شريف عبد العزيز
سعيد صيام صاحب الوجه الهادئ ، والقسمات التي تدل علي سريرة صاحبها ، ومدي صلته بالله عز و جل ، الشيخ الشاب ، والمعلم المجاهد ، الذي ولد وترعرع في مخيم الشاطئ بغزة لأسرة ترجع أصولها إلي عسقلان التي دخلت في خط التقسيم المشئوم ضمن الكيان الصهيوني، فعرف معني أن يكون الواحد لاجئاً في وطنه ، غريباً في بلده، أسيراً في قومه ، فنشأ وهو لا يري أملاً ولا هدفاً في الحياة إلا نصرة القضية الفلسطينية، وتحرير بلده الذي راح ضحية المؤامرات الداخلية والخارجية ، واختار طريق المقاومة والجهاد ، والتضحية والفداء من أجل فلسطين والدين، في حين اختار غيره طريق العمالة والخيانة ليس لنصرة القضية بل للمتاجرة والتربح بها .
بالطبع كان كل قادة حماس في دائرة الاستهداف الصهيوني , و أذياله في المنطقة ، من شيعة التيار الانقلابي بزعامة الفأر المذعور، دحلان الوحلان في الخيانة والعمالة، ولكن من بين قادة حماس جميعاً ، كان للقائد الشيخ سعيد صيام اهتمام خاص وثأر قديم وكبير من الصهاينة وأتباعهم المتصهينين ، الذين أغاظهم بشدة النجاح الكبير الذي حققه القائد الشيخ سعيد صيام ، خلال فترة توليه لمنصب وزير الداخلية في حكومة حماس التي يروق لأبواق الأعداء في بلادنا وصفها بالمقالة .
فلقد كان الرجل طرازاً فريداً من الوزراء ، وبدعاً من المسئولين عن الأمن الداخلي لبلاد الإسلام ، خالف به النهج العام لوزراء الداخلية في بلادنا، والذين أصبحت مهمتهم الحالية والوحيدة حماية الأنظمة ، والدفاع عن الكراسي والعروش المهتزة، بقمع شعوبهم وتكميم الأفواه ، والتنكيل بالمعارضين، ومحاربة أي توجه إصلاحي لا يرضي عنه السادة فيما وراء المحيط , أصبحوا جلادي شعوبهم بعد أن كان يفترض أنهم حماة الحق و سيوفه المصلتة علي الفساد والإنحراف.
جاء سعيد صيام مثالاً يحتذي به في محاربة الفساد وتعقب المجرمين ، والقضاء علي أوكار الدس والخيانة وتصفية جيوب الغدر والعمالة، وقاد دفة وزارة سيادية وحساسة ، في فترة شديدة الإضطراب ، وترأس وزارة كانت معظم أجهزتها تحت أمرة حفنة من الفاسدين والمنحرفين والموالين للمشروع الصهيوني الإستسلامي ، والمتاجرين بالقضية لمن يدفع أكثر ، فاستطاع أن يحقق في فترة وجيزة ما لم يستطع أحد من سائر قادة فلسطين جميعاً أن يحققه ، وسار في حقل ألغام مليء بالأشواك والصعاب والعراقيل من اجل تطهير فلسطين من دائها ومصدر بلائها , الخونة والفاسدين ، وأنشأ القوة التنفيذية التي كانت بمثابة الذراع العسكري الذي تولي قطع ذيول الصهاينة في المنطقة ، والضرب بيد من حديد علي رؤوس الفساد والخيانة ، وهي القوة التي أذهلت ليس إسرائيل ونعالها في المنطقة فحسب ، بل في العالم بأسره ، إذ استطاعت أن تستأصل الفساد والخيانة من غزة في أيام معدودات علي الرغم من التفاوت الكبير في العدد والعدة لصالح التيار الإنقلابي والصهيوني هناك ، وهو الأمر الذي أشعل نار حقد وغيظ في قلب كل متصهين وعميل لإسرائيل في المنطقة ، وعلي رأسهم بالطبع الفأر المذعور ، والذي نال قسطاً وافراً من الإهانة والتنكيل والتبكيت من سادته وأوليائه في المنطقة ، والذين خدرهم لفترات طويلة بوعود كاذبة عن قبضته الفولاذية علي الأجهزة الأمنية في غزة والضفة ، حتى اعتبروه رجلهم أو بالأحرى نعلهم الأول في المنطقة ، حتى بدد سعيد صيام ورجاله من القوة التنفيذية هذا الوهم الكبير.
لذلك كان مكتب سعيد صيام في غزة هو أول النقاط التي تم إستهدافها ، من قبل طائرات الإحتلال الصهيوني ، عقب أحداث غزة في شهر يوليو 2007، والذي أطاحت فيه قوة سعيد صيام التنفيذية بسلة نفايات الخيانة و العمالة الدحلانية إلي خارج غزة ، ورغم التهديد المتواصل الذي كان يتعرض له القائد سعيد صيام ، ومحاولات الاغتيال المتكررة ، إلا انه أصر علي مواصلة الكشف عن الخونة و المجرمين الذين نكبت فلسطين علي أيديهم لعقود طويلة ، وقبل عام ونصف من الآن وقف الرجل في مؤتمر صحفي عالمي ليكشف بالوثائق المؤكدة والتي كانت تحمل حقائق مذهلة ومروعة، عن حجم الخيانة والفساد في حكومة محمود عباس المنتهية ولايته، والتي كانت زاخرة بالمواقف والأسماء والأرقام والأرصدة الدالة علي تورط القيادة الفلسطينية من رأسها إلي قدمها في الخيانة والفساد ، والمدوي في هذا الأمر أن الوثائق كشفت عن تورط العباسيين في التجسس والإضرار بمصالح بعض الدول المجاورة، والتي وللأسف الشديد لم تحفظ هذا الصنيع الجميل من جانب حكومة حماس وتتهم الآن بخنقها والإجهاز عليها.
الحقائق التي كشف عنها سعيد صيام، ونجاحاته الكبيرة وفي فترة وجيزة ، وضربه من يد من حديد علي رؤوس الخيانة والفساد في المنطقة ، جعلت الرجل علي رأس قائمة التصفية الصهيونية ، وأكبر مطلوب لأعداء الأمة، وكان هو يعلم ذلك علم اليقين ، فلم يغادر مكانه ولم يفارق موقعه وظل يمارس عمله حتى آخر لحظة من عمره القصير الحافل بالعطاء والفداء ، ولم يختبئ تحت الأرض كما كان يزعم الخائن الذليل صاحب الوجه القبيح والفعل الأقبح ، فأر غزة المذعور ، الذي بان كذبه ونفاقه للعالم أجمع .
ومهما يكن من حال ، فإن الرجل قد نال ما سعي له ، وحاز مكافأة نهاية الخدمة الطويلة لدينه وبلده ، وارتقي في السلم الأروع ، وحفر اسمه في السجل الأنصع ، والتحق رفقة زملائه من الشهداء الأبطال – فيما نحتسبهم جميعاً عند الله عز و جل – ولتنم أعين الجبناء والعملاء ، ولكن إلي حين فإن وراءهم مطالب لن يغفل عنهم ما دامت السموات والأرض وما فيهن , والله غالب علي أمره ولكن الخونة والمنافقين لا يعلمون .