ُذكر ابن القيم رحمه الله تعالى هذه القصة الجميلة فقال:
إن رجلا لاحظ سربًا من النمل يزحف على الأرض أمامه فراح يراقبه عن كثب.
ولفت انتباهه نملة بعيدة عن زميلاتها تبحث بجد هنا وهناك عن غذاء لها ولرفيقاتها، فخطرت له فكرة
أتى بقطعة حلوى ووضعها أمام تلك النملة البعيدة عن رفيقاتها
فراحت تحاول جاهدة سحبها ولكنها لم تستطع فقد كانت ثقيلة جدا فما كان منها إلا أن ذهبت مسرعة إلى أخواتها ولاشك أخبرتهن بما حصلت عليه فما هي الا لحظات حتى توجه الجميع إلى موقع تلك الحلوى ليتعاونوا في حملها.
وقبل أن يصلوا الى المكان قام الرجل برفع قطعة الحلوى وإخفائها.
فوجئ جمع النمل بالمكان خاليا وبدأ يراوح مكانه و يلتف حول النملة بحركات سريعة.
فكأن سرب النمل كله كان يلوم ويوبخ تلك النملة المسكينة ثم تركوها وعادوا من حيث ما جاؤا.
ووقفت النملة مكانها وكأنها مهمومة فقد كانت صادقة وليست كاذبة.
فما كان من الرجل إلا أن أعاد وضع قطعة الحلوى مرة أخرى أمام تلك النملة التي فوجئت بوجودها وحاولت مرة أخرى أن تجرها ولكن عبثا.
ولما لم تستطع أسرعت إلى زميلاتها ومضى بعض الوقت وكأنها تحاورهم وتقنعهم بالقدوم معها لجر تلك القطعة وفعلا جاءت بالمجموعة مرة أخرى لتغنم بذلك الصيد الثمين.
فما كان من الرجل إلا أن رفع قطعة الحلوى وأخفاها للمرة الثانية قدم النمل مسرعًا إلى المكان الموعود ليفاجأ ويجده خاليًا مرة أخرى.
وأمام ذهول الرجل انقض كل النمل فجأة على النملة وأجهز عليها.. نعم قتلت النملة بسب الكذب.
أخي الحبيب, أختي الغالية
الكذب كلمة تشمئز منها نفوس الناس وصفة يمقتها الله تعالى
وهو خصلة خبيثة تجر إلى خصال خبيثة كثيرة.
والكذب ليس من خصال المؤمنين أبدا قال تعالى: "إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بأيات الله وأولئك هم الكاذبون" . وقد توعد الله الكاذبين بقوله :ويل لكل أفاك أثيم".
والكذب صفة من صفات المنافق والذي هو في الدرك الأسفل من النار
واسمع ما يقوله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "آية المنافق ثلاث : إذا حدَّث كذب، وإذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف" حديث صحيح رواه البخاري
وعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقًا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب، حتى يكتب عند الله كذابًا" حديث صحيح رواه البخاري.
وجاء في حديث سمرة بن جندب الطويل عن الرؤيا التى رأها النبي صلى الله عليه وسلم والتي رأى فيها أنواعا من العقوبات تصيب أقواما من أمته
قال عليه الصلاة والسلام: فانطلقنا ، فأتينا على رجل مستلق لقفاه ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه - قال :
وربما قال أبو رجاء : فيشق - قال : ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى
وفي نهاية الحديث بين صلى الله عليه وسلم ذنب ذلك الرجل ليستحق تلك العقوبة فقال: فإنه الرجل يغدو من بيته ، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق. حديث صحيح رواه البخاري.
ما أخف الكذب على اللسان وما أثقله في الميزان؟!!
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الصادقين وأن يجنبنا الكذب وسخطه
اللهم آمين