب المُدخل الكبير؛ الزيج الكبير؛ الزيج الصغير. ومن الذين ألّفوا في التنجيم من أهل المغرب ابن أبي الرجال المغربي القيرواني (ت بعد سنة 432هـ، 1040م) من فاس بالمغرب. كان يعيش في تونس حيث كان في خدمة شرف الدولة المعز بن باديس في القيروان. ولابن أبي الرجال عدة مؤلفات أهمها كتاب البارع في أحكام النجوم والطوالع، وكان أكثر كتب التنجيم رواجًا في تلك الحقبة وترجم إلى اللاتينية وطبع مرارًا، وكذلك إلى الأسبانية والبرتغالية ثم ترجم ثلاث مرات إلى العبرية.
لما بالغ الناس في الاهتمام بأمر التنجيم قام بعض العلماء والمفكرين المسلمين والعرب بمحاربته ودعوا إلى بطلان الاعتقاد به وبيان سخف المشتغلين به. ولم يقتصر الأمر على الشرق الإسلامي، بل عم كل أرجاء العالم الإسلامي ومثّل هذه الحملة الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن حزم. فالكندي انتقد أقوال المنجمين في تنبؤاتهم القائمة على حركات الكواكب. ولربما يكون إيمانه بعدم تأثير الكواكب في بني البشر انعكاسًا لنظرياته في النفس الإنسانية وعلم الفلك. والمطلع على رسائله في العلة القريبة الفاعلة للكون والفساد يستشف أنه كان بعيدًا عن التنجيم، ولا يؤمن بأن للكواكب صفات معينة من النحس أو السعد أو العناية بأمم معينة.
خالف الفارابي معاصريه عندما قال ببطلان صناعة التنجيم. وقد استدل على ذلك بحجج وبراهين عقلية تشوبها السخرية، وكتب آراءه عن التنجيم في رسالة بعنوان النكت فيما يصح وفيما لا يصح من أحكام النجوم؛ وبيّن في هذه الرسالة فساد أحكام علم النجوم الذي يعزو المنجمون كل كبيرة وصغيرة فيه إلى الكواكب وقراناتها. كما يوضح في رسالة أخرى الخطأ الكبير فيما يزعمه الزاعمون من أن بعض الكواكب يجلب السعادة وبعضها الآخر يجلب النحس. ويخلص الفارابي إلى أن ¸هناك معرفة برهانية يقينية إلى إكمال درجات اليقين نجدها في علم النجوم التعليمي (علم الفلك). أما دراسة خصائص الأفلاك وفعلها في الأرض فلا نظفر منها إلا بمعرفة ظنّية، ودعاوي المنجمين ونبوءاتهم لا تستحق إلا الشك والارتياب…·.
كان رأي ابن سينا فيما يقوله المنجمون هادئًا ومنطقيًا. وقد ضمّن رأيه في بطلان دعاوي التنجيم في رسالة عنوانها رسالة في إبطال أحكام النجوم؛ بيّن في هذه الرسالة كذب المشتغلين به إذ ليس لديهم من دليل أو قياس فيما يقولون من سعود الكواكب ونحوسها ¸فليس على شيء مما وصفوه دليل، ولا يشهد على صحته قياس. وقد أخذوه من غير برهان ولا قياس·. وفنّد أقوالهم في أحكام النجوم وأثرها على الناس وبيّن فساد هذه الأحكام باللجوء إلى المنطق الذي استعان به ليدلل على صحة ما ذهب إليه.
أما ابن حزم الظاهري فقد حارب الآراء والأقوال التي تزعم تحكُّم النجوم والكواكب في حياة الناس بقوله في الفصل في الملل والأهواء والنحل ¸…زعم قوم أن الفلك والنجوم تعقل، وأنها ترى وتسمع، وهذه دعوى باطلة بلا برهان. وصحّة الحكم بأن النجوم لا تعقل أصلاً وأن حركتها أبدًا على رتبة واحدة لا تتبدل عنها. وهذه صفة الجماد الذي لا اختيار له… وليس للنجوم تأثير في أعمالنا، ولا لها عقل تدبرنا به إلا إذا كان المقصود أنها تدبّرنا طبيعيًا كتدبير الغذاء لنا، وكتدبير الماء والهواء، ونحو أثرها في المد والجزر… وكتأثير الشمس في عكس الحر وتصعيد الرطوبات (التبخير)، والنجوم لا تدلل على الحوادث المقبلة…·.
منجزات فلكيّة.
استفاد العلماء العرب والمسلمون من المؤلفات الفلكية التي ترجموها من الأمم السابقة لهم وصححوا أو نقحوا بعضها، وزادوا عليها. وقد أدّت انتقادات كبار العلماء، من أمثال ابن سينا والفارابي والكندي وابن حزم، إلى نبذ الاتجاه الخرافي الذي ساد وقتًا طويلاً، ومن ثَمّ انطلق العلماء إلى مرحلة التطوير فيما نقلوا ثم الإبداع الذي جاء من خلال التطبيق وعمليات الرّصد.
من أبرز إنجازات العرب والمسلمين في هذا العلم أنهم كانوا الأسبق في الحصول على طول درجة من خط نصف النهار بطريقة علمية؛ فقد توصلوا إلى طريقة مبتكرة لحساب ذلك؛ مكنتهم من الحصول على نتائج دقيقة يعدها العلماء الآن من أجل آثارهم في ميدان الفلكيات، وتمّ ذلك في عهد المأمون وبأمر منه. وقد ذكر ذلك ابن يونس في كتابه الزيج الكبير الحاكمي. وقام بهذا العمل فريقان اتجه أحدهما إلى منطقة بين واسط وتَدْمُر وقاسوا هنالك مقدار هذه الدرجة فكانت ¼56من الأميال (الميل العربي أطول من الميل الروماني)، أما الفريق الآخر فاتجه إلى صحراء سنجار وتوصلوا إلى أن مقدار هذه الدرجة 57 ميلاً؛ لذا اتخذ المأمون متوسط القياسين فكان2/3 56 من الأميال تقريبًا. ويعد هذا القياس قريبًا جدًا من القياس الذي توصل إليه العلماء في العصر الحديث وهو 5693 ميلاً؛ وهذا يعني أن محيط الأرض يبلغ 41,248كم؛ أي نحو 20,400 ميل. أما الرقم الصحيح لمحيط الأرض كما حسب في العصر الحديث بالحواسيب والأقمار الصناعية فهو 40,070كم. أما البيروني فقد ابتكر طريقة لقياس درجة من خط نصف النهار ذكرها في كتابه الأصطرلاب فوجدها 56,050 ميلاً. ولاتزال هذه الطريقة مستخدمة وتعرف عند الغرب والشرق بقاعدة البيروني لحساب نصف قطر الأرض.
ومن إنجازاتهم أنهم كانوا أول من عرف أصول الرسم على سطح الكرة، وقالوا باستدارة الأرض ودورانها حول محورها، وقاموا بضبط حركة أوج الشمس وتداخل فلكها في أفلاك أخرى. كما حسبوا الحركة المتوسطة للشمس في السنة الفارسية. وعندما حسب البُتَّاني ميل فلك البروج على فلك معدل النهار وجده 23° و35 دقيقة، وكان أبرخس قد حسبه 23° و 51 دقيقة وهو متغير فقد كان في زمانه 23° و34 دقيقة. وقد أكد العلم الحديث أنه قد أصاب في هذا الحساب إلى حد دقيقة واحدة. كما حقق البتاني مواقع كثير من النجوم فوجد أن بعضها لم يعد في المكان الذي كانت عليه على عهد بطليموس. كما صحح البتاني نفسه طول السنة الشمسية؛ فقد حددها بـ 365 يومًا و 5 ساعات و46 دقيقة و32 ثانية. وكان حساب بطليموس لها 365 يومًا و 5 ساعات و55 دقيقة و12 ثانية.
انتقد الفلكيون العرب من أمثال ابن الأفلح والأشبيلي كتاب بطليموس المجسطي في كتابيهما إصلاح المجسطي والهيئة على التوالي. كما اكتشف العلماء المسلمون أنواع الخلل في حركة القمر. فقد ثبت لدى المؤرخين أن الخلل الثالث كان من اكتشاف أبي الوفاء البوزجاني وليس تيخوبراهي. وأدّى هذا الاكتشاف إلى اتساع نطاق البحث في علمي الفلك والميكانيكا. بحث علماء الفلك المسلمون والعرب في حساب إهليلجية الشمس أيضًا، واستنتجوا أن بعد الشمس عن مركز الأرض إذا كانت عند أقصى بُعد لها يساوي 1,146 مرة مثل نصف قطر الأرض، وإذا كانت عند أدنى بُعد لها يساوي 1,070 مرة مثل نصف قطر الأرض، وإذا كانت في متوسط بعدها يساوي 1,108 مرة مثل نصف قطر الأرض. وهذه التقديرات قريبة جدًا من النتائج التي خرج بها العلماء في العصر الحديث.
وضع الفلكيون العرب جداول دقيقة للنجوم الثوابت، وأول من قام بذلك عبدالرحمن الصوفي، وصنّف في ذلك كتابًا بعنوان الكواكب الثابتة، أوضح فيه النجوم الثابتة لعام 299هـ، 911م، وهذه الجداول مهمة حتى في العصر الحديث، لمن أراد البحث في تاريخ بعض الكواكب ومواقعها وحركاتها. ويمتاز هذا الكتاب برسومه الملونة للأبراج وبقية الصور السماوية، وقد رسم فيه أكثر من 1000 نجم وصورها على هيئة الأناسي والحيوانات؛ فمنها ما هو بصورة رجُل في يده اليسرى سيف يشير بذبابته إلى رأس غول ناصيته في القبضة اليمنى للرجل، ومنها ما هو بصورة كهل في يده اليسرى قضيب أو صولجان، على رأسه عمامة أو قلنسوة فوقها تاج. ومنها ما هو على هيئة امرأة جالسة على كرسي له قائمة كقائمة المنبر. ومنها ما صوِّر على هيئة حيوانات كالدب والأسد أو ظبي أو تنّين وغير ذلك.
من إنجازات العرب في هذا الحقل أيضًا رصدهم للاعتدالين الربيعي والخريفي؛ وكذلك الانقلابين الصيفي والشتوي. انظر: الاعتدال. وكتبوا عن كلف الشمس قبل غيرهم، وأول من قام بذلك ابن رشد (ت 595هـ، 1198م)، كما توصل بالحساب الفلكي إلى وقت عبور عطارد على قرص الشمس، فرصده وشاهده بمثابة بقعة سوداء على قرصها في الوقت الذي تنبّأ به تمامًا. كما رصدوا الخسوف والكسوف وحددوا مواقيت حدوثهما. وممن قام بذلك ابن باجة الأندلسي (ت 533هـ، 1138م)، وكذلك القزويني الذي يقول في عجائب المخلوقات ¸إذا صار القمر في مقابلة الشمس، كان النصف المواجه للشمس هو النصف المواجه لنا (أيضًا) فنراه بدرًا… حتى إذا صار القمر في مقابلة الشمس تمامًا واستحال علينا أن نرى شيئًا من جانبه المضيء امّحق نوره؛ فرأيناه نحن مظلمًا·. كما تحدث الفلكيون كثيرًا عن أثر القمر في ظاهرة المد والجزر في البحار والأنهار.
هناك إنجازان عظيمان في علم الفلك ينسبان لابن الهيثم، أولهما تحدث عنه في رسالة بعنوان رسالة ارتفاع القطب يستنتج فيها أن ارتفاع القطب يساوي عرض المكان. وهو إنجاز ذو أهمية بالغة في أعمال المساحة والأعمال المشابهة لها. وعمله يتلخص في رصد الزمن الذي يستغرقه الكوكب للوصول من ارتفاع شرقي قريب من خط نصف النهار إلى ارتفاع متساوٍ له في الغرب ومعرفة قيمة هذا الارتفاع الشرقي أو الغربي، وارتفاع الكوكب عند مروره بخط نصف النهار. ويوضح ابن الهيثم طريقة عمل ذلك مبينًا القانون الخاص بعلاقة الارتفاعات المذكورة والزمن الذي يستغرقه الكوكب في الحالة الأولى التي يمر فيها بسمت الرأس، أو يكون عند عبوره قريبًا منها. وفي الحالة الثانية: عندما يكون عبوره على نقطة من خط نصف النهار تختلف عن سمت الرأس. ويدلل ابن الهيثم على كيفية الحصول على هذه العلاقات بالبرهان الهندسي الدقيق. ويبيّن أن تأثير الانعطاف في أرصاد الكواكب عند قربها من سمت الرأس يكاد يكون معدومًا؛ لذا فالأخطاء الناشئة من يقين الارتفاع بوساطة الأجهزة تخلو من هذا العامل كما تخلو أيضًا من عامل زاوية اختلاف القطر لأن بُعد الكواكب عن الأرض نسبة إلى نصف قطر الأرض كبير جدًا.
أما الإنجاز الثاني فلايزال العلم الحديث يأخذ به أيضًا وهو أن ظاهرة إدراك الكواكب عند الأفق أعظم منها في وسط السماء فيقول ¸إن كل كوكب إذا كان على سمت الرأس، فإن البصر يدرك مقداره أصغر… وكلما كان أبعد عن سمت الرأس كان ما يدركه البصر من مقداره أعظم من مقداره الذي يدركه وهو أقرب إلى سمت الرأس·.
ومن إنجازات الفلكيين المسلمين أيضًا إصلاح التقاويم الخاطئة، ويتمثل ذلك في عمل عمر الخيام الذي قام به سنة 467هـ، 1074م عندما دُعي لإصلاح التقويم الفارسي في مرصد الري. فكانت السنة الفارسية تتألف من 12 شهرًا يحتوي كل منها على 30 يومًا ثم تجيء خمسة أيام بيض يتخذونها عيدًا لإتمام السنة 365 يومًا. وقام الخيام بتعديل هذا التقويم بزيادة 15 يومًا في كل 62 سنة فبقي خطأ مقداره يوم واحد يتكرر مرة واحدة كل 3,770 سنة. كما صحح أبو علي المراكشي خريطة المغرب الفلكية، وكان أول من استعمل خطوط الطول التي تدل على الساعات المتساوية على الخريطة، ولم تكن موجودة عند من سبقه من العلماء سواء في بلاد اليونان أو في العالم الإسلامي. وألّف كتابًا في الفلك جمع فيه كثيرًا من المعارف المتعلقة بالفلك وآلات الرصد وتضمن جدولاً يضم 240 نجمًا رصدها في سنة 622هـ، 1225م.
ومن إنجازات العلماء العرب في الفلك صنع الكرات التي بيّنوا عليها السماء وكواكبها ونجومها. وكان أول من صنع كرة سماوية من هذا القبيل إبراهيم السهلي عام 473هـ،1080م وهو أحد علماء بلنسية في الأندلس. كما أن الزرقالي (ت 493هـ، 1099م) وضع ما اشتهر في تاريخ هذا العلم باللوائح الطليطلية التي ترجمت إلى اللاتينية ونشرت بعنوان اللوائح الألفونسية نسبة إلى الملك ألفونسو العاشر الذي أمر بترجمة جميع آثار الزرقالي إلى اللغة القشتالية، ومن بينها زيج الزرقالي الذي اعتمد عليه فيما بعد علماء الفلك في أوروبا. وإلى الزرقالي تُنْسب أدق درجة عرفت في عصره لحركة أوج الشمس بالنسبة إلى النجوم. وقد بلغ مقدارها عنده 12,04 دقيقة بينما مقدارها حالياً 12,08 دقيقة. | |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: علم الأزياج الأحد يوليو 04, 2010 6:04 am | |
|
علم الأزياج
الأزياج جداول حسابية تبين مواقع النجوم والكواكب، مع حسبان حركاتها في كل زمن ووقت. وعلم الأزياج فرع من فروع علم الفلك عرَّفه ابن خلدون في المقدمة بأنّه ¸صناعة حسابية على قوانين عددية فيما يخص كل كوكب من طريق حركته، وما أدّى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطء، واستقامة ورجوع، وغير ذلك، يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لأي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة. ولهذه الصناعة قوانين في معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية، وأصول متقررة في معرفة الأوج والحضيض والميول وأصناف الحركات، واستخراج بعضها من بعض، يضعونها في جداول مرتبة تسهيلاً على المتعلمين وتسمى الأزياج. ويُسمى استخراج مواضع الكواكب للوقت المفروض لهذه الصناعة تعديلاً وتقويمًا·. انظر: الحضيض الشمسي. استفاد الفلكيون في علم الأزياج من الهنود ومن الفرس، وكلمة زيج نفسها أصلها فارسي أخذت من زيك التي تعني خيوط النسيج الطولية. برع كثير من العلماء العرب في وضع هذه الجداول الفلكية وتركوا آثارًا قيمة في هذا المجال، ومن أوائل من قام بذلك إبراهيم بن حبيب الفزاري (ت 154هـ، 771م)؛ والذين قاموا بعمل أزياج المأمون مثل سند بن علي، والمروزي، والإسطرلابي.
من أشهر أزياج المروزي ذلك الذي ألّفه على مذهب السند هند، وقد خالف في كثير منه الفزاري والخوارزمي. أما عمله الثاني في الأزياج فهو زيج الممتحن، وهو أشهر أعماله في علم الأزياج. أشار إليه البيروني وأثنى عليه في كتابه الآثار الباقية. وقد ألّفه بعد رحلته التي طلب إليه المأمون فيها قياس محيط الأرض، وضمنه حركات الكواكب على ما يوجبه الامتحان في زمانه. وثالث أزياج المروزي الزيج الصغير، كما أن له زيجين آخرين أقل شهرة هما الزيج الدمشقي، والزيج المأموني.
ولعل أشهر الأزياج قاطبة الزيج الصابي الذي وضعه البتاني (بطليموس العرب) (ت 317هـ، 929م)، وكان أنبغ علماء عصره في الفلك والرياضيات. ويعد البتاني من مشاهير علماء الفلك على نطاق العالم. وهو الذي بيّن حركة نقطة الذنب للأرض وأصلح قيمة الاعتدالين الصيفي والشتوي، وقيمة فلك البروج على فلك معدل النهار. وله مآثر جليلة في رصد الكسوف والخسوف اعتمد عليها الفلكيون في أوروبا في تحديد حركة القمر حول الأرض. وقد أصلح زيج بطليموس ولم يكن مضبوطًا. وقام بتأليف الزيج الصابي (299هـ، 911م)، ويحتوي على جداول تتعلق بحركات الأجرام التي هي من اكتشافاته الخاصة. وتعدّت آثار هذا الزيج العالم الإسلامي إلى التأثير في علم الفلك وعلم المثلثات الكُرِّي عامة في أوروبا في العصور الوسطى وأوائل عصر النهضة. وقد ترجم هذا الزيج إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي وطبع في نورمبرج عام 944هـ، 1537م. كما ترجم من العربية إلى الأسبانية بأمر من ألفونسو العاشر ملك قشتالة. واعتمد البتاني في هذا الزيج على عمليات الأرصاد التي قام بها بنفسه في كل من الرقة وأنطاكية وعلى كتاب زيج الممتحن للمروزي.
يعد نصير الدين الطوسي (ت 672هـ، 1274م) من أشهر من ألّفوا في علم الأزياج، وقد كان يُلقَّب بالعلامة، وهو أحد الفلكيين والرياضيين العظام. وقد قام ببناء مرصد المراغة عام 657هـ، 1259م وأنشأ فيه مكتبة ضخمة حوت 400,000 مجلد من المخطوطات معظمها نهب في عهد صديقه هولاكو من بغداد والشام والجزيرة، وله مؤلفات كثيرة في الفلك منها كتاب ظاهرات الفلك؛ التذكرة في علم الهيئة؛ كتاب جرمي الشمس والقمر؛ زيج الشاهي الذي اختصره ابن اللبودي وسمّاه الزاهي. كما وضع أيضًا زيج الإيلخاني بالفارسية الذي احتوى على أربع مقالات، الأولى: في التواريخ، والثانية: في سير الكواكب ومواضعها طولاً وعرضًا، والثالثة: في أوقات المطالع، والرابعة: في أعمال النجوم. وقام حسين بن أحمد النيسابوري بشرح هذا الزيج. ثم قام الكاشاني من بعده بإضافة ما استدركه على الطوسي وما استنبطه من أعمال المنجمين وسماه الزيج الخاقاني. وانتقد في كتابه التذكرة في علم الهيئة كتاب المجسطي لبطليموس، واقترح فيه نظامًا جديدًا للكون أكثر يسرًا من ذلك الذي وضعه بطليموس، وكان انتقاده للمجسطي خطوة تمهيدية للإصلاحات التي قام بها كوبرنيكوس فيما بعد.
يعد زيج الملكشاهي من أشهر الأزياج التي وضعت خلال نهاية القرن الخامس الهجري، وقد وضع هذا الزيج عمر الخيام، وهو من أنبغ من اشتغل بالفلك والرياضيات ولاسيما الجبر، إلا أن شهرته في الشعر والفلسفة طغت على نبوغه العلمي. وقد أنجز أفضل أعماله بعد أن اعتزل العمل في صناعة الخيام، وانقطع للتأليف في عهد السلطان ملكشاه. وقد طلب منه ملكشاه عام 467هـ، 1074م مساعدته في تعديل التقويم السنوي، فاستطاع أن يقوم بهذا التعديل الذي صار أدق من التقويم الجريجوري.
أما أشهر الأزياج في أقصى الشرق الإسلامي فهو الزيج السلطاني الجديد، وقد وضعه أولغ بك حوالي منتصف القرن التاسع الهجري، بناء على عمله في مرصد سمرقند الذي رأسه الكاشي. ويتألف هذا الزيج من أربع مقالات: الأولى في حساب التوقيعات على اختلافها والتواريخ الزمنية؛ وهي مقدمة وخمسة أبواب، أبان في المقدمة هدفه من وضع هذا الزيج وأثنى على العلماء الذين عاونوه في ذلك العمل. أما المقالة الثانية: في معرفة الأوقات والمطالع لكل وقت وتحتوي على 24 بابًا، والثالثة: في معرفة مسير الكواكب ومواضعها وتقع في ثلاثة عشر بابًا. أما المقالة الأخيرة فقد أوضح فيها مواقع النجوم الثابتة. وكان هذا الزيج دقيقًا للغاية، وقد شرحه كل من ميرم جلبي وعلي القوشجي، وقام باختصاره محمد بن أبي الفتح الصوفي المصري وطبع في لندن عام 1060هـ، 1650م وترجمت جداوله إلى الفرنسية عام 1264هـ، 1847م. وظل الناس يعملون بهذا الزيج قرونًا عديدة في الشرق والغرب.
وضع غياث الدين الكاشي زيجًا نحو عام 815هـ، 1412م. وهو الذي رصد الكسوفات الثلاثة التي حدثت في الفترة من 809 -811هـ، 1406- 1408م وله في ذلك مؤلفات بالعربية والفارسية، من ذلك زيج الخاقاني. وكان قصده من وضع هذا الزيج تصحيح زيج الإيلخاني للطوسي. ودقق في جداول النجوم التي وضعها الفلكيون في مرصد مراغة تحت إشراف الطوسي. وأضاف إلى هذا التدقيق البراهين الرياضية والفلكية التي سبق فيها معاصريه من الفلكيين، ثم أهدى هذا العمل أولغ بك. وقد صنّف الكثير من الكتب في علم الهيئة باللغتين العربية والفارسية من ذلك نزهة الحدائق وقد شرح فيه كيفية استخدام بعض آلات الرصد التي صنعها بنفسه لمرصد سمرقند، وتمكن بوساطتها من الحصول على تقويم الكواكب وبُعدها وحساب خسوف الشمس وكسوف القمر. كما ألّف أيضًا رسالة سلم السماء، وزيج التسهيلات.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد الرسائل : 1849 عدد نقاط العضو : 4089 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| |
| |
مهرة بيضاء
عدد الرسائل : 476 العمر : 33 عدد نقاط العضو : 472 تاريخ التسجيل : 13/01/2009
| موضوع: رد: العلوم عند العرب والمسلمين الإثنين أغسطس 02, 2010 4:18 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته معلومات قيمة ومباركة ومهمة ومفيدة للجميع بارك المولى بك أخي الفاضل على المجهود المبارك وأسكنك فسيح جناته وفي ميزان حسناتك يوم القيامة
| |
|
| |
| العلوم عند العرب والمسلمين | |
|