الجزء السادس والاخير كيف تأكل لتنجح
أهلا بك عزيزي القارئ في هذا الجزء الأخير من سلسلة كيف تدرس لتنجح، وأنا على قناعة تامة بأنك إذا قمت بما أخبرتك به من تدريبات فقد بدأت ترى في نفسك وفي قدراتك أمورا جميلة، منذ البدايات وطرق التذكر
والحفظ باستخدام آلية التحديد والتركيز مع التكرار والربط ثم الراحة، ومرورا بطرق التعامل مع المعلمين ومع المادة الدراسية باستخدام المراقبة واستخدام الأسئلة الذكاء، ومرورا كذلك بتوزيع الوقت وآليات تقليل التشتت أو عدم التركيز لتوجيهه نحو التركيز الأساسي على الهدف الرئيس والذي لا يعدو آونه ذلك الجزء الصغير الذي تعمل على انجازه من المادة الكبيرة التي تقوم بدراستها، وانتهاء بطرق التخيل الابتكاري والتي إن أحسنت استخدامها ودمجها مع ما سبقها فسوف تكسب فوائد كثيرة.
لنفرض أنك ترى أمامك تفاحة، كيف علمت أنها تفاحة؟؟ لقد رأيتها وأمسكت بها، أي نقلت معلومات إلى دماغك،ثم قام الدماغ بربط هذه المعلومات مع ما هو موجود لدیه في مخازن الذاكرة ) أنت لم تعلم وحدك أن هذه تفاحة، فهناك في الماضي عندما آنت صغيرا، أخبرك أحدهم أن هذه تفاحة، واعلم أن لكل شيء في حياتنا، هناك أول مرة(، فأنت تعلمت أن هذه تفاحة، وعندما رأيتها قام دماغك بعملية الربط بين الواقع والمعلومات السابقة التي لديه، فخرج بنتيجة أن هذه تفاحة تؤكل وليست حجرا يرمى . هذه العملية الطويلة، هي في الواقع ماهية التفكير، وهي تأخذ في الدماغ أجزاء صغيرة جدا من الثانية حتى تكتمل، فسبحان الله أن هدانا لنعلم فضله علينا وعلمنا ما لم نكن نعلم. حسنا .. أراك تسأل نفسك مستغربا، مالي أنا ولكل هذا، أنا لدي امتحان بعد أيام قلائل، وأنت تخبرني بقصص
وحكايات لا فائدة منها. ومن قال لك ألا فائدة منها؟ أنا أقول لك، بما أن تقوية الدماغ والذاكرة، ورفع القدرة على الإستيعاب والربط واسترجاع المعلومات من مخازن الذاكرة بسهولة ویُسر وسرعة، هي خلاصة ما نصبوا إليه، فمن هنا يجدر بك أن تقوم بتقوية هذه العوامل المتداخلة بما تحتاج هي إليه. وبما أن الدماغ يعمل كالمحرك فلكي يعمل بأفضل صورة لا بُدّ له من أفضل أنواع الوقود، ألا وهو الأكسجين، وبهذه المعلومة البسيطة أستطيع أن أقول لك، تنفس بعمق، واملأ تجویف بطنك ثم رئتيك بالهواء النظيف، وتعود على طريقة التنفس التي ذكرناها اكثر من مرة ( تنفس بعمق الى البطن حتى العد 3 ثم حافظ على الهواء لثانيتين وبعدها أخرج الهواء حتى العدد 5)). بالعربي الهوا ببلاش فكتِر منه (.
أنت تعلم أن معظم هذه الأرض التي نعيش عليها مكون من الماء، وتعلم أيضا أن معظم جسدك أنت مكون من الماء، ومع ذلك لا تشرب منه إلا عندما تشعر بالعطش، خطأ كبير، عليك أن تعتاد شرب الماء بكثرة (8 كؤوس یوميا(، فشرب الماء والعصائر الطبيعية یُبقي ذهنك صافيا صاحيا، فتزداد قدرته على التركيز والاستيعاب للمعلومات الكثيرة التي تنتقل إلى الدماغ، ويزيد أيضا من فاعلية الربط عند الدماغ مع ما هو موجود أساسا في مخازن الذاكرة، وأضف إلى ذلك أنه يزيد من قدرة الذاكرة قصيرة المدى على الاحتفاظ بالمعلومات لفترات أطول، تكون أنت خلالها قد بدأت بالمراجعة والتكرار لكي تنتقل المعلومة إلى الذاكرة طویلة المدى . أمرٌ أخيرٌ صغير: إذا شعرت بالخمول أو التعب في فترة ما بعد الظهيرة، فاشرب كأسين من الماء.
آآه، آدت أنسى ، ابتعد عن شرب المنبهات مثل القهوة والشاي ومشروبات الطاقة في فترة الدراسة للإمتحانات، لأنها تخفض من قدرة الذاكرة قصيرة المدى بشكل كبير، وبدل ذلك إشرب عصائر طبيعية لا سيما الجزر والميرمية والفراولة، فهذه لها قدرات رائعة على تقوية الذاكرة.
أما الغذاء نفسه فعليك بالتركيز على الفيتامينات وبعض الكربوهيدرات والبروتين النباتي وبعض الحيواني،إبدأ يومك بأكل الفاكهة والألبان، ضع زيت الزيتون من ضمن قائمة الإفطار، إحرص خلال أوقات الدراسة المكثفة على تناول الأطعمة سريعة الهضم وذات القيمة الغذائية العالية، لماذا ؟؟ لأنك بحاجة إلى
الوقود، وهذا النوع من الأطعمة يتم هضمه بسرعة ويتحول إلى وقود بصورة أسرع بكثير من غيره. تجنب أكل الكثير من الطعام في وجبة واحدة لأنه آما قيل قديما فإن البطنة تُذهبُ الفطنة، فينشغل الدماغ بتوجيه القوى العاملة لديه من دماء وتركيز، إلى معدتك بدلا من رأسك لأن الأولوية هناك، حيث يحتاج
لتحويلها إلى وقود یستخدمه، فيخفُّ التركيز في دماغك وتشعرَ بالتعب والإرهاق.
بما أننا نتحدث عن الوقود، فكلما آنت ممارسا للرياضة آلما ازداد نشاطك، وأصبح جسدك يحول الطعام إلى وقود بصورة أسرع، وتكون كمية الدماء التي تصل إلى الدماغ أكثر وأسرع، وهي محملة بالطاقة وبالأكسجين بصورة أفضل، يكون ذهنك أكثر صفاء وتركيزا. وإذا أحسست يوما بضغوط نفسية وجسدية كبيرة، قم والعب رياضة الجري خارج البيت أو داخله لمدة 30 دقيقة. ثم اجلس ومارس تمارين التنفس التي ذكرناها سابقا لمدة خمس دقائق، وبعد ذلك إشرب كأسين من الماء أو العصير الطبيعي، فتجد نفسك عائدا للدراسة وذهنك صاف وتركيزك مرتفع بإذن الله .
الراحة / النوم العميق : لا بد لك ولجسدك ولعقلك من فترات راحة، لذلك إحرص على أن تنال قسطا وافيا منها، وبعد الساعة الدراسية الثالثة، عليك بزيادة وقت الراحة، ولا ضير من شرب العصير طازج، أو حبة فاكهة، وإذا استطعت أن تضع في العصير بعض الجزر،الفراولة، الميرمية، الزنجبيل الطازج، العسل.. فافعل، لأن كل ما ذكرت يساعد على تقوية الذاكرة قصيرة المدى) طبعا أنت لن تضع كل ما ذكرت لك في كأس واحد، تشربه ثم تأتي إليّ شاكيا من سوء طعمه، استخدم رغبتك وذكاءك في دمج ما تراه مناسبا).
قبل وبعد كلِّ ما ذُكر، لا تنسى أن تطلب المساعدة من الله، فهو الذي خلقك وهو أعلم بك من نفسك، وقد قال عنك أنت أنه خلقك في أحسن تقویم، ومن الأمور الجميلة التي أحب أن أختم بها هذا السلسلة، أن الله تعالى كان عندما يسأل الناسُ سيدنا محمد )ص(، یذكر الله ذلك في كتابه ویقول لنبيه المصطفى " يسألونك ... قل " "ويسألونك... قل" ، إلا في مكان واحد عندما سألوه عن الله عزّ وجلّ" وإذا سألك عبادي عنّي فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان.." البقرة( 186 )، هنا انتقلت الإجابة بعد السؤال فكانت من الله مباشرة إلى الناس، دون وسيط بينك وبين الله، فاسأله ما شئت وأنت متيقن واعتقادك صادق جازم بأن الله سيجيبك إلى طلبك، وسيجيبك.. إنه هو السميع العليم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، ومع خالص دعائي لجميع الطلاب والطالبات
بالنجاح الذي تقر به أعينكم ويفرح له قلبكم.
م.طالب طلال ادكيدك
مركز إشراقة للتدريب ومهارات التفوق
القدس، فلسطين