( حلقة دامية من مسلسل المؤامرة الكبرى ..!! ) .. نبيل مصيلحي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان البعض حسن النية يظن أن ( كامب ديفيد ) 2000 نقطة بداية لمبادرة أمريكية نظيفة على طريق السلام , فقد خاب ظن هؤلاء .. فما سعت وتسعى إليه أمريكا غاية استعمارية أرادت تقديمها على طبق من ذهب لإسرائيل , أو بمعنى آخر , أراد (كلينتون ) أن يقدم تنازلات ( ياسر عرفات ) على طبق من ذهب ( لباراك ) قبل إنتهاء مدة رئاسته لأمريكا ..!!
وقد فطن ( ياسر عرفات ) للعبة , وامتنع عن تناول الطُعم الأمريكي الإسرائيلي ,
وخرج من مصيدة التنازلات .. الأمر الذي أدى إلى فشل ( كامب ديفيد ) 2000 ــ الجانب الفلسطيني ــ وكانت صفعة على وجه أمريكا وإسرائيل , وبمجرد فشل المفاوضات ظهرت نوايا قداسة ( كلينتون ) راعي السلام , وأعلن في غيبة من وعيه نقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الشرقية , ليزداد حدة الخلاف ويؤكد نواياه الخبيثة وانتمائه لليهود . وتمضي أيام قلائل لتشرق ملامح مؤامرة أخرى للإطاحة بالشعب الفلسطيني ومحاصرته وتجويعه داخل ما يسمى بوطنه , فأمريكا هي الأم لإسرائيل , وانجلترا هي التي وعدت بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين عام 1917 ( وعد بلفور ) أسكنه الله وكل الأوغاد جهنم .
وبدأت حلقات التمثيلية الشيطانية القذرة بزيارة ( إريل شارون ) بطل مجازر ( صبره وشتيلا ــ بحر البقر ــ أبو زعبل .. ) , والذي خضَّب يده بدماء الأطفال الأبرياء , وخرج من محاكمته غير مدان , ليقلده الخنزير ( باراك ) منصباً في حكومة إتلافية وطنية .
فقد ذهب العجوز الغبي ( شارون ) إلى المسجد الأقصى بالإتفاق مع حكومة ( باراك ) في حراسة 3000 من جنود إسرائيل مدججين بالسلاح , وكان الرصاص الحي الإسرائيلي ... ضد الهتاف الفلسطيني .. قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ والشباب , ولم يفرق الخنازير بين الأطفال والكبار , وبرغم استعطاف ( الدرة ) واسترحامه أن يكفوا الضرب عن ابنه ( محمد ) ابن الــ ( 12 ) سنة . إلا أنهم كما نعرفهم لا بصر ولا بصيرة .
وانتقلت الشرارة إلى الأراضي المحتلة والمحاصرة . وهم يضربون بالأسلحة المحرمة , والأطفال والشباب يواجهون الرصاص بالحجارة ..!! , حتى وصلت المواجهة استخدام إسرائيل للمروحيات والصواريخ والقنابل والدبابات والبلدوزرات لهدم البنية التحتية التي أقامها الفلسطينيون على أرضهم , لتصبح الإنشاءات مساوية تماماً بالأرض من جديد , وهذا دأب اليهود ودأب الدول التي يسكنها أقلية مسلمة , كلما قامت للإسلام قائمة , اُفتعل الخلافات وأطاحت هذه الدول بالأقلية حتى لا تقوم لها قائمة , كالذي حدث في ( سراييفو .. البوسنة والهرسك .. الشيشان ) , ولم تصغ إسرائيل لأي نداءات .. أدانها مجلس الأمن بـ ( 15) صوتاً مقابل امتناع أمريكا عن التصويت , ومع تزايد شهداء الإنتفاضة , خرج حزب الله فأسر ثلاثة من الإسرائليين , قامت إسرائيل وانتفخت أوداج ( باراك ) وقام يهدد ويندد سوريا ولبنان , وقام إثنان من الإسرائيليين , وسرقا سيارة ( عرفات ) وشحنوها بالمتفجرات , وتخفوا في الزي الفلسطيني , لتفجير السيارة وسط مظاهرات الشباب الفلسطيني , فكشفهم الله وكان جزائهم القتل .
ولا غرو أن تنقلب الدنيا لموت إسرائيلي وتتحرك القوى السياسية العالمية لإدانة رد الفعل الفلسطيني , وقد تتجاهل عن قصد إدانه الإعتداءات والتجاوزات الإسرائيلية اليومية على الفلسطينيين .
وعلى الصعيد الأمريكي الفردي فقد اتخذ ( جورج بوش ) هذه الإحداث فرصة لكسب الأصوات اليهودية ــ الأمريكية ــ ويعلن تأييده لإسرائيل كما قامت ( هيلاري كلينتون ) زوجة الرئيس الأمريكي بقيادة مظاهرات في أمريكا لتأييد إسرائيل , فجورج بوش الابن اقتنص الفرصة للوصول كرسي الرئاسة الأمريكية , وهيلاري للوصول إلى سيناتور أمريكي في الكونجرس , وهكذا تظهر البرجماتية الأمريكية على حقيقتها في عيون وقلوب حكام الغد ..!!
فهذه هي أمريكا الأم الحنون لإسرائيل المدللة , وهذه هي إنجلترا صاحبة وعد 1917 ــ بلفور ــ المشئوم , وهذه دول أوروبا التي استغلت الفرصة وصدرت الإسلحة إلى إسرائيل ,فقامت دولة إسرائيل .. هذا هو العالم من حولنا . فماذا سيكون موقف العرب , هل ستقاطع وتتحد تحت راية الوحد العربية . أم ستترك اخوان القردة والخنازير وعبدة الطاغوت يظفرون من وراء تفرقهم , وزيادة الحصار والتجويع والسلب والنهب والقتل لشعب فلسطين . ولم تنته أحداث المسلسل بعد .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر هذا المقال بجريد ( أخبار الشرقية ) بتاريخ 25/12/2000 ..
( 10 ) سنوات بالتمام والكمال عمر هذا المقال , والحال كما هو , بل وصل إلى الأسوء , وموقف الأمريكان لم ولن يتغير تجاه الصهاينة , وما زال العرب ينتظرون أن تمطر السماء انتصارات .. دول العالم تتتوحد ويفرقوننا , والسيناريوهات الإستعمارية معدة مسبقاً لمن يأتي دوره ..
هذا من أسباب نشر المقال بعد عقد من الزمان .. !!