حفاضات الجيش الذي لا يقهر
أكد مراسلون وشهود عيان أن الجنود اليهود كانوا يرتدون الحفاضات أثناء القتال خوفًا من القناصة
في عالم مليء بالأحداث السريعة والمتلاحقة والتي تجعل المتابع يلهث وراءها من أجل الوصول إلى المعرفة التامة والتفسير الواضح للحدث، تظل الحقيقة أعز ما يحرص عليه المرء، وأثمن ما يحصل عليه في ظل عبثية الأطروحات، وعدم حيادية التقييمات، والتحريف المتعمد للظواهر والحقائق، في منظومة محكمة تقوم عليها آلة الدعاية العدائية للإسلام، من أجل هدف واحد ألا وهو تخريب الوعي والفهم للأمة الإسلامية، فينقلب الحق باطلاً والباطل حقًا، ويصبح الكذب صدقًا ويقينًا لا يقبل الجدل والمشاحاة، والصدق كذبًا وافتراءً عاريًا من أي صحة، حتى ملئت حياتنا بسلسلة طويلة من الأكاذيب والأساطير المختلقة التي تهدف في النهاية أن يبقى المسلمون أسرى وَهْمٍ قاتل، بأنهم أقل من عدوهم ولا يستطيعون أبدًا منازلته في شتى الميادين، وليس ميدان القتال فحسب، وضرب اليأس بجرانه في أعماق الأمة، وأصيب كثير من أجيالها بعقدة نقص وإحساس بالدونية، يلقي بصاحبه إلى خانة الصفر، حيث شعار ألا فائدة من أي شيء وكل شيء.
الشعوب تتهم حكوماتها بأنها سبب النازلة، ولهم الحق في ذلك ولا ننكره، والحكومات المرتعشة تتهم أمريكا بالانحياز لإسرائيل، وهو حق لا مراء فيه، ولا تخجل منه أمريكا
وفي وقت النوازل تظهر هذه العقدة بقوة؛ حيث يستولي الشعور بالعجز واليأس على قلوب الكثيرين، وما خروج الملايين من المسلمين يبكون ويصرخون من أجل إخوانهم المستضعفين في غزة، إلا صورة من صور هذا العجز الأليم، الذي حطم القلوب وكسر النفوس، ثم يستتبع هذا العجز حالة من الإسقاط المتبادل بين كل الأطراف، فالشعوب تتهم حكوماتها بأنها سبب النازلة، ولهم الحق في ذلك ولا ننكره، والحكومات المرتعشة تتهم أمريكا بالانحياز لإسرائيل، وهو حق لا مراء فيه، ولا تخجل منه أمريكا، وتفخر به في كل موطن، ثم تنقلب الدول العربية والإسلامية تتهم بعضها بعضًا، وتبدأ عملية التراشق الإعلامي بين الدول، وتصبح الحرب حربًا إعلامية متبادلة، والعدو الصهيوني مستمر في بطشه، وتتهم جامعة الدول العربية العديمة الحيلة والفائدة، الهيئات الدولية ومجلس الأمن بتجاهل القضايا العربية والإسلامية، ومؤتمر القمة الإسلامي كان غائبًا تمامًا عن الحدث، لأن قراراته غير ملزمة لأحد، ولا يهتم بها أحد، لذلك لم يشغل بال القائمين عليه قضية الدعوة لمؤتمر قمة عاجل، لأن النتيجة معروفة سلفًا، ، فالهيئات العربية والإسلامية عبارة عن مكلمات فارغة من أي مضمون إلزامي، لذلك فهي ساقطة الهيبة لا يحفل لانعقادها أو لانفضاضها أحد. كما قال الصادق المصدوق: (غثاء كغثاء السيل).
الأمة كلها مدانة، لأنها سمحت لآلة الدعاية العدائية للأمة بأن تصور لها أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الذي لا يقهر، والترسانة الإسرائيلية قادرة على سحق أي قوة بالمنطقة، وذراعها العسكري طويل يبطش بكل من تسول له نفسه التفكير في التصدي للهيمنة الإسرائيلية أو معارضة طموحاتها
والحق الذي لا يقبل جدالاً أن الأمة كلها مدانة، ولكن كل بحسبه، مدانة لأنها سمحت لتيارات التغريب أن تعبث بعقلها، وتعصف بثوابتها، وتلعب بأفكارها، فترفع من تشاء وتضع من تشاء، وتصم من تشاء بكل نقيصة من تشدد وتخلف وتحجر إلى ظلامية وإرهاب وطغيان، وتلمع من تشاء حتى تجعله عملاقًا لا يجرؤ أحد على مجرد النظر إليه، سمحت لآلة الدعاية العدائية للأمة بأن تصور لها أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الذي لا يقهر، والترسانة الإسرائيلية قادرة على سحق أي قوة بالمنطقة، وذراعها العسكري طويل يبطش بكل من تسول له نفسه التفكير في التصدي للهيمنة الإسرائيلية أو معارضة طموحاتها، ومع مر الزمان أصبحت هذه الأسطورة حقًا لا يقبل أي نقاش، وأمثال هذه الأساطير لم يكن لها أن تعشعش في عقول المسلمين إلا عندما نسي المسلمون ثوابتهم ومصدر العلم والتلقي عندهم، وهو المصدر المعصوم المنزل من عند رب العالمين والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا تطوله أصابع التحريف، وغاية ما تفعله معه آلة العبث الإعلامي أن تقطع صلة المسلمين به.
الوقائع والأحداث لتكشف لنا زيف الأساطير التي تحكم عقولنا وتملأ حياتنا، فها هو الجيش الأسطوري الذي ملأ الدنيا ضجيجًا عن قدراته القتالية يقف عاجزًا أمام الفئة المؤمنة التي خذلها الجميع، وها هي الآلة العسكرية الأكبر والأقوى لا تستطيع أن تستعرض عضلاتها إلا على الأطفال والنساء والعزل
ثم تأتي الوقائع والأحداث لتكشف لنا زيف الأساطير التي تحكم عقولنا وتملأ حياتنا، عن عدونا الذي لا يقهر، فها هو الجيش الأسطوري الذي ملأ الدنيا ضجيجًا عن قدراته القتالية يقف عاجزًا أمام الفئة المؤمنة التي خذلها الجميع، وها هي الآلة العسكرية الأكبر والأقوى لا تستطيع أن تستعرض عضلاتها إلا على الأطفال والنساء والعزل، في حين تفشل في دخول غزة إلا من أطرافها، وآخر ما سقط من الأساطير الجندي الإسرائيلي الأكثر جهوزية وخوضًا للمعارك في المنطقة، في ظل منظومة تجنيد تجعل الشعب اليهودي كله تحت الاحتياط حتى سن الخمسين، والذي اتضح للجميع بل قل افتضح للجميع أن من شدة الهول والفزع من المقاومة الإسلامية يرتدي حفاضة الأطفال الرضع الذين يبولون كثيرًا وبلا إرادة، وذلك لسببين: أولهما وهو المعلن، عدم مفارقة المواقع خوفًا من القناصة، وثانيهما وهو الحقيقي: الخوف الشديد والذي يصحبه نوبات تبول لا إرادية، ولو وعت الأمة معنى التمسك بثوابتها في التلقي والمعرفة والحكم على الأمور، لعلمت هذه الحقيقة من كتاب ربنا الذي قال لنا فيه: {لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله}، ولم تكن لهذه الأساطير وأمثالها لتروج على عقول المسلمين.
ونحن في هذه النازلة وأمثالها مدعوون جميعًا للتخلص من نير الأساطير التي تحكم حياتنا وتكبل عزائمنا، وذلك بالرجوع إلى كتاب ربنا وسنة نبينا، فهو الوحي المعصوم الذي نستطيع به أن نتحرر من كل الأوهام التي تسيطر على عقولنا.